بقلم:أمينة خيري
الجانب الإيجابى هو أنه بات فى حكم المؤكد أن كثيرين يتابعون الأوليمبياد. صحيح جزء من المتابعة ليس بالضرورة متابعة المنافسات، والاستمتاع بالأداءات وغيرها من أجواء الحدث الرياضى الأبرز فى الكوكب، بقدر ما هى متابعة من قال ماذا عن من؟ ومن قالت ماذا لمن؟ وكيف برر هذا ما قالته هذه وأين؟.. لكنها تظل متابعة.
تطرقت من قبل إلى عمليات الذبح والسلخ والشوى والسخرية والتنمر والهبد التى احترفها البعض، والموجهة لأبطالنا الرياضيين الذين وصلوا هناك بشق الأنفس، واليوم أكمل ما بدأت. من حق الجميع التعبير عن الرأى، لكن حبذا لو يرتكز على معلومة وقدر أدنى من الإلمام بمبادئ اللعبة التى نحللها، ومعايير اختيار اللاعبين فى المنافسات الدولية وغيرها. فليس من المعقول أن أصدر حكمى على لاعب وأنا لا أعلم تصنيفه العالمى، أو قواعد اللعبة، وقبل هذا وذاك، كيف يتم لعب هذه اللعبة، كل ذلك بينما أنا مستلقٍ فى بيتى على الكنبة، أو جالس فى القهوة أرتشف الشاى. وقد وصل الأمر لدرجة تناقل «خبر» اختفاء لاعبة أثناء، وفى أقوال أخرى بعد، وفى ثالثة قبل بداية المنافسات، وذلك آلاف المرات. ولم يكتف البعض بالتناقل، بل قدح زناد فكره واجتهد وابتكر، فأضاف صورة أو كتب كلمتين أو غرَّد بشتيمتين على سبيل تعميم الفائدة وتوسيع الكارثة، وذلك قبل أن يتم الإعلان عن أنه لا توجد لاعبة بذلك الاسم من الأصل ضمن البعثة، وعلى قوائم اللعبة!..
بالطبع أن تطالب شعب الـ«سوشيال ميديا» بالاعتذار عن ترويج أكذوبة والعمل على توسيع قاعدتها الكاذبة هو أشبه بمطالبة مندوب عن قبيلة بكر بالاعتذار لقبيلة تغلب عن حرب البسوس.. لكن حرب البسوس على الأقل كانت حربًا «متكافئة» بين قبيلتين يرى أفراد كل منهما الآخر، هذا يهجم وذاك يدافع، وهذا يفوز وذاك يخسر، بناء على معطيات واضحة على أرض المعركة. أما فى حرب الـ«سوشيال ميديا»، فأرض المعركة الافتراضية توفر الغطاء الاستراتيجى والتمويه التكتيكى وأدوات القتل والتشويه والفتك غير المرئية لمجموعة من الأفراد (أو حتى اللجان)، فى حين أن «العدو» إما غائبًا عن السوشيال ميديا؛ لأنه يعمل «بحق وحقيقى»، أو لديه ما يسعى لتحقيقه، أو يجد نفسه غير قادر على مواجهة حرب قائمة على الـ«ولا حاجة»، لكنها معضدة بجيوش الـ«لايك» وجحافل الـ«شير»، وبينها «الشير فى الخير»، حتى يزيد طين السيولة المعرفية بلة ادعاء الدين والتدين. وأشير هنا إلى ما فعله البعض من سكان الـ«سوشيال ميديا» بلاعبة الجمباز الفنى الأسطورية سيمون بايلز حين انسحبت من أوليمبياد طوكيو ٢٠٢٠، لأنها شعرت بأن جسمها وذهنها فقدا القدرة على العمل بشكل متزامن، وقتها شدت من أزرها الملايين، لكن خرجت «كوكبة» على الـ«سوشيال ميديا» تنتقدها وتسخر منها، فكتبت: «ينتقدنى الناس من على كنباتهم وهم لا يعرفون كيف يؤدون حركة العجلة! الانتقاد أمر إيجابى، والمطالبة بمحاسبة المقصرين واجبة، لكن القاضى حين يحكم يدرس أوراق القضية أولاً».