بقلم:عماد الدين حسين
حينما قررت مجموعة البريكس ضم ٦ دول جديدة مهمة وهى مصر والإمارات والسعودية وإيران وإثيوبيا والأرجنتين إلى عضويتها، سألت فى هذا المكان قبل أيام: كيف سترد الولايات المتحدة والدول الغربية على هذه الخطوة المهمة؟!
مبعث السؤال كان أن توسيع البريكس سيعنى ضمن توقعات كثيرة زيادة النفوذ الصينى وربما الروسى ومعهما بقية المجموعة البرازيل والهند وجنوب أفريقيا.
وفى هذه المقالات عرضت لرؤية أحد كتاب الفورين بوليس وهو «راجا موهان» الذى قال بوضوح إنه على أمريكا والغرب ألا يقلقا. بل عليهما اللعب على التناقضات الداخلية لمجموعة البريكس وما أكثرها من وجهة نظر الغرب.
وكنت أحاول جمع معلومات وبيانات لمحاولة قراءة الردود الأمريكية المتوقعة على خطوة توسيع البريكس إضافة إلى السباق الأمريكى المحموم لمواجهة الصين فى جميع المجالات.
لكن للموضوعية لم أتوقع مطلقا أن يأتى الرد الأمريكى بمثل هذه السرعة الخاطفة حينما رعى الرئيس الأمريكى شخصيا إطلاق مبادرة الممر الاقتصادى الدولى الجديد الذى يبدأ من الهند إلى الجزيرة العربية بحرا عبر بحر العرب وصولا إلى شواطئ البحر المتوسط عبر إسرائيل، ومنها إلى إيطاليا وألمانيا، إضافة إلى خط سكة حديد آخر من السعودية إلى العراق إلى تركيا ومنها إلى أوروبا أيضا.
غالبية الخبراء السياسيين والاقتصاديين يقولون إن هذا الممر الاقتصادى هدفه الأساسى هو ضرب مبادرة «الحزام والطريق» الصينية، إضافة إلى أى تجمعات وتحالفات تنسجها الصين أو تكون عضوا فاعلا فيها، لقطع الطريق عليها.
الرد الأمريكى على الصين ومجموعة البريكس جاء أسرع مما توقعه كثيرون. والملفت للنظر أن عددا مهما ومؤثرا من الأعضاء المشاركين والفاعلين فى مجموعة بريكس وهم الهند والسعودية والإمارات هم أنفسهم الأعضاء الفاعلين فى المشروع الاقتصادى الجديد الذى يبدأ من الهند وينتهى إلى أوروبا وبرعاية أمريكية مباشرة، وبالتالى يصبح السؤال هنا: لأى محور أو جماعة أو مبادرة سوف تنحاز هذه الدول الثلاث، هل للصين أم للولايات المتحدة، أم تسعى للحصول على المميزات فى الجانبين ولا تصبح بيادق فى هذا المحور أو ذاك؟.
عموما ليس هذا موضوعنا اليوم، لكن نحن نحاول هنا مناقشة المحاولات الأمريكية للتصدى للصين فى العديد من المحاور والمناطق والمجالات. محاولات الولايات المتحدة لاجتذاب الهند إلى جانبها لا تخفى على أحد، وكثيرون تحدثوا عن أن واشنطن تسعى بكل الطرق لإغراء وإغواء نيودلهى كى تبتعد عن بكين. ورأينا الحفاوة الأمريكية الرسمية من جانب الرئيس الأمريكى جو بايدن وأركان إدارته خلال استقبال ناريندا مودى رئيس الوزراء الهندى قبل أسابيع فى البيت الأبيض.
وحرص بايدن على حضور قمة العشرين فى العاصمة الهندية فى حين غاب الرئيس الصينى شين جين بينج والروسى فلاديمير بوتين. وسعت واشنطن إلى إغراء نيودلهى بالابتعاد عن الصين وروسيا ولوحت لها بكل الإغراءات التجارية والاقتصادية والسياسية خصوصا تقديم التكنولوجيا الحساسة للهند كى تتفوق اقتصاديا على الصين، علما أن هناك محاولات غربية دائمة لإشعال الخلافات بين الهند والصين واستغلال الخلافات الحدودية بينهما والتى وصلت إلى حد الصراع العسكرى الحدودى عام ١٩٧٢.
يحاول الغرب دائما إقناع الهند أن أى تفوق صينى سيكون على حساب الهند ونفوذها فى المنطقة وأن ابتعادها عن بكين سيعنى مزيدا من التقدم لها.
وبطبيعة الحال سوف تسعى واشنطن إلى إقناع دول الخليج بأن أى تقارب بينها وبين إيران لن يكون فى صالحها وهو هدف إسرائيلى أصيل أيضا.
من المنطقى والطبيعى أن تسعى واشنطن لاستغلال كل التناقضات داخل مجموعة البريكس باعتبار أن نجاح هذه المجموعة ومؤسساتها سيصب فى صالح الصين.
هل ما تفعله واشنطن صحيح أم خاطئ؟
هذا سؤال غير صحيح سياسيا، لأن كل دولة تسعى لتحقيق مصالحها بكل الطرق. وهو نفس الأمر الذى تحاول أن تفعله الصين لاستقطاب أكبر عدد من دول العالم لمبادرة «الحزام والطريق» أو البريكس أو البنك الآسيوى للاستثمار فى البنية التحتية.
وبالتالى يصبح السؤال المنطقى هو: من الذى سينجح فى إقناع أكبر عدد من دول العالم فى الانضمام إلى صفه؟!.
وربما يكون السؤال المهم بالنسبة لنا هو: هل ننجح نحن العرب فى تحقيق مصالحنا الوطنية والقومية أم لا. وألا ننجرف إلى المحاور هنا أو هناك وأن نقول لكل الدول الكبرى أن شعارنا هو: «نصادق من يصادقنا ونعادى من يعادينا»؟!