إيران واستراتيجياتها وموقع فلسطين

إيران واستراتيجياتها وموقع فلسطين

إيران واستراتيجياتها وموقع فلسطين

 العرب اليوم -

إيران واستراتيجياتها وموقع فلسطين

بقلم - رضوان السيد

منذ أكثر من عشرين عاماً عندما كنت أُترجم كتاب روي متحدة: «بردة النبي، الدين والسياسة في إيران»، عن شخصية رجل الدين الإيراني، وأسرار سلطته، ومدى تعبيره عن روح إيران العميقة كما يقال- منذ ذلك الحين أدركت أنّ قضية فلسطين بل وقضية الجزائر في الخمسينات ومطالع الستينات كانت تشغل شباب الملالي من تلامذة الخميني والمراجع الآخرين، وكانوا يأخذون على الدولة الإيرانية أيام الشاه انحيازها إلى أميركا وإسرائيل. ولذلك فإنه ومنذ عام 1979-1980 عام قيام الجمهورية أعلن الإيرانيون الجدد عن عدائهم لإسرائيل جزءاً من عدائهم للسياسات الأميركية.

بيد أنه ومنذ السنوات الأولى تداخلت الاعتبارات الفلسطينية بالحرب العراقية - الإيرانية، وباستراتيجيات الدولة المتمايزة بل والمفترقة أحياناً عن آيديولوجيات الثورة. بل وأُضيف لذلك الاعتبار المذهبي والهوياتي. فإلى المسألة الفلسطينية والعداء لأميركا وإسرائيل، برز العامل المذهبي والهوياتي والذي تمثل في التدخلات بالدول العربية، ومطامح الزعامة في العالم الإسلامي، كما دخل إيرانيو الملالي في التنافس الشيعي - السني وفي كل هذه المسائل الحساسة والملفات، غلبت على سياسات الدولة الإيرانية إرادات المزايدة والاستقطاب، وهي تنخر في الجسد العربي في العراق وسوريا ولبنان... وفلسطين واليمن.

وفي مطالع القرن الحادي والعشرين، وقد ضرب تنظيم «القاعدة» الولايات المتحدة، حسم الأميركيون قرارهم لصالح تقديم العلاقة مع إيران على العلاقات مع حلفائهم التقليديين من العرب، رغم قلقهم من الملف النووي الإيراني 2003-2004.

كل هذه العوامل لا تزال حاضرةً في الصراع بالمنطقة، وإن شهدت كل فترةٍ تقدم عاملٍ على آخر بحسب تطورات العلاقات الإيرانية مع الولايات المتحدة. والقضية الآن أنه بينما تحاول إيران تجنب الصدام مع أميركا، ما نجحت مطلقاً في هجومها الأخير على إسرائيل. إنما الذي صار واضحاً أنه لم تنكشف إيران العسكرية فقط؛ بل انكشفت أذرعها من العراق ولبنان إلى اليمن أيضاً، باعتبار أنّ القوة الأميركية هي على الدوام إلى جانب إسرائيل، بل وهي في أحيانٍ كثيرةٍ تقاتل بدلاً عنها، ثم تثني نفاقاً على التفوق الإسرائيلي الذي لم يظهر إلا في قتل المدنيين بغزة.

ولننتبه إلى أمرٍ آخر ظهر في الهجوم الإيراني الأخير أيضاً. فقد هاجم الإعلام الإيراني الأردن، لأنه تصدى لصواريخها ومسيّراتها المتجهة إلى إسرائيل عبر أجوائه. والملحوظ أنّ هناك مساراً عربياً برز في الأعوام الأخيرة يتجه للانضباط الحذِر والشديد تجاه إيران، فلم تبقَ جبهة عربية مفتوحة ضد إيران؛ في حين تُبقي إيران الجبهة مفتوحة في اليمن... ومع الأردن. إذ بعد أن استقرت الاختراقات الإيرانية في العراق وسوريا ولبنان، لا تزال هناك طموحات إيرانية للانتصار باليمن (أخذ شمال اليمن على الأقل!)، والطموح الآخر إحداث اختراق بالأردن لقسمة المجتمع الأردني وإحداث فوضى مع أن هذا هو هدف المتطرفين الإسرائيليين الذين لا يزال فريقٌ منهم يعتبر الأردن هو الدولة الفلسطينية، إذ لا مكان لدولتين غرب نهر الأردن. لقد بدأ الأمر بإغارات المخدرات عبر الحدود السورية، ثم ظهرت مسيّرات تحمل أسلحة، وها هم يتهمون الأردن الآن بمساعدة إسرائيل ضدهم.

