الشرق الأوسط الجديد والتحديات

الشرق الأوسط الجديد والتحديات!

الشرق الأوسط الجديد والتحديات!

 العرب اليوم -

الشرق الأوسط الجديد والتحديات

بقلم - رضوان السيد

العنوان من مجلة «الإيكونومست» وشواهدها على الجديد الواعد تأتي كلها من دول الخليج، ومن السعودية والإمارات على وجه الخصوص. وجديدهما يتمثل في المشروعات الضخمة للتنمية، وفي زيادة النفوذ في الاقتصاد العالمي، وفي الاستقرار، والنهوض التعليمي، وفي التدخل في مناطق الأزمات لفكّ العُقَد ومحاولة نشر السلام والتعاون.

فإذا تجاوز الأمر منطقة الخليج، فإنّ الواعد في نظر «الإيكونومست» هو خمود الصراعات إذا صحّ التعبير. فالعراق تراجع فيه «داعش» كثيراً منذ السقوط الكبير عام 2018، وفي سورية جيوش وأطراف عدة، لكنّ القتال ما عاد ناشباً كالسابق، وكذلك الأمر بالداخل اللبناني وعلى الحدود مع إسرائيل. وفي ليبيا خمد الصراع وتجري المفاوضات منذ زمنٍ طويلٍ لتنظيم الانتخابات. وفي الصراعات جميعها هناك تدخلات إيرانية وتركية. لكنّ تركيا تتقارب مع دول الخليج ومع مصر، أما إيران فقد تصالحت مع السعودية، وفي ذلك خيرٌ على المنطقة في البر والبحر الجو.

إنما كما في العنوان أيضاً هناك تحديات؛ فكل الأزمات في البلدان المذكورة التي تعبت من الاقتتال، ليس هناك تقدم في مجالات الحلول. فالميليشيات الحاكمة بالعراق لا تزال تعمل عند إيران. وإيران مثل تركيا لا تزال تشنّ غارات على الأكراد في شمال العراق بحجة أنّ تنظيمات كردية معارضة لنظام الحكم في البلدين تشنّ هجمات هي بدورها على الداخل التركي والداخل الإيراني لمطالب قومية.

والأمر في سورية أكثر سلبيةً من العراق بمراحل. فنصف الأرض السورية خارج سلطة حكومة دمشق. والحلّ السياسي حسب المندوب الدولي لا يتقدم. وقد تصاعد الجدال مؤخراً بين النظام وتركيا بشأن الانسحاب وبشأن اللاجئين السوريين بتركيا. وعاد التوتر وعادت الاشتباكات بين المناطق الكردية والمناطق التركية، ولا أحد يعلم كيف ستنحلّ مشكلة إدلب وجوارها ويسيطر فيها تنظيم متطرف من مواريث «القاعدة». ويقول الإيرانيون باعتبارهم «سُعاة خير» إنهم يتوسطون بين تركيا وسورية بحيث ينسحب الجيش التركي ويضمن النظام السوري أمن الحدود. لكنّ الأتراك لا يوافقون على ذلك ويريدون حلّ مشكلة اللجوء أيضاً. وسعاة الخير الإيرانيون وجودهم محلّ شكوى من الداخل ومن إسرائيل التي تضرب بالداخل السوري وتقول إنّ ضرباتها ضد القواعد الإيرانية وضدّ تهريب السلاح عبر سورية إلى لبنان. وقد تعاظم الانهيار الاقتصادي وانهيار العُملة وارتفاع أسعار الطاقة والغذاء أخيراً بحيث ثار سكان السويداء وجوارها.

وفي لبنان مشهد منقطع النظير. تكاد تمضي سنة على غياب رئيس الجمهورية ولا رئيس. والانهيار الاقتصادي يتعاظم أيضاً. ولا تستطيع الحكومة دفع مرتبات المدنيين والعسكريين. وهناك لجنة وساطة من خمس دول، هي: السعودية، وقطر، ومصر، وفرنسا والولايات المتحدة، لكنها لم تتوصل إلى شيء في اجتماعها الأخير بنيويورك بسبب استعصاء اللبنانيين على التوافق. ووفد صندوق النقد يقول إنّ وضع لبنان يائس إن لم تجرَ الإصلاحات!

