بقلم : محمد أمين
الكابوس الذى يهدد الغرب الآن هو لجوء روسيا لاستخدام السلاح النووى، الذى أصبح محل نقاش كبير فى أكثر من قمة غربية عُقدت الأسبوع الماضى.. وتدارس المجتمعون احتمالات استخدام بوتين السلاح النووى، وتعاملوا مع الأمر على أنه حقيقة على الأرض، وتم تزويد أوكرانيا بأجهزة ومعدات وقائية ضد الإشعاع.. وتناسوا أن النووى لا يصيب القوات المشتبكة فقط، وإنما يصيب بلادًا كثيرة مجاورة، وهو الأمر الذى يهدد أوروبا كلها!.
أثبتت هذه الحرب الروسية- الأوكرانية أن حلف الناتو أيضًا «خيال مآتة».. كما تحدثتُ أمس عن القواعد الأمريكية فى الخليج.. وأنه موجود ولا قيمة له.. وأنه لم ينفع أوكرانيا فى أى شىء، بدعوى أن دخول الناتو ينقلها مباشرة لحرب عالمية، وكأن بوتين إذا استخدم النووى فلن تكون حربًا عالمية!.
كان هذا الموضوع محل كتابات أمريكية ومحل نقاشات تليفزيونة فى موسكو.. فالتهديدات الروسية تُؤخذ على محل الجد.. سواء من قادة عسكريين أو محللين سياسيين.. خاصة أن موسكو تمتلك المخزون الأكبر للأسلحة الفتاكة فى العالم!.
وكُتّاب الرأى فى الصحف الأمريكية القريبة من السلطة يطالبون الإدارة الأمريكية بأن تفتح شباكًا لبوتين.. فليس من مصلحة أمريكا حصار بوتين إلى هذا الحد.. لأن الجميع سيخسر.. وقياسًا على هذا يقولون إنك لابد أن تفتح شباكًا للفأر الذى يدخل المطبخ.. فليس من المنطق أن تغلق الباب والشباك ثم تنتظر ألا يعرض أدوات المطبخ للكسر والتلف.. افتح له شباكًا ليخرج، وهى أفكار تتردد بقوة من سفراء سابقين ومسؤولين أمنيين، لإنهاء هذه الأزمة، ووقف إطلاق النار وطمأنة روسيا بأن أوكرانيا لن تدخل حلف الناتو ولن تنضم إليه اليوم ولا غدًا وساعتها يهدأ بوتين ويوقف الحرب ونتفادى استخدام السلاح النووى من جانب روسيا، فلا تكون حربًا عالمية!.
هذا هو الاحتكام إلى صوت العقل والمنطق.. وكان بإمكان واشنطن أن تعلن لروسيا أن أوكرانيا ستبقى محايدة وستبقى بعيدة عن حلف الناتو إذا كانت أمريكا تسعى لوقف الحرب وليس لإشعالها.. العقل يقول: لا تساعدوه على العناد، ولكن ساعدوه على التراجع والخروج من الأزمة!.
بالتأكيد عشنا على هامش هذه الحرب أجواء حرب للمعلومات، وشاهدنا استعراض موسكو إمكانياتها من الأسلحة التى لم نسمع بها ولم تستخدم من قبل.. صحيح أنها لم تجربها فى المعركة حتى الآن، ولكنها لوحت بها، وادخرتها لاحتمالات أن تتسع رقعة الحرب، أو تدخل فيها أطراف جديدة!، وبالتأكيد بدأت موسكو تلاعب واشنطن بنفس الأدوات التى تستخدمها وجست النبض فى نقاط كثيرة، وكانت تريد أن تعرف حدود اللعبة!.
باختصار، موسكو تريد فك الحصار عنها دون مزيد من الخسائر، وتريد أن تتوقف الحرب اليوم قبل الغد، وقد قالت أوكرانيا: حقى برقبتى!.. وسلمت بأنها دولة محايدة وبحق روسيا فى القرم والاعتراف بجمهوريات أوكرانيا المستقلة.. فهل تستجيب أوكرانيا والغرب من ورائها، أم تطول الحرب أكثر؟!.. روسيا تقول إنها لن تموت وحدها!.