بقلم:أمينة خيري
لست من هواة متابعة المسلسلات إلا فيما ندر. إحدى الحالات النادرة مسلسل «ذو رزيدنت»، أو «المقيم». (٢٠١٨) وعلى سبيل النأى المؤقت عن أحداث المنطقة والعالم، أشرك القراء الأعزاء فى أبرز العناوين التى خرجت بها حتى اللحظة. تدور الأحداث فى مستشفى فى أتلانتا الأمريكية. العلاقات بين الأطباء والطبيبات والممرضين والممرضات وباقى الطواقم الطبية من فنيين وإسعاف وغيرهم تؤكد أنه رغم أهمية عمل الطبيب، إلا أنه لا يمكن له وحده أن يقوم بمنظومة التشخيص والعلاج والدعم النفسى والمتابعة والتواصل مع أهل المريض ومع المريض نفسه.
وكما أن هناك أطباء «أشرارًا»، يجرون عمليات جراحية دون داع، ويهملون فى التشخيص والعلاج، ويخطئون فى أداء واجباتهم وينكرون ما اقترفوا، ويتعالون على مرضاهم، ويسيئون معاملة ذويهم، هناك أطباء يلتزمون بالمواثيق الأخلاقية والإنسانية والمهنية ويقومون بواجباتهم على خير ما ينبغى. وإذا أخطأوا، وهو أمر وارد، لأنهم بشر مهما بلغوا من حنكة ومهارة، فإنهم يقرون بذلك.
تعلمت الكثير عن طريقة مصارحة المريض وذويه بالمرض، والتوقعات، والاختيارات دون إعطائهم آمالا كاذبة، ودون تسويد الدنيا فى وجوههم فى الوقت نفسه.
وعرفت الكثير أيضًا عن منظومة نقل الأعضاء من متبرعين أحياء وحديثى الوفاة، وكيف يمكن أن يكون جسد المتوفى حديثًا فرصة حياة لعدد من المرضى، أى عدد من الأسر. واطلعت على أهمية «الرعاية التلطيفية»، وأهمية تخصيص وتدريب قطاع من العاملين الصحيين لتقديم الرعاية الطبية والنفسية للمريض المصاب بأمراض مثل السرطان. هذا النوع من الرعاية يعمل على تخفيف الألم وبقية الأعراض، ويساعد على تأقلم المريض والمقربين منه مع الآثار الجانبية للعلاجات التى يتلقاها، لا سيما أن المقربين من المريض فى هذه الحالة يحتاجون دعمًا لا يقل أهمية عن الدعم المطلوب للمريض.
وعرفت كيف أن مبدأ «جودة الحياة» أمر بالغ الحيوية والأهمية، وأحيانًا لا يخضع المريض لعلاج ما قد يحسن حالته الصحية بعض الشىء، لكن يلحق الكثير من الضرر بجودة حياته، ويمنعه مثلًا من الحركة أو النوم أو غيرهما.
واطلعت على أهمية تلك الدقائق والثوانى التى قد يتم إهدارها فى الطريق إلى المستشفى أو الانتظار فى قسم الاستقبال أو سداد التأمين ومبلغ «تحت الحساب» فى الخزنة قبل تقديم الرعاية السريعة للمريض. وتعرفت إلى أهمية نقل الخبرة من الأكبر والأمهر إلى الأصغر من الأجيال الجديدة من خريجى كليات الطب والتمريض والرعاية الصحية، وليس فقط إلى الابن الذى سيرث المستشفى، أو الابنة التى ستعمل مع بابا فى العيادة، أو الامتناع عن نقل الخبرة من باب الأنانية.
ورأيت أهمية البحث العلمى المستمر والتجارب السريرية، وتحدياتها الأخلاقية والمادية والثقافية، والمقاومة التى تبديها بعض الجهات لها.
وأخيرًا وليس آخرًا، شعرت بأهمية وجود خدمات تبدو هامشية، مثل وجود مكان لرعاية أبناء العاملين الطبيين فى سن ما قبل المدرسة فى المستشفى، وهى الخدمات التى تساعد على تحسين أداء ذويهم.
إنها متعة المشاهدة مع الاستفادة والتعلم.