بقلم : محمد أمين
مصروفات المدارس والجامعات من المعضلات الكبرى التى تواجه الأسرة المصرية كل عام.. فهى تشغل بال الكثيرين من أولياء الأمور، خاصة مع الزيادات المقررة سنويا دون حساب، وقد هالنى ما قرأته عن مدارس أجنبية تصل فيها المصروفات بالباص إلى قرابة المليون جنيه، مما استدعى تقديم طلب إحاطة فى البرلمان!.
وهناك نقطتان للمناقشة فى هذه القضية، الأولى أنها أرقام مبالغ فيها كثيرا، ولا تتناسب مع دولة بهذه الظروف القاسية.. وتبقى النقطة الأكثر غرابة وهى دفع المصروفات بالعملة الصعبة، مع أنها مدارس على أرض مصرية، ونحن أحوج ما نكون لكل دولار ولكل يورو!.
السؤال الآن: من هؤلاء الذين يدفعون فى مدارس الابتدائى وما قبله 800 ألف جنيه أى أكثر من تكلفة الجامعات؟.. ومن هؤلاء الذين يدفعون هذه المصروفات، بينما زملاؤهم فى المدارس الحكومية يدفعون 200 جنيه إلى 500 جنيه فى الجامعات؟!.
وأذكر أن أكبر مبلغ دفعته فى دراستى من الابتدائى حتى الجامعة لم يصل كله إلى ألف جنيه، كما أن أكبر مبلغ دفعته لأولادى كمصروفات دراسية فى عام فى كليات القمة كان 500 جنيه.. وأقصد بكليات القمة الهندسة والألسن، فأين يذهب الذين يدفعون 800 ألف جنيه؟.. وما هو المستقبل الذى ينتظرهم؟!.
ومن المعلوم أن وزارة التعليم تراقب هذه المدارس ومصروفاتها ومناهجها، لكنها لا تتدخل فى تحديدها باعتبارها مشروعات استثمارية، وتترك الأمر للعرض والطلب، فالمدرسة الأمريكة لها مصروفات محددة، والبريطانية لها مصروفات أخرى، ويحدد كل ذلك سوق العرض والطلب.. وكلها تدفع بالعملة الصعبة وكان الأولى أن تدفع بالعملة المحلية على الأقل فى وقت نحتاجها فيه!.
هل المدارس التى تحصل على هذه المبالغ مدارس فندقية؟.. هل تستقبل الطالب فى أول كل أسبوع ويبقى عندها لنهاية الأسبوع، يعيش فى فندق ويتلقى خدمة فندقية، وأهله يعرفون ذلك؟.. ما هى ميزة هذه المدارس بالضبط، هل المدرسون أجانب وهل يحصلون على خدمة تعليمية خاصة، هل من ضمن البرنامج عمل زيارات للخارج؟.. هل المناهج مختلفة عن المناهج المصرية ولا تخضع لإشراف وزارة التعليم؟!.
هل المدارس الحكومية المصرية تتلقى تعليما قيمته 200 جنيه؟.. بينما الأجنبية تتلقى تعليما قيمته 200 ألف؟.. أم أن الخدمة واحدة والفرق فى تكلفة المعيشة؟.. نريد أن نفهم معنى هذه الفروق بين الطبقات الثرية والطبقات البسيطة.. ومن المؤهل فى النهاية للتكيف مع الجامعات المصرية وسوق العمل؟.
هل يعنى ما سبق أن الخدمة التعليمية أصبحت بين أمرين، إما عادية أو سياحية مثل كل شىء فى حياتنا حين تم تقسيمه ضاع.. عندنا مثلا الحج عندما أصبح سياحيا وعاديا فقد كثيرا من روحانيته.. والتعليم فقد كثيرا من قيمته، وهى نقطة يجب أن ننتبه إليها، لأن الأجيال القادمة سوف تعانى كثيرا حتى تحصل على خدمة تعليمية معقولة