الحج والاجتماع وسلام الإسلام

الحج والاجتماع.. وسلام الإسلام

الحج والاجتماع.. وسلام الإسلام

 العرب اليوم -

الحج والاجتماع وسلام الإسلام

رضوان السيد
بقلم - رضوان السيد

عندما كنتُ أقرأ قبل عدة أشهر كتاب خوان كول، «محمد رسول السلام وسط صراع الإمبراطوريات»، الصادر عام 2019، كنتُ أعجب لتتبعه الدقيق لانبثاق السلام الديني من خلال بناء البيت الحرام من جانب إبراهيم وابنه إسماعيل.
ورسالة السلام تتم من الاجتماع من حول البيت على لسان واحد وقلب واحد. لكن ما الذي يدفع الناسَ للاجتماع في قلب تلك الصحراء البركانية «بوادٍ غير ذي زرع»؟ يجتمعون على الهداية والعيش معاً بسلام الإيمان والرحمة، والتكافل، وبشؤبوب زمزم يتحول المكان إلى بلدة تحط فيها القوافل للتجارة، ويُقبلُ أهلُها على خدمة الحجيج والتبادل مع التجار.
وشأنه شأن «فوستيل دي كولانج، صاحب كتاب «المدينة العتيقة»، يرى «خوان كول» أنّ مكةَ بُنيت من حول البيت الحرام وليس العكس. بيد أنّ هناك مَن يعتبرون مكةَ من «مدن القوافل»، وهي مربوطةٌ حتى في القرآن بالنبوة.

يدعو إبراهيمُ ربَّه: «ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلّمهم الكتابَ والحكمةَ ويزكّيهم إنكَ أنتَ العزيزُ الحكيمُ». فبالنبوة التي تنشر الكتابَ والحكمةَ يسود السلام بين الناس. ولكي يصل القاصدون للحج والزيارة آمنينَ، كانت الأشهُرُ الحرُم. وكلها مواريث الرسالة الإبراهيمية التي اكتملت بمبعث رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.
رسالة النبي صلى الله عليه وسلم تجدد نداءَ الجدَّين، إبراهيم وإسماعيل، للإيمان برب البيت العتيق، وتجديد عهود ومواثيق الأمن الديني والإنساني، والاجتماع بالحج على سلام النفس والسلام مع الآخر باسم الله.
إنّ عهدَ السلام والميثاق ووصية إبراهيم بالبيت وَمَنْ حوله ظلَّ وعياً حاضراً وميراثاً موفًّى لدى المكيين. وما يزال الحجاج من سائر أنحاء العالم، وهم يقرؤون القرآن ويتدارسون السيرةَ النبوية، يتذكرون حلفَ الفضول، وهو حلفٌ تعاقدَ عليه أشرافٌ مِن شبان مكةَ، بينهم الحارث بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم، لحماية الضعفاء وممتلكاتهم وحُرماتهم من سطوات الجهال، وبذلك وبأخلاق المروءة والنبل يحفظون السلامَ الداخليَّ في أم القرى، بمنع الظلم والافتئات.

وإلى هذا السلام الداخلي، وببركة البيت الحرام، وبدعوة إبراهيم: «ربَّنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرعٍ عند بيتك المحرم ربَّنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدةً من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلَّهم يشكرون»، أقامت قريشُ الإيلافَ من أجل السلام مع المحيط للحركة والتنقل والتجارة، وهو عهد الأُلفة الذي ذكره القرآن: «لإيلاف قريش، إيلافهم رحلة الشتاء والصيف، فليعبدوا ربَّ هذا البيت، الذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوف». هما ركنا الأمن الإنساني: الأمن من الجوع، والأمن من العدوان.
وهذا هو السلام الإنساني المكتمل. كل هذه المعاني الإنسانية للأمن والسلام من خلال التلاقي والاجتماع حول الكعبة، وفيما بين إبراهيم وإسماعيل ومحمد عليهم السلام، تعطي القوةَ والأمل في أن ينتصر السلام يوماً بسبب إيمان الناس ورجائهم وآلامهم وأشواقهم وحاجاتهم.
وها هو إبراهيم عليه السلام أول دعاة زيارة البيت العتيق يختم دعاءَه لله عز وجل بشكره للإنعام عليه بولديه إسماعيل وإسحاق. وبشكره عزّ وجلّ لاستدامة الصلاة والعبادة، ويدعو للمؤمنين كل المؤمنين (سورة إبراهيم: 40-50). إنه سلام النفس والسلام مع الذرية، ومع الأجيال المؤمنة التي بقيت على عهد ربّ البيت.

ومن أجل معاني الهداية والسلام هذه والتي تتحقق بالحج لبيت الله الحرام، اشترع عزّ وجلّ الأضحى (رأس تضحيات إبراهيم) عيداً للناس وقد استجابوا لدعوة السلام فحجوا ودَعَوا اللهَ عز وجل على ما أنعم عليهم، وصلّوا على أنبياء البيت العتيق إبراهيم وإسماعيل ومحمد عليه الصلاة والسلام.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحج والاجتماع وسلام الإسلام الحج والاجتماع وسلام الإسلام



أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:02 2025 الأربعاء ,19 شباط / فبراير

أفضل الوجهات الشاطئية الرخيصة حول العالم
 العرب اليوم - أفضل الوجهات الشاطئية الرخيصة حول العالم

GMT 16:29 2025 الأربعاء ,19 شباط / فبراير

عبير صبري تكشف سبب اعتذارها عن شباب امرأة
 العرب اليوم - عبير صبري تكشف سبب اعتذارها عن شباب امرأة

GMT 00:57 2025 الأربعاء ,19 شباط / فبراير

عبد المجيد عبد الله يتعرض لأزمة صحية مفاجئة

GMT 17:09 2025 الثلاثاء ,18 شباط / فبراير

النفط يرتفع بفعل تعطل الإمدادات من كازاخستان

GMT 00:51 2025 الأربعاء ,19 شباط / فبراير

إسرائيل تعلن تدمير أسلحة سورية في درعا

GMT 00:55 2025 الأربعاء ,19 شباط / فبراير

مشجعون يعتدون بالضرب على لاعب كرة قدم في إنجلترا

GMT 00:56 2025 الأربعاء ,19 شباط / فبراير

الحصبة تتفشى في ولاية أميركية وتظهر في أخرى

GMT 17:48 2025 الثلاثاء ,18 شباط / فبراير

ياسمين صبري تخوض صراعاً شرساً في برومو "الأميرة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab