بقلم: رضوان السيد
صدر بيان سعودي مصري شامل عن المشكلات العربية والتماس حلولٍ لها. وشمل البيان سوريا وليبيا والسودان واليمن ولبنان وفلسطين، وخصص فقرةً طويلةً للشأن اللبناني تحث على انتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهورية من دون تدخلٍ خارجي، وعلى إجراء الإصلاحات التي تؤهّل لبنانَ للحصول على مساعداتٍ دولية. لقد عاد مجلس النواب اللبناني للاجتماع كل يوم خميس لمحاولة انتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهورية.
وهذا هو الأسبوع الرابع عشر أو الاجتماع الرابع عشر دون أن يخرج الدخان الأبيض. معارضو «حزب الله» وحلفاؤه ما استطاعوا أن يجمعوا لمرشحهم أكثر من خمسين صوتاً من أصل 128 هم عدد أعضاء مجلس النواب. في حين انقسمت جبهة «حزب الله»؛ فالثنائي الشيعي يريد النائب والوزير السابق سليمان فرنجية رئيساً. في حين يصر حليف الحزب النائب الحالي والوزير السابق على معارضة مرشح المعارضة ومرشح الثنائي الشيعي، ولم يرشح بنفسه أحداً بعد، وإنما همُّه وهمُّ رئيس الجمهورية السابق تعطيل وصول أحدٍ للرئاسة حتى الآن!
وعلى أي حال، ولأنّ المصائب لا تأتي فُرادى، كما يقول شكسبير، فقد قدم إلى لبنان وفدان قضائيان من أوروبا؛ الأول لجمع المعلومات والاستقصاء عن ملفات حاكم المصرف المركزي لاتهامه في ثلاث دولٍ أوروبية بتهريب الأموال أو غسيلها (!). أما الوفد القضائي الثاني فهو من فرنسا. وعندما حصل انفجار المرفأ منذ سنتين ونيف، ومات من جرائه 235 شخصاً، كان من بينهم مواطنان فرنسيان.
وقد انتظر الفرنسيون لعامين التحقيقاتِ اللبنانيةَ، فلما لم يصدر قرارٌ اتهاميٌ جرى اتهام الحكومة اللبنانية من جانب وزارة العدل الفرنسية، ومن جانب منظمة العفو الدولية، بعرقلة التحقيقات في الجريمة، فجاء الفرنسيون يسألون عن أرواح موتاهم، ومَن يتحمل المسؤوليةَ! والطريف أنه عندما أوردت الأنباءُ خبرَ وصول الوفد الفرنسي شنّ «حزب الله» هجوماً على فرنسا لتدخلها ومحاولتها تسييسَ التحقيق! وفي الجانب اللبناني، كان القضاء قد أقفل أبوابَه إضراباً بسبب انهيار مرتبات القضاة لأشهر عدة.
وعندما بدأ حلٌّ يلوح في الأفق لكي يعود القضاةُ للعمل، بدأ أقاربُ قتلى جريمة المرفأ يتظاهرون لاستشعارهم أنّ هناك مساعيَ لاستبدال القاضي الذي كان يحقق في جريمة المرفأ، واستدعى سياسيين للتحقيق معهم فرفضوا الحضورَ أمام القضاء. لذا يصبح مفهوماً لماذا تتجه جهاتٌ لاتهام الحكومة بعرقلة التحقيق (عن طريق استبدال القاضي للبدء من جديد بعد سنتين عجفاوين!).
وإلى هذا وذاك وذلك تغصُّ شوارع العاصمة البائسة بالمتظاهرين من كل فئةٍ ولون، وبينهم أساتذة الجامعة اللبنانية ومعلمو المدارس الثانوية الحكومية، ودائماً بسبب انهيار مرتباتهم نتيجة انهيار العملة اللبنانية. وكان سعر الصرف قبل ثلاث سنوات ألفاً وخمسمائة ليرة للدولار الواحد، وصار الآن 45 ألف ليرة للدولار الواحد! العربُ والدوليون ما يزالون، وبوتيرةٍ أسبوعيةٍ تقريباً، يصدرون البيانات التي تدعو الحكومةَ اللبنانيةَ إلى الإصلاح للتمكن من المساعدة. وقد أضافوا أخيراً مطلباً مهماً هو انتخاب رئيس جديدٍ للجمهورية بعد نهاية عهد الجنرال عون الميمون!
وبخاصةٍ أنه بغياب الرئيس تحلُّ محلَّه الحكومةُ. لكنّ الحكومةَ الحاليةَ هي حكومة مستقيلة وكانت أيامَ «عون» الأخيرة تقوم بتصريف الأعمال. وقد تعذّر الاتفاقُ مع عون على حكومة جديدة، فبقيت الحكومة الحالية ناقصةَ الصلاحيات ولا تستطيع القيام إلاّ بالضروري جداً من الأعمال!
ومن أجل الضرورة اجتمعت مرةً واحدةً في غياب رئيس الجمهورية فجُنّ جنون معظم المسيحيين! أما لماذا اجتمعت المصائب والتدخلات الخارجية على لبنان، فلأنّ الطبقةَ السياسيةَ اللبنانيةَ لا تكاد تتفق على شيء، وتتسابق للاستعانة بالتدخلات الخارجية على أنواعها! ولا حول ولا قوة إلاّ بالله.