الزمان العربي زمان الأسئلة

الزمان العربي زمان الأسئلة!

الزمان العربي زمان الأسئلة!

 العرب اليوم -

الزمان العربي زمان الأسئلة

بقلم - رضوان السيد

كلما ازدادت أزمات العالم وآخرها وأعظمها أزمتا الغذاء والطاقة الناجمتان عن الحرب الروسية على أوكرانيا، تتضاعف الأزمات على البلدان العربية، وفي طليعتها الدول العربية الأربع أو الخمس أو السبع التي يعصف بها الاضطراب من كل نوعٍ منذ سنواتٍ وسنوات. وفي خضمّ الأزمات المتلاحقة والمتصاعدة يبرز خبران أو حدثان: زيارة الرئيس الأميركي للمنطقة واجتماعه في المملكة العربية السعودية إلى زعماء دول مجلس التعاون الخليجي وثلاث دول عربية أخرى دُعيت للاجتماع هي مصر والأردن والعراق. والخبر أو الحدث الآخر هو عودة المفاوضات بين الإيرانيين ودول الـ5+1 من أجل محاولة العودة إلى الاتفاق النووي الطيب أو السيئ الذكر!
الأوروبيون في المفاوضات مستميتون لتحقيق شيءٍ أخيراً، وقد ازدادوا ضعفاً نتيجة اشتعال الحرب في قلب أوروبا. والأميركيون ليسوا أقلّ حرصاً، لكنهم في موقعٍ مختلفٍ عن موقع الأوروبيين الذين ازدادت حاجتهم إلى الناتو الأميركي للدفاع، والعون الأميركي حتى في أزمتي الطاقة والغذاء. ولكلا الطرفين صار الخطر الأكبر متمثلاً ليس في إيران؛ بل في الصين وروسيا أو روسيا والصين. ففي اجتماع السبع الكبار ببرلين جرى الإعلان عن المزيد من الدعم العسكري والاقتصادي لأوكرانيا؛ إنما الأبرز كان الإعلان عن إنفاق مئات المليارات للوقوف في وجه زحف العملاق الصيني واستراتيجية الحزام والطريق، الذي صار حزاماً بلا طريق!
لكنّ السؤال الآخر: ماذا عن مفاوضات النووي مع إيران، وما هي العواقب والمآلات، سواء أحصل الاتفاق أم لم يحصل؟! ومن هو الأكثر إفادة أو تضرراً في الحالتين؟ وإذا شئنا الإيجاز ماذا يستفيد الأوروبيون إن حصل الاتفاق، وكيف سيتضررون هم والأميركان إن لم يحصل؟
إنّ كلَّ هذه الأسئلة ليس المقصود بها استطلاع متغيرات العلاقات الدولية وإن يكن ذلك شديد الأهمية؛ بل المصير إلى فحص الملفّ أو الحدث الآخر: زيارة الرئيس الأميركي إلى المنطقة.
منذ أُعلن عن الاتفاق على زيارة بايدن في أواسط شهر يوليو (تموز) القريب، اقترن ذلك بالحديث من جانب الأميركيين والإسرائيليين وبعض المعلّقين العرب عن «ناتو عربي». والمفروض أنه إن حصل فسيكون تحالفاً بقيادة الولايات المتحدة للدفاع في وجه إيران العاملة منذ سنواتٍ وسنواتٍ على زعزعة الاستقرار ونشر الاضطراب في بلاد العرب براً وبحراً وجواً. والسؤال هنا ليس عن نوايا الولايات المتحدة والمدى الذي هي مستعدة للوصول إليه وضماناته الأمنية والاستراتيجية؛ مع أنّ هذا السؤال بدوره مهم جداً بعد تجربة السنتين الماضيتين القريبة؛ بل عن الفوائد المتوقّعة إن حصل العرض الأميركي، وعن متغيرات العلاقات الإقليمية والدولية التي قد تترتب على ذلك.
منذ العام 2008 ما أزال أكتب وأُحاضر في الاضطراب الذي تعمل عليه إيران ضد العرب، كل العرب. وقد جمعتُ تلك المداخلات في كتابٍ بعنوان «العرب والإيرانيون وعلاقات الزمن الحاضر» صدرت آخر طبعاته عام 2017. فالخطر الإيراني كبيرٌ على حاضر العرب ومستقبلهم ولا يجوز الاستخفاف به.
لقد حاولت الدول العربية الفاعلة في الخليج وخارجه التواصل مع الإيرانيين لدفع الشرّ، وما كانت لكل تلك المفاوضات السرية والعلنية فائدة تُذكر. الإيرانيون يقولون دائماً إنهم يريدون أفضل العلاقات مع جيرانهم العرب من دون تدخلٍ أجنبي يعنون به الأميركيين. إنما ليدلونا أين ومتى وكيف تدخلت الولايات المتحدة لدفعهم... أفي العراق أم في سوريا أم في لبنان أم في اليمن؟! بل، وأين تدخلت لمنعهم عندما ضربت ميليشياتهم الدول العربية بالخليج أو بالعراق؟ لقد كانت الولايات المتحدة مع إيران بالذات في موقع الدفاع دائماً. وباستثناء قتل جنرال «الحرس الثوري» سليماني لأنهم اعتبروه خطراً على المصالح القومية الأميركية؛ فإنّ السياسة الأميركية الثابتة حتى الآن محاولة استرضاء إيران أو استيعابها. وقد اقتنعت الدول العربية القوية بأنه:
