بقلم : أمينة خيري
ملخص ما جرى صباح يوم 17 فى مطار القاهرة صالة 3: رتبت المسافرة (64 عاما) ذات الإعاقة المزدوجة ترتيبات سفرها على مصر للطيران المتجهة إلى لندن، وكانت قد اتصلت بالشركة مسبقا للتأكيد على توافر كرسى متحرك منذ دخولها صالة المطار وحتى باب الطائرة، وهو ما يحدث على مدار أكثر من 35 عاما مرتين على الأقل فى السنة. حصلت على إذن بالدخول معها صالة المطار. «كاونتر» أنيق جميل لـ«ذوى الهمم». الموظفة متعاونة ومهذبة، لكن الضغط كبير على طلب الكراسى.
انتظرنا لبعض الوقت (25 دقيقة تقريبا) إلى أن جاء الموظف. نادت عليه راكبة أخرى على كرسى متحرك، فوجئت به يدفع الراكبة الأخرى، وفى الوقت نفسه يحاول دفع قريبتى. سألته: هل ستتمكن من دفع الراكبتين وحقيبة السفر؟ قال لى: ما تساعدينى يعنى! رغم تضررى من الأسلوب، دفعت كرسى قريبتى وحقيبة السفر حتى نقطة التفتيش. ظهر موظف آخر تسلم كرسى قريبتى، وأمرنى: حطى الشنطة على السير بسرعة. أخبرته أننى لست مسافرة، ولا أستطيع رفع الحقيبة. قال بعصبية: ليست مسؤوليتى. روحى دورى على شيال. ثم وجه كلامه إلى قريبتى الجالسة على الكرسى طالبا منها أن تضع حقيبتها الشخصية على السير!.
لم يكن هناك شيال حولنا، حاولت رفع الحقيبة بصعوبة، وسط أعصاب مشدودة تماما. ونظرا لأنه فى كل مرة تسافر فيها قريبتى على مدار عقود، سواء فى مطار القاهرة أو غيره من مطارات العالم لم يحدث أن طلب منها مسؤول المساعدة رفع حقيبتها بنفسها، ونظرا لأن تواجدى معها ليس المعتاد، فقد نشبت معركة كلامية.
ظهر شيال فجأة بعد أن وصلت لمرحلة تصوير اسم الموظف الذى خبّأ بطاقة اسمه للشكوى من الأسلوب المتدنى والقبيح. هنا، أخبرنى صارخا أنه سيعاقب لو لمحه المدير يحمل الحقيبة، لأن ذلك ممنوع. أما الشيال فقد توسل لى ألا أحرر شكوى لأن زميله «عنده عيال»!. توجهت إلى مكتب ذوى الهمم للشكوى من عدم الإعلان عن الإجراءات التى تحتم حجز شيال من خارج الصالة. أخبرتنى المديرة المبتسمة المهذبة أنه بالفعل لا يسمح لموظف الكرسى أن يرفع حقائب الراكب.
أسئلتى هى: هل هذا مكتوب فى مكان ما؟ لماذا لم يتم إخبار قريبتى هاتفياًوهى تؤكد وجود مساعدة وكرسى متحرك؟ فى حال لم يتواجد أحد مع الراكب المعاق فى صالة المطار وفوجئ بهذا القرار، هل ينبغى عليه ترك الكرسى والجرى بحثا عن شيال؟!.
لا أحد يعارض القوانين والقرارات، لكن ألا يجدر بمصر للطيران أو إدارة المطار أن تعلن ذلك بشكل صريح ومكتوب؟ بالمناسبة، بعد دخول قريبتى، استمرت المشادات فى الداخل، وحرص الموظفون على إمطارها بـ«كان لازم تحجزى شيال من بره» وهى جالسة لا حول لها أو قوة. وحتى تكتمل التراجيديا، وقف موظفو الكراسى خلفها يقسمون مهمة دفع الركاب من ذوى الهمم، مشيرين إليهم بعلو الصوت «خد دى» و«خد ده».
ليس مطلوبا أن يكون الموظف خريج السوربون، فقط حد من التدريب وتصنع التهذيب.