بقلم:عماد الدين حسين
من الواضح أن هناك قوى مختلفة تسعى بكل الطرق إلى إشعال الفتنة بين الشعبين المصرى والسودانى على خلفية الأزمة الصعبة التى يعشيها السودان الشقيق بعد اندلاع الاشتباكات العسكرية بين القوات المسلحة النظامية وميليشيا الدعم السريع منذ يوم السبت ١٥ أبريل الماضى.
الضحية الأولى لهذا الصراع العبثى هو الشعب السودانى الذى يدفع الثمن الرئيسى من حصار وخوف ورعب ومرض ومعاناة كاملة فى الحصول على الماء والشراب والدواء والكهرباء والوقود وقبل ذلك وبعده المحافظة على حياته.
وبسبب هذا الصراع فإن بعض المواطنين السودانيين قرروا مغادرة بلادهم مضطرين إلى أى دولة من الدول السبعة المجاورة للسودان.
ومن الواضح أن عددا كبيرا منهم اختار القدوم لمصر، فهى أولا دولة عربية شقيقة وثانيا فإن العادات والتقاليد متقاربة، ثم إن مستوى المعيشة والخدمات تعتبر أفضل كثيرا مقارنة بالعديد من الدول الأفريقية.
المهم هناك مجموعات وجروبات كثيرة على وسائل التواصل الاجتماعى تضم العديد من الإخوة السودانيين المقيمين فى مصر، منذ فترة، أو القادمين إليها حديثا هربا من الأزمة. وفى هذه الجروبات يمكن بسهولة اكتشاف بعض الأشخاص الذين يسعون لبث بذور الفتنة بين الشعبين بوسائل غاية فى اللؤم والخبث وبالتالى علينا جميعا مصريين وسودانيين الانتباه لهذه المحاولات حتى لا نقع فى مصيدتها.
بصفة عامة فإن غالبية السودانيين المقيمين فى مصر طيبون ولا نستطيع أن نفرق بينهم وبين المصريين، ويمارسون حياتهم مثل المصريين تماما، واليوم لا أتحدث عن هؤلاء، بل عن قلة تسعى بكل الطرق لإفساد علاقات البلدين.
بطبيعة الحال فإن هناك فارقا كبيرا بين السودانى حينما كان يحضر للقاهرة قبل الصراع، وبين حالته حينما يأتى مضطرا هذه الأيام، لأنه حينما يغادر بلاده إلى أى مكان ولو كان الجنة فإنه سوف يشعر بأنه لاجئ.
وبالتالى فإن حوارات ومناقشات غالبية القادمين لمصر هذه الأيام تتحدث عن ظروف الخروج من السودان وحتى وصولهم لمصر، وما تتضمنه من صعوبات طبيعية متوقعة فى ظل تداعيات الاشتباكات العسكرية وكيفية الدخول خصوصا للشباب صغار السن وارتفاع أسعار المواصلات والأماكن المناسبة لظروف سكن السودانيين فى القاهرة أو المحافظات المختلفة.
وبطبيعة الحال أيضا فإنه يمكن تفهم الصعوبات التى يمكن أن يواجهها أى شخص ترك بلده مضطرا وقرر القدوم لدولة أخرى.
رغم كل ما سبق فإن نقاشات الإخوة السودانيين على الجروبات المختلفة مفهومة وطبيعية، لكن وسط كل ذلك تجد بعض الناس يحاولون إفساد الأمور والإساءة لمصر والمصريين بمناسبة ومن دون مناسبة.
يمكن أن نفهم حالات فردية لبعض السودانيين القادمين حديثا من قبيل أن يواجهوا مشكلة مع سائق تاكسى أو صاحب بيت أو شقة أو أى شخص مصرى، لكن أن يتم التعميم والإساءة لكل مصر والمصريين، فهنا ينبغى على الإخوة السودانيين الموجودين فى مصر الفرز الجيد، وعدم الانسياق وراء هذه التعميمات، والأهم ألا يصدق بقية الإخوة فى السودان ذلك ويدركون خطورة محاولات زرع الفتنة بين البلدين.
فى جروب يسمى «السودانيين فى جمهورية مصر، القروب الرسمى» هكذا بنفس أخطائها اللغوية، يمكنك أن تجد مكان الكثير من المنشورات التى تتحدث عن علاقات الشعبين المتينة، لكن هناك البعض الذى يبث الكثير من السموم مثل قول أحدهم: «لا قدر الله، إذا رجعت بعد كدا دا لو بقا آخر دولة فى العالم ما أمشى فيها»!! وبعد يومين من كتابة هذا المنشور كان هناك ٢٤٥ تعليقا و١١٠ إعجابات.
وللموضوعية فإن غالبية التعليقات السودانية كانت ضد المنشور، وبعضهم وصفه بأنه ربما يتعمد ذلك، أو مراهق لا يدرى من الأمر شيئا.
الحمد لله أن الغالبية من السودانيين طبيعيون، ومثيرى الفتنة قلة، لكن علينا فى هذه الأوقات العصيبة أن نفضح هؤلاء ونعزلهم، حتى لا يتسببوا بحسن أو سوء نية فى الإساءة للعلاقات شديدة الحساسية، كان الله فى عون الشعب السودانى حتى تنجلى هذه الغمة.