ما حكّ جلدك مثل ظفرك فمتولَّ أنت جميع أمرك!
ولذلك قوّت دفاعاتها، وعدَّدت اتصالاتها واستراتيجياتها للحماية من جهة، ولفتح آفاقٍ أُخرى لمصلحة شعوبها ومن أجل أمنها واستقرارها.
إنّ الذي أُريد الوصولَ إليه أنّ السؤال الأهم الآن هو: ماذا تستفيد الدول العربية الأربع التي تستعمرها إيران منذ سنواتٍ وسنواتٍ، وتنشر الاضطراب والمجاعات في ربوعها، من الناتو الجديد؟ لماذا؟ لأنّ الأوضاع السائدة في لبنان وسوريا والعراق واليمن أخطر على الدول العربية الفاعلة والقوية من المسيَّرات الإيرانية وحتى من النووي الإيراني! الأميركيون لا يزالون يتحايلون على إيران - إلى جانب منع النووي - أن تتوقف عن زعزعة الاستقرار بالمنطقة، وأن توقف تطوير الباليستيات، وإرهاب «الحرس الثوري»، وهي لم توافق ولن توافق على ذلك. وهكذا، فسواء أحصل الاتفاق مع الأميركيين على الناتو الجديد، ومع إسرائيل أو من دون إسرائيل؛ فإنّ الاستيلاء الإيراني على دول بلاد الشام والعراق واليمن سيستمر. وقد يقول قائل: لكنّ واحة الأمن ستمتد وتقوى، والعلاقات الأميركية - العربية ستكتسب دفعة جديدة بعد التصدع الذي أصابها منذ أيام أوباما بل وقبل ذلك.
إنّ الذي أُسَلِّم به أنّ «عالم ما بعد أميركا» ورغم كل ما نراه من مستجدات في الوضع العالمي، لا يزال بعيداً. فنظام الحياة الأميركي هو نظام العالم ونحن بداخله. والولايات المتحدة تتدخل معنا ومع غيرنا الآن لحفظ نظام الحياة عندها وفي الغرب الأوروبي. وقد استبسلت الدول العربية القوية في السنوات الماضية لحفظ سيادتها واستقرارها حتى في وجه المناكفات الأميركية وبخاصة في زمن الديمقراطيين الذين تملكتهم أَوهامٌ بشأن أنفسهم وقدراتهم وبشأن الآخرين. وربما أفاقوا الآن على حدود قدراتهم في زمن أزمة الطاقة وزمن تعددية الأقطاب وتحديات المجالات الاستراتيجية والموارد الأُخرى. وفي فهمٍ لهذه المتغيرات على مستوى المنطقة والعالم؛ فإنّ دفعاً جديداً باتجاه المصالح المتبادلة بين الولايات المتحدة والعرب في مجالات الاعتماد المتبادلة، ومجال التقدم العامّ، هو أمرٌ ضروري، وسيحصل أو هو حاصلٌ في الأغلب الأعمّ. وهذا ما يريده الأميركيون ونريده من دون حاجة إلى الدخول في استقطاباتٍ تزيد العداوات والتوترات ولا تردع أو تفيد المستولى عليهم!
إنّ التحالف العسكري تحت أي اسم وتحت أي صيغة، ينبغي أن يكون مفيداً لسوريا والعراق واليمن ولبنان وفلسطين والأردن لجهات السيادة والأمن الاستراتيجي والخلاص من النير الإيراني على رقاب سبعين مليون عربي، والنير الإسرائيلي على رقاب الفلسطينيين. التحالف التزاماتٌ متبادلة: إذا التزموا بأمننا فبماذا نلتزم نحن؟!
بحسب الإنجيل، قال السيد المسيح لمارتا: مارتا مارتا، إنك تهتمين بأمور كثيرة، إنما المطلوب واحد!
* عميد الدراسات العليا
جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية - أبوظبي

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الزمان العربي زمان الأسئلة الزمان العربي زمان الأسئلة



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 20:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
 العرب اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab