بقلم - عماد الدين حسين
«دور رجال الشرطة مشهود وينتظره الناس جميعا ويقدرونه ما دام هذا الدور يحترم إنسانيتهم ويحترم إنفاذ القانون».
هذا ما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسى لرجال الشرطة، وهو يحتفل معهم صباح الإثنين الماضى بتخريج الدفعة الجديدة من طلاب أكاديمية الشرطة.
الرئيس طالب أيضا رجال الشرطة «بضرورة التعامل بإنسانية ورقى مع المواطنين، وعلى الجميع الانتباه، أن رجل الشرطة يواجه تحديات كثيرة وهو يتصدى لغير المنضبطين، ويقوم بإنفاذ القانون، لكن وهو يفعل ذلك عليه أن يتعامل برفق مع المواطنين من خلال الأداء الراقى والقدوة والممارسة».
كلام الرئيس السيسى فى منتهى الأهمية، لأنه يتعلق بقضية فى منتهى الأهمية، وهى العلاقة بين المواطن ورجل الشرطة.
نعلم جميعا أن هذه العلاقة متداخلة ومتشابكة ومتشعبة وتكاد تكون يومية، وفى بعض الأحيان لحظية. كمواطنين نتعامل مع رجل الشرطة فى الشارع وفى المرور والكمائن وأقسام الشرطة ومديريات الأمن وإدارات المرور والسجل المدنى والمواصلات وجوازات السفر والمطار والطرق المختلفة.
رجل الشرطة لم يهبط من السماء، فهو أيضا مواطن مصرى يعيش مع الناس ويتأثر بهم، لكن هذه العلاقة تواجه فى بعض الأحيان مشاكل وتحديات تسىء إلى المظهر العام للدولة.
شخصيا وخلال معظم تعاملاتى المختلفة مع كل أقسام وإدارات الشرطة لم أجد إلا كل ما هو محترم ومتحضر.
أعرف رجال شرطة كثيرين، ولى أقارب فى هذا الجهاز وبعضهم وصل إلى منصب مساعد وزير الداخلية قبل سنوات قليلة، وآخر شغل مساعد مدير أمن إحدى محافظات الصعيد، وهم على أعلى درجة من التحضر والرقى والإنسانية والتدين.
ورأيى الشخصى الذى أكرره دائما أن غالبية رجال الشرطة ضباطا وجنودا يبذلون جهودا كبيرة فى عملهم من أجل أمن واستقرار هذا المجتمع ويتحملون الكثير الذى يصل إلى حد الشهادة والتضحية بأرواحهم. لكن المشكلة دائما تكمن فى قلة تسىء كثيرا إلى هذا المرفق وتجعل البعض يعممون هذا التعامل كى ينسحب على كل العاملين فى الشرطة.
ما يحدث أن هناك مثلا قسم شرطة به مئات الضباط والجنود وأمناء الشرطة. غالبيتهم يطبقون القانون ويتعاملون مع المواطنين بتحضر وإنسانية، لكن واحدا أو اثنين من هذا العدد الكبير يتعامل مع المواطنين بكل صلف وغرور وتجبر وغطرسة وللأسف فإن هذا السلوك هو الذى ينتشر وليس سلوك الغالبية.
أذكر أن أحد الوزراء المهمين الذين تولوا منصبه عقب ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ قال لى أنه نصح قادة الشرطة كثيرا بتدريب الجنود وأمناء الشرطة وصغار الضباط على كيفية التعامل مع المواطنين خصوصا خلال الأزمات. لأنه سنفترض وجود أزمة أو تجمهر أو مظاهرة، وسنفترض أن المتظاهرين أو الخارجين على القانون ارتكبوا كل الأعمال والأفعال السيئة خصوصا استفزاز الشرطة، لكن وفى اللحظة الأخيرة رفع رجل الشرطة هراوته لتنزل على رأس أحد المواطنين أو كاميرا أحد المصورين، هنا وفى هذه اللحظة فإن هذه اللقطة القصيرة جدا هى التى سوف تنتشر، وسوف يتناقلها الإعلام الدولى خصوصا المتربص، وبالتالى فمن المهم تدريب الجميع على الصبر والتحمل وطول البال وعدم الانفعال قدر الإمكان.
نعلم أن رجل الشرطة يتعامل معظم الوقت مع مجرمين وخارجين على القانون. وبالتالى عليه أن ينفذ القانون بكل قوة، لكن فى إطار القانون وأن يتعامل بإنسانية ورقى مع الناس.
وهذا الأمر مطلوب طوال الوقت خصوصا هذه الأيام التى يواجه فيها المواطنون أزمة اقتصادية صعبة تجعلهم يضربون أخماسا فى أسداس فى كيفية تدبير حياتهم المعيشية.
ظنى الشخصى أن أفضل ما يمكن أن تفعله وزارة الداخلية مع بعض الظواهر الفردية التى تسىء للمواطنين هو التحقيق معهم على الفور وأن ينالوا عقابهم الصارم إذا ثبت أنهم مخطئون، وأظن أيضا أن هذا ما يؤمن به اللواء محمود توفيق وزير الداخلية وكبار مساعديه.