تعمل المجموعة العربية الآن وفي طليعتها الأردن ومصر على وقف النار على غزة والدخول في حلّ الدولتين. وفي ذلك حماية لمصر وللأردن من حلّ التهجير وإنهاء القضية الفلسطينية. وإيران وقد اتضح أنّ أذرُعَها ليست كافيةً للحيلولة دون تدخلها مباشرةً، ليس من مصلحتها الاتجاه لحلّ القضية من طريق الدولتين بحجة إرادة التحرير الكامل، أما الواقع فهو العودة إلى إشغال العرب وأميركا بالفوضى والاختراقات وحليفها غير المعلن التطرف الإسرائيلي - بدلاً من نوعٍ من التعاون في إنقاذ غزة وحلّ الدولتين. لقد حصل نتنياهو على انفراجة بالهجوم الإيراني الفاشل وانصراف الأميركيين والأوروبيين للتضامن معه أو مع إسرائيل، أما الفرصة الدائمة فسيحصل عليها الإيرانيون والإسرائيليون إذا استمرت الحرب واستمر تعذر الحلّ العادل، وذلك بالفوضى والانقسامات والانهيارات والتآكل من حول إسرائيل وإيران وليس في غربها فقط؛ بل وفي السودان وإثيوبيا وباكستان وأفغانستان!

ولننظر في الوضع الآن سواء في العلاقات الإيرانية - الفلسطينية، والإيرانية - العربية، والإيرانية - الأميركية. منذ عام 1982 عندما أنشأت إيران «حزب الله» في البقاع اللبناني هي المرة الأولى التي تحاول فيها استهداف إسرائيل مباشرةً بعض النظر عن مدى جدية الهجوم. لقد صار واضحاً لها ولسائر الأطراف أنّ الولايات المتحدة لا تعتبر الأذرع الإيرانية قادرةً على تهديد إسرائيل حقاً، وعندما تقرر إيران المهاجمة بنفسها، فالأميركيون والبريطانيون وحتى الفرنسيون، يهبون للدفاع عنها. ولذلك فقد تعود إيران للتحرش من خلال أذرعها الفلسطينية وغيرها. لكنّ الضربات الإسرائيلية أضعفت الفلسطينيين كثيراً وكشفت «حزب الله». ولا يستطيع الحوثيون المقاومة إلى ما لا نهاية. ولذلك ربما يظل الصوت مرتفعاً لكن دونما نتائج على الأرض.

أما العرب فهم منضبطون مع إيران، لكنّ إيران تظل في العراق وسوريا ولبنان واليمن. بيد أنّ المساومة معهم لا تفيد، فهم يطمحون لإراحة المنطقة بصفقةٍ مع الولايات المتحدة في عهد بايدن إن لم تضطر للانتظار حتى الانتخابات الرئاسية وما بعدها. إنما هل سيظلون مصرين على محاولة التغلغل في الأردن؟ وهل يخترعون جبهات أُخرى في أنحاء أُخرى؟ لقد صارت علاقاتهم جيدةً بـ«القاعدة» من زمان، وربما مع «داعش». بيد أنّ فعاليات تلك التنظيمات الإرهابية موجودة في الأقطار حيث توجد إيران وأذرعها. وقد هجّروا الملايين، وقتلوا عشرات الألوف، ممن لم تقتلهم ميليشياتها!

هل إيران في مأزق؟ هناك انكسارٌ في الهيبة. وهناك انكشافٌ وفشلٌ للأذرع والميليشيات. وقد صارت فلسطين بعد ضربة غزة هي الملف الرابع أو الخامس في استراتيجيتها. أما الملف الأول فهو العلاقات مع الولايات المتحدة. وقد سمح لهم الأميركيون باستتباع العراق واستنزاف ثرواته. وقد يسمحون لهم بالشيء نفسه في لبنان لكن بعد الإقرار بتنظيم الحدود مع إسرائيل!

هل يقوم الإيرانيون بمراجعةٍ شاملة؟ المرشد صار طاعناً في السن. و«الحرس الثوري» وتركيبة الملالي من حوله مستقرة ومحكمة. وكل مراجعه تعني اعترافاً ولو داخلياً بالفشل، وليست هناك شجاعة للقيام بذلك لأنه يؤثر على مستقبل ترتيبات السلطة.

ختم روي متحدة كتابه عن ملالي إيران بالأثر الذي يقول: أهل بيتي كسفينة نوح، من ركبها نجا! فكم من الإيرانيين لا يزال مقبلاً على ركوب السفينة؟!

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران واستراتيجياتها وموقع فلسطين إيران واستراتيجياتها وموقع فلسطين



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab