بقلم : محمد أمين
الآن، أستطيع تأجيل سلسلة كتابات الأعلام فى مجال الصحافة، للتوقف قليلًا عند الاحتجاجات التى تكاد تشل حركة البلاد الجميلة فى أوروبا، وتضرب كل عواصم العالم الأول فيما يعرف بنظرية الأوانى المستطرقة.. وأدعوهم لإرجاء وتأجيل كل المشروعات المعلنة، مثل نظام التقاعد فى فرنسا كما فعلت إسرائيل وأرجأت مشروع الإصلاح القضائى!.
لا أطلب ذلك لكى تحتال الحكومات على الجماهير الغاضبة، ولكن لتأخذ هذه البلاد نفسها وتفكر من جديد.. عسى التأجيل المؤقت أن يكون دائمًا وترتاح الشعوب، ولا مانع أن تميل هذه الحكومات الديمقراطية مع الريح، حتى تتوقف موجات العنف والفوضى التى تضرب أجمل بلاد الدنيا!.
كانت أوروبا قد شهدت حالة من الفوضى بسبب الاحتجاجات التى اندلعت فى عدد من الدول لأسباب مختلفة، وتتصدر فرنسا هذه الاحتجاجات لليوم العاشر على التوالى، وتتصاعد المظاهرات ضد قانون إصلاح نظام التقاعد، الذى أثار غضب الفرنسيين، كما تدخل ألمانيا على الخط وتتوقف حركة الطيران فى عدد من المطارات، وتتوقف القطارات وتصاب ألمانيا بالشلل، وتلحق بها إسبانيا، حيث تظاهر 150 ألف متظاهر فى أكبر ميادين إسبانيا، وهو ما ينذر بتداعى بعض الدول الأوروبية!.
ولا معنى لأن يستمر الإضراب العام على هذا النحو، فالرسالة قد وصلت بالتأكيد من أجل أجور أعلى فى ظل معدلات التضخم الكبيرة، والبعض يعتبر هذه الإضرابات مسألة حياة أو موت، وهى مصطلحات تظهر فى الشارع السياسى لأول مرة.. فالمظاهرات وسيلة وليست غاية، كما أن الحكومات يجب أن تتوقف عن لعبة شد الحبل مع الجماهير!.
وقالت رابطة مطارات ألمانيا إن نحو 380 ألف مسافر فى رحلات الطيران سيتأثرون بالإضرابات، مضيفة أنها «تخطت كل الحدود المنطقية والمبررة». وحذر بعض ممثلى الشركات من أن النقابات تقدم طلبات غير واقعية، ما يهدد بتقويض القطاع بأكمله.. وفى إسبانيا، خرج الآلاف من الأشخاص إلى شوارع مدريد للاحتجاج على خطط حكومية لخفض الرعاية الصحية العامة.. فأين الخطط الحكومية لاحتواء هذه المظاهرات والإضرابات حماية لهذه البلاد الجميلة من موجات العنف والغضب؟!.
تشير الأرقام إلى أن 150 ألف شخص نزل إلى الشوارع فى العاصمة الإسبانية للاحتجاج على خفض الرعاية الصحية والمطالبة بمزيد من الموارد والتمويل، وكذلك للدفاع عن نظام مدريد الصحى العام والشامل والجيد، ووضع حد لسياسة الخصخصة، والاستعانة بمصادر خارجية للخدمات!.
على أى حال، هذه حالة لم تحدث منذ عقود وأثارت مخاوف الذين يحبون هذه البلاد من احتمالات الفوضى والتخريب، والخوف من نظرية الأوانى المستطرقة فى كل بلاد الاتحاد الأوروبى الذى يحلو للبعض أن يسميه الربيع الأوروبى.. وهو شىء غير معقول، فهذه البلاد واعية بما فيه الكفاية، وينبغى أن تنتبه لأن وجود بلادها أصبح على المحك!.