الاغترابُ المفهومُ الفلسفي والواقع

الاغترابُ: المفهومُ الفلسفي والواقع

الاغترابُ: المفهومُ الفلسفي والواقع

 العرب اليوم -

الاغترابُ المفهومُ الفلسفي والواقع

بقلم - حبيبة محمدي

ولَما أصبح كلُّ ما حولنا مثيرًا للدهشةِ والتأمل، وأحيانًا، للتساؤلِ أو الجدل، من شدّةِ غرائبيةِ ما نرى وما نعيش، وتلك الهوّة التي ازدادتْ اتساعًا بين أفكارِنا وما تربينا عليه من مبادئ وأخلاقيات، وبين الواقعِ المَعيش وما فيه من تناقضاتٍ في كلِّ الأحوال!. ما نراه في حياتنا اليومية عمومًا وفى العلاقات الإنسانية وفى كلِّ المجالات، مثل الثقافة والإعلام والدراما والفنون وحتى «السوشيال ميديا»، هذا المصطلح الجديد الذي زادنا اغترابًا، وإن كان أحيانًا سلاحًا ذا حدّيْن!،

فإننّى لذلك، ارتأيتُ اليومَ أن أكتبَ عن فكرةِ الاغتراب من منظورٍ فلسفى، حيث إنَّ مفهومَ «الاغتراب» يشغل كلّ مبدع وكلّ كاتب لأنَّنا نعيشه أيضًا، بشكلٍ أو بآخر.

كلُّ شىء يَشِى بأنَّ ثمة أزمة حقيقية يعيشها الإنسانُ!.

تعددّت تعريفاتُ الاغترابِ لدى الفلاسفة والكُتّاب، لكن أشهرها ما عرّفه «سيجموند فرويد»«Sigmund Freud»، الطبيب النمساوى، الذي أسسَّ مدرسةَ التحليل النفسى وعلم النفس الحديث؛ بأنّ الاغتراب (هو شعورُ الانفصامِ والصراع بين قوى اللاوعى الدفينة في الذات وبين الذات الواعية). وللاغتراب أنواعٌ كثيرة، منها الاجتماعى والثقافى وحتى الاقتصادى.. لكنَّ الاغترابَ النفسى هو ما يرمى إليه حديثُنا.

وما الاغتراب النفسى سوى سوءِ تكيّفٍ أو عدم القدرة على الشعورِ بالانتماءِ أو الإحساسِ بالعجز، ممّا يؤدى إلى بعضِ المشكلات.

ولأنَّ حياتَنا الاجتماعية في تغيّرٍ مُستمرٍ من حيث الوقائع والأحداث والوسائل وسُبلِ العيش، وفى تغيّرِها تحملُ معها ما هو جديد، فيجد الإنسانُ نفسَه مجبورًا على التعاملِ مع هذه التغيّرات والأحداث ومعايشة معانى الوجود بوصفه فردًا اجتماعيًّا، وإن عجز وصعب عليه الأمر، حدث له هذا «الاغتراب» «Aliénation»، وهو الانفصال عن الذات، وربّما حتى عن الطبيعة والمجتمع ككلّ، بكلِّ تجلّياته. مثلما يحدث اليوم من صراعِ الأجيال، وتلك الهوّة بين جيلِ الوسائط الجديدة والتكنولوجيا وجيل التربية القديمة التي تُعلى من شأنِ المبادئ العليا والقيم الجوهرية للإنسان، بين الماديات والروحانيات، بين الأصالةِ والمعاصرة المستفزّة في بعضِ الأحيان، باختصار، أصبحَ الاغترابُ يعترى حياتَنا اليومية، من المعاملاتِ بين النّاس وسلوكياتهم، إلى أعقدِ التعاملات وفى مختلفِ المجالات. الفيلسوف المتصوّف «ابن عربى» أضفى على الاغترابِ مسحةً من العرفانية، وممّا قاله:

((..كانت الأرحامُ أوطانَنا فاغتربْنا عنها بالولادة، فكانت الدنيا وطنَنا واتخذنا فيها أوطانًا فاغتربنا عنها بحالةٍ تُسمّى سفرًا...))!.

أما أنا، فقد كتبتُ في ديوانى الأوّل «المملكةُ والمنفى»:

((أعيشُ السَّفرَ مرةً

يعيشنى اغترابُ الأزمنةِ مرتيْنْ

مرةً عند نزولى ذاتيْنْ

ومرةً عند انقسامِ الذاتِ نصفيْنْ!)).

ومازال مفهومُ «الاغتراب» يحتملُ دراساتٍ أعمقَ من مجرّدِ مقال.

arabstoday

GMT 00:56 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

المساومة على رفح؟

GMT 00:53 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

رعب خارج الشاشة

GMT 00:51 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

ضرورة الإصلاح الديني المؤسسي

GMT 00:49 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

السؤال الشائك في السودان

GMT 00:46 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

هل يكتب السياسيون في الخليج مذكراتهم؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاغترابُ المفهومُ الفلسفي والواقع الاغترابُ المفهومُ الفلسفي والواقع



نانسي عجرم بإطلالات خلابة وساحرة تعكس أسلوبها الرقيق 

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:21 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

بايدن يؤكد استعداده لإعادة إعمار غزة
 العرب اليوم - بايدن يؤكد استعداده لإعادة إعمار غزة

GMT 16:23 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

نقل زوجة عمران خان إلى السجن
 العرب اليوم - نقل زوجة عمران خان إلى السجن

GMT 00:49 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

السؤال الشائك في السودان

GMT 17:19 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز

GMT 23:22 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

حادث مروّع في عُمان يوقع قتلى وجرحى

GMT 00:46 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

هل يكتب السياسيون في الخليج مذكراتهم؟

GMT 17:10 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

القذائف تتساقط على وسط مدينة رفح الفلسطينية

GMT 16:23 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

نقل زوجة عمران خان إلى السجن

GMT 08:53 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

روبي تطلق أول كليبات الصيف «الليلة حلوة»
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab