بقلم:عماد الدين حسين
من أفضل القرارات التى اتخذتها الحكومة فى الفترة الأخيرة وقف أى مشروعات جديدة تتضمن وجود مكون دولارى بها، وكذلك رفع سعر توريد طن القمح من الفلاحين من ألف إلى ١٢٥٠ جنيها بنسبة زيادة ٢٥٪.
اليوم سأناقش القرار الأخير الخاص بالقمح والذى أعلنه الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء يوم الأربعاء الماضى، تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى.
السعر الجديد بالأرقام أعلى بنسبة ٤٠٪ عن سعر التوريد العام الماضى، والهدف تشجيع المزارعين على التوسع فى زراعة القمح، حتى تتمكن الحكومة من جمع ٤ ملايين طن قمح محلى فى موسم الحصاد الذى سيبدأ فى أبريل المقبل، مقارنة بـ ٤٫٢ مليون طن فى العام الماضى.
فى تقدير حسين أبوصدام نقيب الفلاحين فإن رفع سعر أردب القمح يحقق هامش ربحية مرتفعة للفلاحين، لكن والكلام لأبوصدام فهو أقل من السعر العالمى.
أبو صدام قال لموقع «سى إن إن» بالعربية إن متوسط إنتاجية الفدان الواحد تصل إلى ٢١ أردبا بقيمة إجمالية ٢٧ ألف جنيه، أى نحو ٩٠٤ دولارات للفدان مقابل متوسط تكلفة عشرين ألف جنيه، ٦٧٠ دولارا، بواقع متوسط ربحية ٧ آلاف جنيه للفدان ٢٣٤٫٥ دولار للفدان.
فى تقدير أبو صدام أيضا فإن السعر الجديد يعوض ارتفاع تكلفة الإنتاج، لأنه أفضل كثيرا من سعر العام الماضى، والذى بلغ ٨٥٠ جنيها للأردب، «٢٨٫٥ دولار» لأعلى درجة نقاوة، وكذلك زيادة عن أول طرح للسعر هذا العام والذى كان معلنا عند ألف جنيه «٣٣٫٥ دولار» قبل موسم الزراعة.
مرة أخرى قرار الحكومة مهم جدا وينبغى أن نحييها عليه، لكن هناك العديد من الملاحظات التى ينبغى أن نلتفت إليها طالما أننا نتحدث عن ضرورة دعم الفلاحين المصريين.
الملاحظة الأولى أن التغير فى سعر قيمة الجنيه المصرى ينبغى أن يكون حاضرا فى عملية التسعير، لأن الدولار فى بدايات العام الماضى كان يساوى ١٥ جنيها فى المتوسط، والآن قفز سعره إلى ثلاثين جنيها، وهو ما يعنى أن الجنيه تراجعت قيمته بنسبة تقترب من مائة بالمائة.
من الأرقام الملفتة للنظر أن سعر طن القمح قبل اندلاع الأزمة الأوكرانية كان نحو ٢٧٥ دولارا، وقت كان الدولار يساوى ١٥ جنيها مصريا تقريبا، ثم ارتفع سعره مع تداعيات الحرب وتجاوز الـ ٥٠٠ دولار.
الآن سعر الطن فى بورصة القمح العالمية ٣٣٧ دولارا من دون تكاليف الشحن والتفريغ طبقا للدكتور نادر نور الدين الخبير الزراعى المعروف، الذى يقول فى رسالة وصلتنى منه الأسبوع الماضى عبر الواتساب، إن هذا السعر طبقا لآخر صفقة قمح روسى استوردتها وزارة التموين الأسبوع الماضى، وبالتالى يكون سعر الطن بالجنيه المصرى ١٠١١٠ جنيهات لطن القمح الروسى، فى حين أنها تشتريه من الفلاح بعد الزيادة الأخيرة بنحو ٨٣٣٧ جنيها، أى أقل من سعر الطن العالمى بنحو ثلاثة آلاف جنيه للطن، وإذا أضفنا تكاليف الشحن والتفريغ فإن سعر الطن المستورد أكثر بنحو خمسة آلاف جنيه تقريبا.
إذا صحت الأرقام السابقة فإن على الحكومة أن تواصل النظر فى مزيد من الدعم للفلاح المصرى، لأنه الأولى بالرعاية والدعم.
نعرف جميعا أن مصر أكبر مستورد للقمح فى العالم، فهى تستورد أكثر من ١٢ مليون طن سنويا تمثل أكثر من نصف استهلاكها من القمح، ونعرف أن ٨٠٪ من وارداتنا كانت تأتى من روسيا وأوكرانيا، ونعرف أننا كنا الأكثر تضررا تقريبا من هذه الأزمة، وبالتالى فإن أحد الدروس المهمة هى ضرورة أن ندعم الفلاحين والمصنعين المصريين بكل الطرق الممكنة، على الأقل لإقناعهم بالاستمرار فى الزراعة والصناعة.
خلال زياراتى لقريتى فى أسيوط، والحديث مع العديد من الفلاحين فإن بعضهم يقول إن العائد من الزراعة لم يعد مجديا خصوصا بعد ارتفاع تكاليف الإنتاج، وبالأخص الأسمدة والبذور، والبعض يقول إنه لو باع الأرض ووضع العائد فى البنك بفائدة ٢٥٪ أو حتى ١٧٪ سيكون أوفر وأفضل له.
قد يكون الكلام السابق ناتجا عن الأوضاع الصعبة التى يمر بها الفلاحون، وبالتالى فإننا جميعا مطالبون بتقديم كل ما يمكن من دعم للمزارعين، خصوصا الذين يزرعون المحاصيل الأساسية مثل القمح. والمصنعين الذين يوفرون لنا سلعا مهمة للسوق المحلية، أو يصدرون للخارج فيوفرون لنا العملات الصعبة.