قلق حول حرية التعبير في بريطانيا

قلق حول حرية التعبير في بريطانيا

قلق حول حرية التعبير في بريطانيا

 العرب اليوم -

قلق حول حرية التعبير في بريطانيا

بقلم: عادل درويش

الإجراءات التي اتخذتها حكومة الزعيم البريطاني السير كير ستارمر بغرض توحد وتلاحم مجتمعات الأمة وطوائفها، في قوله، عمقت الانقسام الثقافي والاجتماعي والسياسي (وحتى العرقي في تفسير البعض).

فمن ناحية، هناك ترحيب عبّر عنه المستهلك الإعلامي لتغطية المؤسسات الكبرى الشهيرة (المؤثرة في أكثر من ثلاثة أرباع الرأي العام) بأحكام قضائية رادعة بعد مثول أكثر من نصف ألف شخص أمام المحاكم بتهم العنف وتعكير السلام والاعتداء على أشخاص أو ممتلكات في مظاهرات الاحتجاج التي شهدتها مدن بريطانيا (راجع تغطية «الشرق الأوسط» ومقالاتنا الأسبوعين الماضيين)؛ ومن ناحية أخرى الاستياء متزايد (أكثر من نصف البريطانيين في الإحصاءات) من تطبيق القانون «بمكيالين». فمن سمتهم حكومة ستارمر «بلطجية اليمين المتطرف» (رغم أن أغلبيتهم فوضويون تحت تأثير الشراب ومن مشاغبي مباريات الكرة) مثلوا أمام المحاكم في فترة قياسية، في حين ينتظر المتضررون من جرائم كالسرقة بالإكراه والنصب، والاعتداء الجسمي، والاغتصاب، شهوراً طويلةً قبل نظر قضاياهم.

الانقسام - على خطوط الحرب الثقافية - بدا في التغطية والتسميات السياسية؛ وإذا كانت الفوارق اللغوية والثقافية عذراً للصحافيين غير البريطانيين في تسمية الاحتجاجات على سياسة الهجرة بـ«مظاهرات ضد المهاجرين»، فما هي حجة معلقي اليسار في الصحافة البريطانية؟

المنتقدون لخطوات بوليسية اتخذتها حكومة ستارمر كاستخدام برامج الذكاء الاصطناعي في كاميرات التعرف على الأشخاص من وجوههم (عدّتها جمعيات حقوقية «عنصريةً» لأن البرامج لا تزال غير ناجحة مع وجوه غير البيض) ترتفع نسبتهم في مجموعتين؛ منظمات وجمعيات حقوق الإنسان والمحامين (أكثر من ثلاثة أرباع)، وتيارات الوسط ويمين الوسط والليبرتاليين (libertarians) (أكثر من 85 في المائة).

الانقسام الآخر بدا أكثر عمقاً حول حرية التعبير، فالتيارات اليسارية ترحب باتجاه ستارمر وحكومته لفرض إجراءات رقابية، خصوصاً على منصات التواصل الاجتماعي، وخطوة وزيرة المعارف العمالية، بريجيت فيليبسون، بتجميد القانون الذي أصدرته حكومة المحافظين السابقة بضمان حرية التعبير ودراسة كل الأفكار في الحرم الجامعي بسبب تفشي ظاهرة «اللامنبرية» (رفض الطلاب وصغار المحاضرين اليساريين السماح لمن يحمل أفكاراً مخالفةً بإلقاء محاضرات أو الاشتراك في مناظرات).

الوزيرة فيليبسون أثارت انقساماً آخر يوم الخميس في مقابلتها في «بي بي سي» (يفترض بشأن نتائج الامتحانات) عندما طُلب منها توضيح نية الحكومة تدريب أطفال المدارس على التعرف على «الأخبار الزائفة، والمعلومات المضللة ونظريات المؤامرة» على وسائل التواصل الاجتماعي.

وكعادة السياسيين تلاعبت الوزيرة بالألفاظ وتجنبت إجابات مباشرة محددة، مكتفية بما يروق للمستمعين (مع الأخذ في الاعتبار أن أغلبية مستمعي البرنامج الإخباري من يسار الطبقة الوسطى ومن ناخبي العمال)، بأن الهدف توعية أطفال المدارس بتجنب ما هو ضار!

الاقتراح ينقسم حوله المعلمون بنسبة متساوية تقريباً (الاتحاد العام)، أما اتحاد نظار المدارس (وأعضاؤه أكبر سناً) فثلثاه يرونه «غير عملي»، ويفضلون تدريس التفكير كأساس معرفي. فتعريف ما هو معلومات مضللة أو أخبار زائفة أو تفسير تآمري، لا يخضع لمقاييس علمية، بل يعود للذوق والمصلحة الذاتيين، ويتأثر بالاعتقاد الآيدولوجي، وعوامل ثقافية كالبيئة الاجتماعية والديانة، وغالباً ما تجده مجموعة ما مناقضاً لمصلحتها وتعده «زائفاً». ولعل المثال الأسهل فهماً هو نشر معلومة بطريقة «لا تقربوا الصلاة»، خصوصاً وأن محركات البحث توظف برامج الذكاء الاصطناعي، وغالباً سيفوتها أن التضليل هنا مصدره الانتقائية، لأن لوغاريتماتها ستجد العبارة صحيحة لغوياً.

أيضاً مؤسسات حرية التعبير والرأي، كرابطة حرية التعبير، ومؤسسة «إينديكس أون سنسورشيب» (دليل الرقابة)، وجمعيات الكتاب والمؤلفين، أرسلت أكثر من مائتي شكوى واحتجاج، بجانب المؤسسات المالكة لمنصات التواصل الاجتماعي (كتبادل الاتهامات والتراشق بالتغريدات بين مكتب ستارمر وإيلون ماسك عبر منصته «إكس»).

زعيم حزب «الإصلاح»، نايجل فاراج، اتهم ستارمر بمحاولة منعه (كنائب عن دائرة كانت حكراً على المحافظين) من طرح أسئلة لا تعجبه، وأنه «أكبر تهديد لحرية الرأي والتعبير في تاريخ البلاد».

المفارقة كانت إغفال فاراج لفصول من التاريخ كوقائع «1685 - 1688» عهد جيمس الثاني (1633 - 1701) وإعلانه حرية العقيدة (1687) بإنهاء سيادة الكنيسة الإنجليكية وحرية ممارسة الأديان الأخرى، وأيضاً تأكيد سيادة البرلمان فوق المؤسسات الأخرى بإصلاحات عُرفت بـ«الثورة المجيدة» في 1688.

arabstoday

GMT 03:47 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

كلهم يستعدون لنظام عالمى جديد

GMT 06:12 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

إيران بدأت تشعر لاول مرة بأن ورقة لبنان بدأت تفلت من يدها

GMT 04:20 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

هفوات الزمن الكبير

GMT 03:53 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فاروق حسنى.. (شاهد شاف كل حاجة)!!

GMT 03:33 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قلق حول حرية التعبير في بريطانيا قلق حول حرية التعبير في بريطانيا



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:13 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 العرب اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 12:54 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان
 العرب اليوم - اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان

GMT 17:16 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو سعد يتحدث عن غيرته من هيفاء وهبي
 العرب اليوم - عمرو سعد يتحدث عن غيرته من هيفاء وهبي

GMT 12:54 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان

GMT 05:35 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

قائمة الفائزين بـ"جوائز الكرة الذهبية" 2024

GMT 01:12 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الفنان مصطفى فهمي عن عمر يناهز الـ 82 عاما

GMT 17:23 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار عملية ومختلفة لتزيين الشرفة المنزلية الصغيرة

GMT 02:00 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

مقترح أميركي جديد لهدنة في غزة وإطلاق سراح الرهائن

GMT 14:36 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

الجيش الإسرائيلي يتخبّط في "أزمة حادة"

GMT 16:53 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

محمد عبده يفجّر مفاجأة لجمهوره بعد رحلة علاجه من السرطان

GMT 19:44 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

إدانة خليجية جماعية للهجوم العسكري الإسرائيلي على إيران

GMT 05:47 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

كندة علوش تطلّ بالكوفية الفلسطينية في مهرجان الجونة

GMT 07:03 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

طريقان لا ثالث لهما أمام إيران

GMT 17:07 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حلا شيحة تكشف عن سبب ابتعادها عن الأعمال الرمضانية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab