لبنان الجديد بين «الفيل» و«الأرانب»

لبنان الجديد بين «الفيل» و«الأرانب»

لبنان الجديد بين «الفيل» و«الأرانب»

 العرب اليوم -

لبنان الجديد بين «الفيل» و«الأرانب»

بقلم - إياد أبو شقرا

شخصياً، لم أفاجأ بحصيلة الجلسة الـ12 التي دُعي إليها مجلس النواب اللبناني أخيراً لانتخاب رئيس جمهورية جديد.

أساساً لا يوجد مراقب حصيف واحد ما زال مقتنعاً بأن الواقع السياسي يمكن أن يُثمر حسماً ما... في ظل الإلغاء الفعلي للحياة السياسية، والاحتلال الواقعي، والتفليس المتعمد، والتهجير الممنهج، والتجهيل المتفاقم.

المشكلة أن هذا «الواقع» يعرفه الجميع، ولكن الجميع أيضاً يتجاهله عمداً. وهذا ما أحسن البريطانيون تشبيهه بعبارة «الفيل داخل الغرفة».

الفيل قد يكون بحجم الغرفة، ولكن إذا اتسعت الغرفة لآخرين... فهؤلاء قد يتكيّفون مع هذه الحالة الشاذة عبر تجاهل وجوده الطاغي لغايات معينة أو مصالح متعددة.

في الغرفة الصغيرة الضيقة على ساكنيها، التي اسمها لبنان، لهذا الفيل أيضاً اسم هو «حزب الله». وهذا الفيل - أو الحزب - عده كثيرون منذ عام 2006 «دويلة داخل الدولة» اللبنانية، إلى أن غيّر صحافي بيروتي مخضرم هذه المقولة قبل أيام فوصفه بـ«الدولة داخل الدويلة»... وهذا هو الكلام الصحيح.

فعلاً لبنان اليوم «دويلة» مفلسة ومنهوبة ومُتاجر بها، وعاجزة تماماً عن إنقاذ مؤسساتها الدستورية وتطبيق قوانينها، والمحافظة على شعبها، والدفاع عن سيادتها.

ظاهرياً، هذه الدويلة «جمهورية»، لكنها بلا رئيس.

وهي «ديمقراطية»، لكن انتخاباتها تتقرّر أو تؤجل أو تلغى وفق المزاج والإرادات العليا.

وهي «سيدة»، لكن ليس بيدها قرارات الحرب والسلم والحكم.

وهي «مستقلة»، لكنها مع ذلك تستجدي كل أنواع التوافقات والصفقات الإقليمية والدولية من أجل الابتعاد ولو شبراً واحداً عن لجّة الهلاك.

خلال الجلسة الـ12 الأخيرة المخصصة لانتخاب الرئيس الموعود كان مطلوباً الفشل من أجل تسهيل استمرار «الدويلة» كما هي الآن. وهذا... بانتظار نضوج الصيغة البديلة التي ما عادت معالمها خافية على العقلاء، كما لم يعُد العاملون من أجلها يخجلون من السعي الدؤوب والصريح إلى فرضها.

هنا نذكّر بأنه قبل «الحرب اللبنانية» (1975-1990)، ثم توقيع «اتفاق الطائف»، نُسج تحالفٌ عريضٌ أساسه الداخل - ولكن مع مباركةٍ من الخارج - هدف إلى «التخفيف» من الهويّة الطائفية للنظام الرئاسي، وتوسيع ما اصطُلح على تسميته «المشاركة». وحقاً، قُلّص في الاتفاق النفوذ الواسع لرئيس الجمهورية (المسيحي الماروني)، وعُزّز دور مجلس الوزراء مجتمعاً برئاسة رئيس حكومة سنّي، وأيضاً ضُخّم نفوذ رئيس مجلس النواب (الشيعي) الذي صار ينتخب لمدة عُمر المجلس. ومن ناحية أخرى، أقرّت المناصفة في عدد النواب بعدما كانت الغلبة للمسيحيين بنسبة 6 إلى 5.

ولكن، بعد «الطائف»، تولّدت قناعات لدى البعض بأن الاتفاق «جاء لمصلحة السُّنَّة» وحدهم. وبالتوازي، مع الضغط الإقليمي – السوري خصوصاً – الساعي إلى إضعاف رئيس الحكومة السنّي لصالح «الشيعية السياسية» الصاعدة، اختارت قوى مسيحية الاستقواء بسلاح «حزب الله» أملاً بأن يستعيد لها الحزب، ومَن هم خلفه، «الصلاحيات» السابقة التي تقلّصت بعد الحرب و«الطائف».

كما غدا معروفاً، بدأت المعركة التالية على هوية لبنان وتركيبته عام 2005 بالتخلّص من رفيق الحريري، وبالتخلص منه ضُرب أقوى حضور سياسي سنّي.

ثم، بين عامي 2006 و2008، اكتمل الإجهاز على كل ما كان من الممكن أن يمنع بناء «ميزان القوى» الاحتلالي الحالي. ذلك أن «حرب 2006» الافتعالية مع إسرائيل أطلقت يد سلاح «حزب الله» في الداخل، وأكّدت أحداث «ربيع 2008» - عندما اجتاح الحزب بيروت وهاجم منطقة الجبل - حقيقة دوره السياسي داخل لبنان.

ومن ثم، خلال 3 سنوات، اتضح أكثر دوره الاستراتيجي المهم ضمن إطار مشروع إقليمي مذهبي متكامل... ليس لبنان فيه سوى تفصيل صغير.

عودةً إلى جلسة الاقتراع البرلمانية الـ12، كانت العبارة التي تتردّد على ألسنة نواب «حزب الله» قبل التصويت هي «لبنان محكوم بالتوافق». وطبعاً، هذا «التوافق»، بالنسبة لهم، يجب أن يحصل في ظل احتكار السلاح، والتحكم بمفاتيح مجلس النواب، ورسائل التخوين والتهديد.

ولاحقاً، بعد تعطيل الجلسة إثر جولة التصويت الأولى، خرج نائب رئيس المجلس إلياس بو صعب، الذي يشكل نقطة تقاطع بين عدة مكوّنات قريبة من «حزب الله»، باقتراح إجراء انتخابات عامة جديدة. وكانت الذريعة «عجز» المجلس الحالي عن حل المعضلة السياسية والدستورية الحالية.

كثيرون اعتبروا أن هذه الفكرة من «الأرانب» التي دأب الرئيس نبيه برّي على إخراجها من «قبعته السحرية» حين وحيث تدعو الحاجة، مع أن بو صعب كرّر أن الفكرة له.

في أي حال، لا يتغيّر الأمر كثيراً إذا كانت الفكرة لبرّي أو بو صعب، أو بين «فيل» الحزب و«أرانب» رئيس البرلمان، ما دام المشروع سائراً باتجاه وجهته النهائية. وبصرف النظر عن الشكل الدستوري الذي سيأخذ لبنان الجديد - إذا بقي - فإن السلطة الفعلية باقية لـ«ثنائي مذهبي» مهيمن عسكرياً وأمنياً وسياسياً ومالياً وديموغرافياً.

فأولاً، هذا «الثنائي» يملك قوة السلاح ومفاتيح الحكم بغياب رئيس جمهورية واستمرار حكومة «تصريف أعمال».

وثانياً، يحتكر اليوم التمثيل الشيعي في البرلمان، وبالتالي، لا قرار ميثاقياً يؤخذ من دون رغبته.

وثالثاً، يوحي تفتّت أصوات النواب السنّة في الاقتراع باختراق جدّي لـ«الثنائي» للساحة السنّيّة، ويؤكد تشقّق الكتلة «العونية» تبعاً للحقائق الجغرافية توسّع رقعة هذا الاختراق مسيحياً.

ورابعاً وأخيراً، لا يشجّع استئناف المفاوضات الأميركية - الإيرانية على اعتقاد أن واشنطن جادة في التصدّي لطهران وسلاحها النووي والأنظمة السياسية التي استنسختها أو تسعى لاستنساخها في المنطقة العربية.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان الجديد بين «الفيل» و«الأرانب» لبنان الجديد بين «الفيل» و«الأرانب»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab