بقلم:عماد الدين حسين
فى الأسابيع الماضية ظهر أكثر من مقال فى الشروق يتحدث عن العقبات والعراقيل التى تواجه الصناعة المصرية ومنها مقال للسفير محمد عبدالمنعم الشاذلى بعنوان: «لماذا تراجعت الصناعة المصرية؟».
هموم الصناعة المصرية وكيفية النهوض بها موضوع يتكرر على لسان العديد من المهتمين بتقدم مصر.
بعد النشر بساعات قليلة تلقيت اتصالا من أحد المسئولين يدعونى أنا وهيئة تحرير الشروق للتعرف على ما تبذله الدولة للتغلب على معوقات الصناعة المصرية.
وبالفعل توجه عشرة من إدارة التحرير بالشروق، ومعنا السفير محمد عبدالمنعم الشاذلى والأستاذ أحمد بدير مدير عام الشروق لمقابلة المسئولين فى مبادرة «ابدأ»، لنسألهم عن هذه القضية المهمة.
والسؤال الأول الذى قد يتبادر إلى أذهان كثيرين هو: ما هى هذه المبادرة وكيف انطلقت وماذا فعلت، وما هى أهدافها، وهل تعتبر بديلا لما هو قائم من مؤسسات خصوصا وزارة الصناعة؟
هذه المبادرة أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى ٢٦ أبريل الماضى خلال إفطار الأسرة المصرية بهدف تطوير الصناعة ودعم وتوطين الصناعات الوطنية بالاعتماد على المنتج المحلى وتقليل الصادرات، وذلك من خلال عدة محاور منها تعزيز دور القطاع الخاص الوطنى فى توطين العديد من الصناعات الكبرى والمتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر.
ونتذكر أنه فى هذه الليلة أيضا تم إطلاق الحوار الوطنى، وكذلك إعادة تشكيل وتفعيل لجنة العفو الرئاسى، وهى اللجنة التى تمكنت من إطلاق سراح أكثر من ١٢٠٠ محبوس، ونعلم أن الحوار الوطنى أنهى كل الإجراءات التنظيمية استعدادًا للانطلاق خلال الأيام القليلة المقبلة.
نعود إلى لقاء المسئولين عن مبادرة ابدأ، والذى تم فى أوائل شهر ديسمبر الماضى.
المفاجأة أن غالبية المسئولين عن هذه المبادرة أو الذين يديرون أعمالها اليومية والتنفيذيين من الشباب صغير السن. وخلال اللقاء قابلنا ثلاثة من هؤلاء المسئولين هم دينا الدليل المديرة التنفيذية للمبادرة، ومينا وليم نائب المدير التنفيذى، ومحمد عبدالسميع خريج البرنامج الرئاسى وباحث دكتوراه فى علوم المعادن الصناعية، أعمارهم تتراوح بين الثلاثين والأربعين، لكنهم ملمون تماما بالملف، ولديهم صورة كاملة عن أحوال الصناعة المصرية ومشاكلها ومعوقاتها.
هم يعرفون الواقع، ولا يدعون أنه ليس بالإمكان أبدع مما كان، بل يؤكدون دائما أن هناك مشاكل وتحديات كثيرة، وأنهم يحاولون أن يبذلوا أقصى ما يمكن من جهة للتغلب على هذه العقبات.
هل مبادرة «ابدأ» بديل لوزارة الصناعة؟!
هذا السؤال كررناه على مسامع المسئولين عن المبادرة، وكانت إجاباتهم الواضحة هى: لا. ومنطقهم أن مصر تعانى بشدة من الروتين والبيروقراطية فى العديد من القطاعات، وبالتالى فإن «ابدأ» تحاول التغلب على هذه العقبات بالتواصل والتكامل مع وزارة الصناعة وليس بالتنافس معها أو الإحلال مكانها.
«ابدأ» ــ كما يقول مسئولوها ــ تسعى إلى تسريع الموافقات على المشروعات وتبسيط الأمور وتسهيلها للمستثمرين من خلال التواصل مع الجهات المعنية.
وقد لا يعرف كثيرون أن مبادرة «حياة كريمة» تساهم بنسبة ٥٠٪ فى شركة «ابدأ» لتنمية المشروعات، وهى الذراع التنفيذية للمبادرة، وهى حصة حاكمة بما يضمن توفير مصدر مستدام لتمويل «حياة كريمة» ومشروعاتها المستقبلية، وتحقيق التمكين الاقتصادى للمواطنين كما يقول مسئولو «ابدأ».
سألت المسئولين عن الدور الرئيسى للمبادرة، وهل هو وسيط بين المستثمرين والحكومة، أم هو مساهم بالتمويل، أم ماذا؟
الإجابة ــ كما فهمت ــ أن المبادرة تشارك القطاع الخاص فى تنفيذ بعض المشروعات بجزء من التمويل، كما تساعدهم فى معرفة ما إذا كانت تلك المشروعات تحتاج إليها الدولة أم لا، لكن فى كل الأحوال فإن نسبة مساهمة المبادرة فى هذه المشروعات لا تزيد على ٤٩٪ حتى لا يقال إنها تجور على القطاع الخاص.
لكن فى ظنى أن الدور الأهم لهذه المبادرة هو دور «المسهل» وخصوصا فى التغلب على عقبات الروتين، ونعرف تماما أن هناك مشكلة ضخمة فى هذا المجال. وعرفنا أن هناك ١٣ ألف مصنع مغلق و٣ آلاف مصنع لديه مشاكل. صحيح أن الدولة ليست مسئولة عن كل هذه الإغلاقات وبعضها قد يكون بسبب التعثر أو خلافات عائلية أو بين الشركاء أو نقص التمويل أو لأسباب مختلفة، لكن المؤكد أن بعضها بسبب الروتين، وبالتالى فإن هذه المبادرة ستلعب دورا مهما فى هذا المجال.
الحديث عن مبادرة «ابدأ» به محاور كثيرة، ويستحق نقاشا معمقا حتى نصل إلى أفضل الطرق لدعم الصناعة الوطنية باعتبارها الطريق الرئيسى للنهوض بهذا البلد.