التطرف واستراتيجيات المواجهة

التطرف واستراتيجيات المواجهة

التطرف واستراتيجيات المواجهة

 العرب اليوم -

التطرف واستراتيجيات المواجهة

بقلم: رضوان السيد

أقام «مركز سلام لدراسات التطرف» بدار الإفتاء المصرية بين 7و9 يونيو (2022) مؤتمراً عنوانه «التطرف الديني، المنطلقات الفكرية واستراتيجيات المواجهة». وقد حضره أكثر من مائة باحث في ورشات وجلسات للتحدث في خمسة محاور: الثابت والمتغير في المنطلقات الفكرية للتطرف، الدولة الحديثة عند المتطرفين، تجديد الخطاب الديني ودوره في مواجهة التطرف، مواجهة التطرف في العصر الرقمي، ومواجهة التطرف رؤى استشراقية.

وبالطبع يمكن أن يكون التطرف عقائدياً أو اجتماعياً أو سياسياً. لكنّ دار الإفتاء المصرية، وبحكم الاختصاص والتجربة الطويلة، عُنيت بظواهر التطرف الديني. وجاء في القرآن الكريم: «قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم». والغلو في الدين الذي صار يُسمّى تطرفاً في المصطلح المعاصر، ما جرى الاهتمام به إلا بعد اندلاع ظواهر ومظاهر الإرهاب فصار معتبراً سبيلاً مؤدياً إلى العنف في المجالين الاجتماعي والسياسي.
وكان لا بد مع التجارب من التفرقة الواضحة بين المحافظة والتطرف. وهو أمر كان صعباً في البداية، باعتبار أنه كان هناك من المثقفين وقادة الرأي العام من اعتبر أن المحافظة نوع من أنواع التطرف، بينما كان آخرون يعتبرون الافتقار إلى الاجتهاد بين دواعي التطرف والغلوّ.
في السنوات العشر الأخيرة اندفعت في مصر لمكافحة التطرف جهاتُ المؤسسةِ الدينية الثلاث: الأزهر ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء. وقد حضرتُ من قبل مؤتمراتٍ نظمتها دار الإفتاء المصرية، لكنها كانت تركّز على الفتوى باعتبارها مختصةً بذلك، وأنّ الناس يلجؤون إليها في مسائل ومشكلات الأحوال الشخصية والمعاملات التي لا يريدون فيها اللجوء إلى المحاكم، وفي العقود الأخيرة لأنّ المحاكم تحيلها عليهم عندما يتطلب الأمرُ تواصلاً أكبر ونقاشاً بين أطراف النزاع.
ولهذه الجهة والسياق فإنّ دار الإفتاء المصرية تقوم للمرة الأولى ومن خلال الذراع المستحدثة، أي «مركز سلام لدراسات التطرف»، بعقد مؤتمرٍ خاصٍ بمعالجة المنطلقات الفكرية ولا يتناول مسائل الفتوى فقط أو تحديد الخطاب الديني وحسْب. وقد بدا ذلك في المحاور المتعددة من جهة، وفي تعدد جوانب المعالجة، وأخيراً في تنوع الجهات المشاركة بحيث ما اقتصر الأمر على علماء الدين، بل شمل الدارسين الاستراتيجيين وعلماء الاجتماع والمعنيين بدراسات الأفكار وخبراء بالتطرف والإرهاب من الأمنيين ومن الجهات الدولية ومن المعنيين عملياً بمعالجة هذه الظاهرة والتصدي لها وما تعلق بها في المؤسسات الاجتماعية وجهات العناية بالشباب والطلبة في المجالات الاجتماعية المختلفة.
أثارت اهتمامي ثلاثة مجالات أو موضوعات في مواجهة التطرف بالمؤتمر: التجارب العربية والدولية في التصدي للظاهرة، والبدائل التي تعرضها الجهات المهتمة على المتطرفين من الشباب للتجاوز، ورؤى المتطرفين للدولة الحديثة. لكن ينبغي أن أعترف أنني استمعتُ أيضاً باهتمام إلى المحاضرات المعنية بتجديد الخطاب الديني، والأخرى المهتمة بالتطرف والمشكلات الاجتماعية. درستُ في محاضرتي عن الدولة الحديثة عند المتطرفين نماذج من معارف المسلمين منذ القرن التاسع عشر حول الدولة الحديثة، فركّزتُ على نموذجين: نموذج عرضه رفاعة الطهطاوي، ونموذج عرضه خير الدين التونسي. وكلا النموذجين واضح المعالم ودقيق وتسوده ثلاثة هموم: الاندفاع باتجاه العلوم الحديثة، والاندفاع لإعادة بناء الدولة ذات المؤسسات، والإصلاح الديني الذي يكون من ضمن أهدافه تأمين المشروعية للتحديث في بناء الدولة وفي التعليم الحديث.
وما كانت هناك تفرقةً لديهم في البدايات بين المحافظة والتطرف، ثم استجدّ هذا التمييز عندما ظهر متطرفون في فهم الدولة الحديثة، وظهر متطرفون أيديولوجيون في رفضها باعتبارها تغريباً وجاهليةً. في النصف الثاني من القرن العشرين وإلى اليوم تفاقم التطرف في الهجوم على الدولة الحديثة بصيغتها القومية والوطنية، وبعلاقاتها بالعالم، ووصل الأمر في العداء من المتطرفين إلى التمكن من إسقاط الدولة الوطنية في إيران، ونشر التخريب في عدة دولٍ عربيةٍ وإسلامية. وقد عرضت بدائل ومعالجات وخطوات تربوية وتدريبية للخروج من الظاهرة وتداعياتها.
كان مؤتمر دار الإفتاء المصرية غنياً بالمقاربات الدقيقة التنويرية والاستكشافية. وقد حضرته جهات بحثية واستراتيجية من سائر أنحاء العالم، ومن هؤلاء جهات بحثية إماراتية قدمت بحوثاً ومقاربات متميزة.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التطرف واستراتيجيات المواجهة التطرف واستراتيجيات المواجهة



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 العرب اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا
 العرب اليوم - وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 00:21 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة
 العرب اليوم - مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 09:43 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

استعادة ثورة السوريين عام 1925

GMT 09:18 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الكتاتيب ودور الأزهر!

GMT 10:15 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لماذا ينضم الناس إلى الأحزاب؟

GMT 18:11 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النصر يعلن رسميا رحيل الإيفواي فوفانا إلى رين الفرنسي

GMT 18:23 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

حنبعل المجبري يتلقى أسوأ بطاقة حمراء في 2025

GMT 21:51 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

انفجار سيارة أمام فندق ترامب في لاس فيغاس

GMT 22:28 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

27 شهيدا في غزة ومياه الأمطار تغمر 1500 خيمة للنازحين

GMT 19:32 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صاعقة تضرب مبنى الكونغرس الأميركي ليلة رأس السنة

GMT 10:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صلاح 9 أم 10 من 10؟

GMT 08:43 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

باكايوكو بديل مُحتمل لـ محمد صلاح في ليفربول

GMT 06:02 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

ريال مدريد يخطط لمكافأة مدافعه روديجر

GMT 00:30 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

25 وجهة سياحية ستمنحك تجربة لا تُنسى في عام 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab