«الغلبان» و«القانون» و«فش الغل»

«الغلبان» و«القانون» و«فش الغل»

«الغلبان» و«القانون» و«فش الغل»

 العرب اليوم -

«الغلبان» و«القانون» و«فش الغل»

بقلم - أمينة خيري

سار الأخ عكس الاتجاه، كما أصبحت العادة فى الكثير من الشوارع، بما فيها شوارع حيوية لا يمكن تخيُّل أن يقوم أحدهم بقيادة سيارته عكس الاتجاه فيها إلا لو كان مصابًا بخلل عقلى شديد. كنت أعبر الطريق فى شارع سوريا فى المهندسين فى وضح النهار، ولولا ستر الله، لحدث ما لا يحمد عقباه. الأستاذ العابر عكس الاتجاه كان يقود السيارة وطفلة صغيرة تفصل بينه وبين مقود السيارة، والمدام إلى جواره، وبقية الأولاد فى الخلف، ولافتة دينية ضخمة تغطى زجاج السيارة الخلفى من أوله إلى آخره.

بالطبع، سيترك البعض كل ما ذكرت، ويمسك فى «وما علاقة اللافتة الدينية بما جرى؟»، و«لماذا تكرهون الدين والمتدينين؟».. إلى آخر أوركسترا النظرة الأحادية التى لا ثانى لها، ذات البعد الواحد والفكر الواحد والرأى الواحد والزاوية الواحدة.

مبدئيًا، العلاقة تكمن فى الصلة الوثيقة بين الدين والأخلاق، وبين الدين والتصرفات، وبين الدين وحق الحفاظ على النفس والآخرين، وبين الدين والنظام.. والقائمة طويلة. ما علينا، ما جرى بعد ذلك فى الحقيقة جدير بالتأمل. هدَّأ الإخوة المارة من غضبى، ولا سيما أن الأخ قائد السيارة المؤمن كان يضحك ملء شدقيه. وحين «برطمت» بأن قائد السيارة هذا يستحق أن يحاكم، بادرنى أغلبهم بمنطق قوامه: «حرام عليكى. خلىّ الناس تتنفس. وطالما ما حصلش حاجة وربنا قدر ولطف، يبقى ما نجيش على الغلابة».

كل ما ذُكِر من حجج يستحق أطروحة دكتوراة، بدءًا من حرمانية المطالبة بالمحاسبة، مرورًا بربط الحرية بكسر القوانين وتعريض حياة النفس والآخرين للخطر، وانتهاءً بهذه العلاقة الغريبة بين «الغُلب» والخروج على القانون.

الطريف والظريف أن هذه الشبكة من العلاقات العجيبة على ما يبدو أصبحت، أو كانت هكذا، لكن تجذّرت وتطورت وتوسعت، أشبه بعُرف وثقافة. ذكّرنى أحد الأصدقاء بالربط الشعبى القديم بين «الحرامى الغلبان» الذى كان ينشل أحدهم فى الأتوبيس أو الترام، ويُكتشف أمره، فيتبرع المواطنون بضربه علقة ساخنة، وحين يصل العسكرى (ممثل الحكومة) ليصطحبه إلى القسم، يبادر المواطنون أنفسهم بتخليص الحرامى من يد العسكرى؛ لأنه «غلبان»؛ ولأنهم قاموا بالواجب معه.. وهذا يكفى.

أتفهم تمامًا أن الضغوط كثيرة، والمشكلات عويصة، والقلق كبير.. لكن أقف عاجزة تمامًا عن منظومة ربط أشياء لا علاقة لها ببعضها وتقديمها للمجتمع، ومن ثم قبولها باعتبارها منظومة منطقية. ما علاقة أننى غلبان أو مقهور أو قلقان بتبرير سيرى عكس الاتجاه، على سبيل المثال؟!.

أعرف أن قائمة من التفسيرات جاهزة، حيث نظرية «فش الغل»، أو الانتقام من الحكومة أو فئات بعينها فى المجتمع بطريقة «علىَّ وعلى أعدائى»، أو الشعور بالعجز الذى يُتَرجَم عنفًا أو خرقًا للقوانين أو ممارسة ما يتعرض له مما يعتبره ظلمًا عبر ممارسة الظلم نفسه على من هم أضعف منه.. لكن هل من مهتمين بتحليل أحوال الشارع فى ضوء المتغيرات؟

arabstoday

GMT 08:40 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 06:34 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المصريون والأحزاب

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الغلبان» و«القانون» و«فش الغل» «الغلبان» و«القانون» و«فش الغل»



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 13:16 2025 الأربعاء ,29 كانون الثاني / يناير

الحوثيون يرفضون الاعتراف بالعقوبات بعد تصنيفهم إرهابيين
 العرب اليوم - الحوثيون يرفضون الاعتراف بالعقوبات بعد تصنيفهم إرهابيين

GMT 13:23 2025 الأربعاء ,29 كانون الثاني / يناير

سهير رمزي تثير الجدل حول اعتزالها التمثيل
 العرب اليوم - سهير رمزي تثير الجدل حول اعتزالها التمثيل

GMT 04:48 2025 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

أشرف بن شرقي يوقع للأهلي بمليون ونصف دولار

GMT 05:15 2025 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

مقتل شخص وإصابة 8 آخرين بإطلاق نار في تكساس الأميركية

GMT 06:42 2025 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

غوغل تكشف موعد تغيير تسمية خليج المكسيك

GMT 12:06 2025 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

أنغام في أول حفل بعد أزمة عبد المجيد عبدالله

GMT 04:40 2025 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

تغيير موعد مباراة منتخب مصر لليد مع فرنسا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab