«فيسبوك» خداع لإعادة الهاربين منه إليه

«فيسبوك»... خداع لإعادة الهاربين منه إليه

«فيسبوك»... خداع لإعادة الهاربين منه إليه

 العرب اليوم -

«فيسبوك» خداع لإعادة الهاربين منه إليه

بقلم - سوسن الأبطح

ضربت شركات التواصل الاجتماعي، أرقاماً قياسية في عدد الدعاوى ضدها، والشكاوى من تجاوزاتها، ومع ذلك لا تتغير سلوكياتها، لصعوبة مراقبتها، واستحالة إخضاعها.

ومع احتفال «فيسبوك» بعيده العشرين، حُكي كثيراً عن أنَّه أبو تطبيقات التواصل الاجتماعي مع أنَّه ليس أولها، ولم يكن زوكربيرغ مخترعها، وسبقته تطبيقيات منها «ماي سبيس» وأخرى أقل حظوة. ومارك زوكربيرغ، اتُّهم منذ البداية بسرقة المشروع من ثلاثة زملاء له في هارفارد كان يعمل معهم على شبكة سمّوها «كونكت يو»، وادعوا عليه قضائياً، حتى الوصول إلى تسوية لم تكلفه سوى 65 مليون دولار، لا شي بالطبع، مقارنة بـ تريليون دولار، القيمة السوقية للتطبيق اليوم.

سِجلّ زوكربيرغ في السرقة والانتهاكات قديم ومتجذّر. حين كان في السنة الثانية الجامعية أنشأ موقعاً باسم «فايس ماتش» الهدف منه مقارنة صور الطلاب المسجلين، لكنَّه اخترق مواقع، وقرصن ونسخَ صوراً واستخدمها من دون إذن. وحين علمت الجامعة بفعلته، غضبت وطردته لأشهر، قبل أن تعيده عام 2004 لتبدأ الرحلة مع «فيسبوك». لكنَّه لم يندم على ما اقترفه، ولا يزال يقول، إنه فعل، ما كان سيقوم به آخرون غيره. وهو ما يفسر الروحية التي منها ينطلق، معتبراً أنَّ الغاية تبرر الوسيلة، التي يفترض أن يوجد دائماً من سيستخدمها.

وعلى عكس حكايات النجاح الأميركية المثالية، التي تبحث دائماً عن «سوبرمان» لا يضاهي، فإنَّ زوكربيرغ لم يخض تجربة «فيسبوك» منفرداً. وثمة غموض حول الأدوار التي لعبها كل من الشركاء الخمسة المؤسسين للتطبيق، وما هو واضح أنَّ زميله المبرمج والممول الأول لـ«فيسبوك» البرازيلي إدوارد سافرين، قد تمكَّن زوكربيرغ من التخلص منه تدريجياً بحيلة خبيثة وبتعويض بخس، وشطب الآخرين، ولم يبقَ ذكرهم سوى في الظل، وعبر بعض المقالات.

تطلّب ما فعله زوكربيرغ، ليصل إلى لعب دور البطولة المطلقة، والبقاء على الحياة وسط غابة المتنافسين على الإعلانات، في عالم تطبيقات التواصل، ذكاءً متوقداً، مقروناً بكثير من الدهاء والمكر والانتهازية. فكرة وسائل التواصل نفسها مبنية على الوقيعة بالمشترك. وكلما تمكن التطبيق من التمكن أكثر من فرائسه البشرية، وإبقائهم لفترة أطول على صفحاته، جنى المزيد من الأرباح. ولولا سلوك ثعلبي لزوكربيرغ، لما تمكن «فيسبوك» من الصمود، رغم هجر الشباب له، وسخريتهم منه. إذ يستطيع زوكربيرغ باستمرار، أن يخرج من جيبه أرانب جديدة، كساحر لا يردّ، في كل مرة يشعر أن جمهوره سينصرف عنه. وبعد خسائر فادحة عام 2022، تمكنت شركته «ميتا» (فيسبوك، إنستغرام، واتساب) العام الفائت من جني أرباح وصلت إلى 11.58 مليار دولار في الربع الثالث من السنة، وهو أكثر من ضعف العام الذي سبقه، بفعل تسريح آلاف الموظفين، وتزايد إقبال المعلنين.

بالطبع، الاستحواذ على «واتساب» عشق الجماهير و«إنستغرام» أنقذا «فيسبوك»، لكن زوكربيرغ، يرسم خططاً ويروّج لها، حتى وإن كانت لا تزال هزيلة التطبيق، لا يهم.

في العيد العاشر لـ«فيسبوك» قال زوكربيرغ إنه خلال العقد الذي يلي سيوزع الإنترنت على البشرية، وهو أفلح في بقع قليلة، لكن الأهم هو الترويج. وقد نسيت الناس الوعود، وتتذكر صورها واللايكات التي حصدتها. أما اليوم فجنون «الميتافيرس» يجعل زوكربيرغ يعدنا بما ليس بين يديه بعد. فالتجارب لا تزال متواضعة، والنظارات التي يبيعها لإدخالنا هذا العالم السحري، ثقيلة ومتعبة، وأمامنا سنوات طوال قبل أن يصبح المزج بين العالم الواقعي والافتراضي، حقيقة نتنفسها، كما يعدنا.

فضائح زوكربيرغ كثيرة، من تسريب بيانات المشتركين الشخصية التي اعتذر عنها في واقعة «كمبردج أناليتيكا» وساهمت في استهداف الناخبين وصعود دونالد ترمب، كما في تعزيز حظوظ «بريكست» وانفصال بريطانيا عن أوروبا. ولا يتردد زوكربيرغ، في الاعتذار الحار، والاعتراف بالذنب الذي على الأرجح لم يكن مقصوداً، وهو يهز رأسه الطفولي الصغير ألماً وندماً، في كل مرة. كان آخرها حين اتهمه القاضي بالإساءة للأطفال والإيقاع بهم ضحايا، لسوء المواد التي يعرضها، وهو يقول له «يداك ملوثتان بالدماء».

لا مشكلة عند زوكربيرغ ولا غيره من مصارعي حلبات التواصل، فالمال أولاً، ثم يأتي أي شيء آخر.

«لا يمكننا أن نجعل وسائل التواصل، جيدة لأنها سيئة في جوهرها، وفي أعماق بنيتها»، تقول الباحثة الحقوقية آبي ليميرت، من جامعة ييل. فهي تجارة تقوم على جمع البيانات، وكشف عورات المستخدمين، واستغلال نقاط ضعفهم، وتوجيه المعلنين لاستهدافها، وكلها ألعاب شيطانية، يقبلها المشترك مقابل تساليه ومتعه الذاتية، ومجانيتها. صحيح أن قتل شبكات التواصل ليس هدفاً لأحد. لكن تهذيبها وإصلاحها يتعارض مع شروط وجودها واستمرارها، وهنا تكمن المعضلة الكبرى.

لتقليل المخاطر يفترض توظيف المزيد من المشرفين والمنظفين للمحتوى، والمنصات تفعل العكس. ينتظر منها أن تعمل جاهدة للحد من إدمان المراهقين تحديداً، وهي تفقد كل وظيفتها من دون هذا الإدمان. تتهم المنصات بأنها تنعش الإثارة وتعيش على التحريض، وهذه باعتراف زوكربيرغ نفسه، أنجع الوسائل لاجتذاب الناس، الذين يعشقون كل ما يرفع الأدرنالين. عشرون سنة من لعبة القط والفأر، والثرثرات المجانية حول إصلاح وسائل التواصل، ولم نرَ بصيصاً يقترب لعمل أي تغيير جذري يطمئن. لذا؛ فإن «فيسبوك» يكبر ويتمدد ولو هجره الصغار، فعند زوكربيرغ ألف طريقة وطريقة ليعيد الهاربين منه إليه.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«فيسبوك» خداع لإعادة الهاربين منه إليه «فيسبوك» خداع لإعادة الهاربين منه إليه



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 العرب اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 03:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تطالب بتبني قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة

GMT 06:00 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 18:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 18:00 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يكشف سر تكريم أحمد عز في مهرجان القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab