بقلم - أمينة خيري
مع اقتراب نهاية كل عام، تجرى مجلة «تايم» الأمريكية استطلاعات وقياسات، بعضها بين القراء، والبعض الآخر بين محرريها لاختيار شخصيات العام. وعكس ما يعتقد كثيرون، فإن «شخصيات العام» لا تكون بالضرورة الأحلى والأجمل والأفضل والأعظم، بل قد تكون الأشرس أو الأسوأ أو الأكثر إثارة للجدل بسبب أعمال غريبة اقترفتها أو أفكار عجيبة خرجت بها وأثرت فى الناس أو على الأقل أثارت الاهتمام.
هذا العام، وقع الاختيار على نجمة البوب الأمريكية تايلور سويفت لتكون «شخصية العام»، وهى الشخصية التى تعتبرها الملايين فى دول عدة حول العالم أيقونة ملهمة ونسوية. وبحسب ما ذكرته «تايم»، فإن اللقب هذا العام ذهب لسويفت «لأن الكثير مما أنجزته فى العام لا يقدر بثمن» وأنها «التزمت إعطاء قيمة لأحلام الناس ومشاعرهم وتجاربهم، لا سيما النساء اللواتى يشعرن بأنهن مهملات، وبأن شأنهن يتم التقليل منه باستمرار».
وفى مقابلة مع المجلة قبل أيام، تحدثت سويفت عن المجتمع الأبوى الذى يسيطر على العالم، والمكونات التى تغذية من مال وأرباح مادية واقتصاد، وأنه فى حال تم النظر لهذه التركيبة بطريقة ساخرة، فإن نجاح امرأة فى أن تكون أفكارها الفنية الأكثر ربحية (فى إشارة إلى أعمالها الفنية وأفكارها وقوة تأثيرها)، فإن هذا يعنى أن المزيد من الأعمال الفنية النسائية سيتم إنتاجه، وهذا أمر مشجع تماما.
بالطبع، مثل هذا الحديث وهذه الأسباب لمنح شخص ما لقب شخصية العام، جديرة بأن يتم انتظاره على الباب وضربه بالنبابيت وتجريسه وفضحه على صفحات الـ«سوشيال ميديا»، لا سيما لو كان المتحدث امرأة، أو على أقل تقدير سيقابل حامل اللقب بتوليفة من التهكم والغضب والتسفيه، وربما الاتهام بالخروج عن القواعد وخرق الأخلاق وتدمير المجتمع. لكن، ما علينا.
اختلاف الثقافات والأولويات، بالإضافة بالطبع إلى الفظائع الدائرة رحاها من حروب وصراعات فى أماكن عدة فى العالم وأبرزها حاليا غزة تلقى حملا ثقيلا فى قلوب وعقول الجميع، ويجعل من شخصية العام وسويفت وكل من وردت أسماؤهم فى القائمة أمرا هامشيا وسطحيا، وهذا مفهوم جدا.
لكن غير المفهوم أن يعيد البعض صياغة الخبر مهما بدا غير مناسب للحظة، ويفبرك محتواه مهما كان محتواه يبدو مستفزا، ويروج لأكذوبة حتى وإن كانت هى الأجدر بـ«شخصية العام».
امتلأت صفحات عنكبوتية عدة، وبعض المواقع الخبرية للأسف بخبر يشير إلى أن الجد الفلسطينى المكلوم الشهير الذى انتشرت صوره وفيديوهاته وهو يحمل حفيدته وإشارته لها بـ«روح الروح» ويتحدث عنها بهدوء مفعم بالحزن هو من حاز «شخصية العام» فى مجلة «تايم». الرجل يستحق اللقب؟ نعم! هل حصل الرجل على اللقب؟. لا! على رشحت المجلة الرجل للقب؟.
لا! هل بدأت ترشيحات المجلة للقب بعد حرب غزة؟. لا! هل الغرب متحيز لإسرائيل بشكل عام؟. نعم! هل فبركة الأخبار لتصحيح الأوضاع أمر مقبول؟. لا! هل فبركة الأخبار لتصحيح الأوضاع يصلح الأوضاع بالفعل؟. لا!.