وإذا مضينا إلى الجهة الأخرى من العالم العربي وفيها السودان نجد أنّ الوضع في منتهى السوء؛ فالمعارك تتعاظم بين الجيش وميليشيا «الدعم السريع» والمدن تخرب والمدنيون يفرون من ناحيةٍ إلى أُخرى أو إلى خارج السودان عبر الحدود. ولا أمل في الأفق وقد استقال المندوب الدولي فولكر بيرتس للانسداد الذي طرأ على مهمته.

وقد استظهرت «الإيكونومست» وجود هدوء في ليبيا بعد معارك الانقسام. لكن لا تزال في البلاد حكومتان وجيشان وعشرات الميليشيات وتدخلات تركية و«فاغنزية» لا يعلم أحدٌ متى تنتهي.

إنّ صفحة الشرق الأوسط التي تبدو مستقرّةً ومزدهرةً إذا نظرنا إليها من ناحية دول الجزيرة، ليست كذلك عندما نعود إلى جهات الشرق الأوسط الوسطى والقديمة. إذ ما شهدت فترة كان فيها هذا الاضطراب الفظيع مثل الفترة الحاضرة. وكان البريطانيون يسمّونها منطقة الهلال الخصيب، بينما كان الأميركيون يفضّلون الشرق الأدنى أو الأوسط. وكان الجيل العربي السابق ينزعج لكل التسميات ويسميها المشرق العربي. وقد دفع الاضطراب المتجدد المؤرخ الراحل أريك هوبسباوم للقول إنّ هذه المنطقة كانت قديماً كذلك إلاّ عندما تستولي عليها إمبراطورية من خارجها فتكون الحكم والحكَم والقوة السائدة والمرغمة على الهدوء بين الأطراف.

السعوديون مدعوون لـ«بريكس» ومعهم مصر والإمارات. وبعد الـ«بريكس» مضوا إلى G20 بنيودلهي، حيث فتحوا أفقاً في «ممر الهند» يغطي موانئ المشرق وما وراءه ولا يؤثر على الحزام والطريق الصيني، ويتقدمون نحو العيد الوطني وعلى كتفهم مائة مشروع ومشروع من ضمن مبادرة 2030 الكبرى.

وعندما حدثت سيول درنة المدمّرة، كانت السعودية والإمارات الأكثر إقداماً على المساعدة والإغاثة والتضامن. وهذا إلى جهود الإغاثة في الكوارث في جميع أنحاء العالم - وجهود الوساطة في النزاع الروسي - الأوكراني. ومن ضمنها مؤتمر جدة الذي شاركت فيه عشرات الدول.

ما ذهبت إليه مجلة «الإيكونومست» لجهة النهوض صحيح إنما لجهة الجزيرة وحسْب، أما بقية منطقة «الشرق الأوسط» فتنتشر فيها التحديات وما هو أكثر من ذلك: استسهال استخدام العنف في كل مكان، وشيوع القتل والتهجير. وهذه ليست مجرد تحديات، بل هي فوضى ضاربة أطنابها. الناهضون في الجزيرة تدخلوا في كل مكانٍ من أجل فرض الهدوء. واجتمعت مبادرة جدّة السعودية مع الولايات المتحدة لوقف إطلاق النار في السودان أخيراً وما توقف القتال. الجديد خارج الجزيرة لا يزال ينتظر الإمكان والحدوث، وفي خارج الجزيرة النار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله!

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشرق الأوسط الجديد والتحديات الشرق الأوسط الجديد والتحديات



هيفاء وهبي تتألق في إطلالة مُميزة بصيحة البولكا دوت

القاهرة - العرب اليوم

GMT 15:04 2024 السبت ,31 آب / أغسطس

أطفال غزة يبدأون أخذ تلاقيح شلل الأطفال
 العرب اليوم - أطفال غزة يبدأون أخذ تلاقيح شلل الأطفال

GMT 08:00 2024 السبت ,31 آب / أغسطس

من جديد «صحوة البحر الأحمر»

GMT 08:04 2024 السبت ,31 آب / أغسطس

بئس

GMT 15:04 2024 السبت ,31 آب / أغسطس

أطفال غزة يبدأون أخذ تلاقيح شلل الأطفال

GMT 07:25 2024 الجمعة ,30 آب / أغسطس

لماذا تتضاءل أهمية الوساطات والتفاوض؟
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab