أيام جمال أسعد

أيام جمال أسعد

أيام جمال أسعد

 العرب اليوم -

أيام جمال أسعد

بقلم:عماد الدين حسين

العديد من نواب مجلس الشعب والشورى أو النواب والشيوخ، مثّلوا مركز القوصية بمحافظة أسيوط لكن قلة ما تزال سيرتهم حاضرة وطيّبة وعطرة ومنهم جمال أسعد عبدالملاك.
يوم الأحد الماضى شاركت فى مناقشة كتاب جمال أسعد وعنوانه «أيامى» أو «شهادة على خمسة عصور» بصحبة الزميلين أكرم القصاص رئيس تحرير اليوم السابع والكاتب الصحفى حمدى رزق الذى أدار الندوة باقتدار.
حينما تأملت وجوه الحاضرين الذين حضروا النقاش فى قاعة «فكر وإبداع» فى معرض القاهرة الدولى للكتاب رأيت العديد من أبناء القوصية، ومنهم الصديقان الدكتور فى جامعة أسيوط محمد سلامة بكر، وشقيقه الأصغر أسامة سلامة رئيس تحرير مجلة روزاليوسف الاسبق.
جمال أسعد أعرفه منذ تفتحت عيناى على القراءة فى المرحلة الإعدادية، فهو نموذج للتمرد على كل السياسات الخاطئة، ومدافع صلد عن الفقراء.
كتاب جمال أسعد أعادنى إلى ذكريات بعيدة عن أسيوط والقوصية وقراها المختلفة، والعادات البسيطة والغريبة فى حياة أبناء الصعيد من أول لعب «السيجا»، نهاية بالسباحة فى الترع، «بلابيص».
جمال أسعد كان ابنا لرجل يعمل بقالا مع الخواجة اليونانى خريستو، حينما كانت مصر مجتمعا «كوزموبوليتانى» متعدد الجنسيات والثقافات، فى هذا المجتمع الصعيدى العشوائى كان الفقر شديدا، لكن حال أسرة جمال أسعد كان أفضل قليلا.
وفى هذه البيئة فإن معظم جيرانه كانوا من المسلمين وهو القبطى الأرثوذكسى، وبالتالى فإن هذه النشأة أثرت تأثيرا واضحا فى شخصيته، فصار مدافعا عن الفقراء، ومحاربا للفتنة الطائفية، وهما أهم ما يميز شخصيته.
أسعد يصنف نفسه باعتباره يساريا، انضم لحزب التجمع التقدمى حينما كان الناصريون جزءا مهما فى تكوينه ثم انضم أيضا لحزب العمل برئاسة المهندس إبراهيم شكرى حينما كان اشتراكيا معتدلا.
أسعد عاصر الفترة التى تحالف فيها حزب العمل مع جماعة الإخوان التى سيطرت تقريبا على مفاصل الحزب وتشكيلاته، وخاضوا جميعا تجربة التحالف فى انتخابات ١٩٨٧. هذا الالتباس دفع كثيرين للاستغراب كيف يترشح يسارى قبطى على قوائم تضم كوادر جماعة الإخوان المسلمين»؟!
لكن من يقرأ هذه المذكرات سوف يدرك أن أسعد لم يكن انتهازيا، ولم يتخل عن أفكاره وأرائه وأنه جاهد كثيرا حتى يحافظ على مبادئه، ليس فقط فى هذه القضية، بل أيضا حينما تم تعيينه عضوا فى مجلس شعب ٢٠١٠، الذى سقط مع قيام ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١.
جمال أسعد هو نموذج للسياسى المصرى الإصلاحى الذى يؤمن بالإصلاح من الداخل وليس التمرد الثورى المتطرف. هو اختلف مع الكنيسة المصرية كثيرا فى عهد البابا شنودة وكانت أراؤه محل انتقاد بعض المسيحيين الذين يؤمنون بمبدأ «السمع والطاعة» فقط، كما أن السلطة لم ترض عنه فى معظم الأحيان.
ثم إنه لم يستفد أو يستغل عضويته فى البرلمان لكى يصبح ثريا مثلما فعل البعض، أقول ذلك وأنا أعرف بيته وأسرته.
هو من ذلك النوع الذى حافظ على سمعته وسيرته، وابتعد عن ما يثير الشبهات فاكتسب احترام الجميع، وربما ذلك يفسر لنا سر نجاح قبطى فى دائرة معظم سكانها من المسلمين. ليس فقط بسبب اعتداله ومهاجمته للتطرف فى الجانبين المسيحى والإسلامى، ولكن أيضا لأنه ظل وفيا لبلده ودائرته القوصية، ومقيما فيها بصورة شبه دائمة، وليس كما فعل كثيرون.
جمال أسعد شديد التواضع ويقول فى مقدمة مذكراته إنه لم يكن يرى أن حياته تستحق أن تروى فى مذكرات، باعتباره كان شاهدا على الأحداث وليس صانعا لها، ولكن ظنى أن هذه المذكرات شديدة الأهمية، لأنها تكشف لنا جانبا مهما من سيرة شديدة الخصوصية فى مجتمع مختلف أيضا فى صعيد مصر.
أعجبنى ما جاء فى مقدمة عمار على حسن فى هذه المذكرات بعنوان «التاريخ من أسفل، أو ٤٠ عاما بين السياسة والفكر» والخلاصة بأن جمال أسعد سواء اقترب من المعارضة أو ابتعد عن السلطة السياسية أو الدينية، فقد ظل نفسه طوال الوقت لم يسلم رأسه، ولا موقفه لأحد أيا كان، بل اختلف مع بعض الذين كانوا بصحبته فى السياسة والفكر دون أن يفسد هذا لوده قضية، ودون أن يتضجر من الأثمان المتلاحقة التى دفعها عن طيب خاطر.
كل التحية والتقدير لجمال أسعد، ونتمنى كما قال الصديق أكرم القصاص أن يبادر كل من له تجربة ثرية فى العمل السياسى أو الفكرى والثقافى أو العمل العام عموما أن يبادر لكتابة مذكراته، لأنها صارت المصادر الأساسية للبحث والتحليل وتملأ العديد من الفراغات، بدلا من أن نقرأ تاريخنا من خلال الأعداء أو المتربصين أو التافهين!!

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أيام جمال أسعد أيام جمال أسعد



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر

GMT 10:21 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل اعتقلت 770 طفلاً فلسطينيًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

GMT 12:02 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

قصف إسرائيلي يقتل 8 فلسطينيين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة

GMT 08:39 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل السراويل الرائجة هذا الموسم مع الحجاب

GMT 16:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab