فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

 العرب اليوم -

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

بقلم: عادل درويش

 

مناقشة نواب مجلس العموم البريطاني عريضتين تتعلقان بالنزاع الإسرائيلي الفلسطيني يوم الاثنين، أعادت طرح الجدل في ندوة مغلقة لمجموعة دراسات السلام، حول الوسائل الأكثر فاعلية لتحقيق الأهداف، في مراحل سعي جماعات وشعوب (كالفلسطينيين في هذه الحالة) لحصولهم على حقوقهم المشروعة في ظروف صعبة.

فلأكثر من عام، تتظاهر الجماعات المؤيدة للفلسطينيين في بريطانيا أسبوعياً تقريباً، وبدورها تثير كثيرًا من ردود الفعل بين مؤيد ومعارض، وتقابلها تظاهرات ومسيرات، بعضها يدعم السياسات الإسرائيلية، وبعضها (خاصة من جماعات اليمين) يحتج أصلاً على استمرار مظاهرات الجانبين، باعتبارها قضية خارجية، وترهق ميزانية البوليس والبلديات. مظاهرات 13 شهراً يقابلها تناقص في التأييد بوسائل التأثير على الرأي العام، وفي تيارات الوسط في بريطانيا. فهناك عدم وضوح في المطالب الأساسية، بسبب انضمام جماعات بأهداف ومطالب مختلفة. وحول بعض الجماعات علامات استفهام، بجانب اشتراك محترفي التظاهرات والاحتجاجات ونشطاء في قضايا لا علاقة لها بفلسطين أو إسرائيل، كما أن عدداً من هذه الجماعات يثير اشمئزاز المواطن البريطاني العادي غير المسيَّس.

وبالمقارنة، جلسة مناقشة العرائض في قاعة وستمنستر قبل أيام، قدَّمت في ساعتين ما لم تقدمه المظاهرات، سواء لتغيير السياسات العامة للبلاد، أو لإنهاء الحرب المأساوية نفسها.

تفاصيل الجدل في الجلسة بالأرقام والوثائق وتبادل المقترحات والحلول والتصويت (بلا أي اعتراض) بتبني مضمونَي العريضتين، وضعت التوصيات للحكومة والمقترحات والنقاط الإيجابية في الأوراق الرسمية، وأدت بالحكومة البريطانية إلى التأكيد الرسمي على خطوات يعدها الفلسطينيون ودعاة السلام من الجانبين مكسباً وتحركاً على طريق حل الدولتين، واحتمال فتح أبواب جديدة لإيجاد سبل لإنهاء النزاع.

العريضة الأولى حملت أكثر من 283 ألف توقيع، تطالب حكومة الملك «باعتراف المملكة المتحدة رسمياً بالدولة الفلسطينية»؛ والعريضة الثانية، تذيَّلها 107 آلاف توقيع، تطالب الحكومة «بإلغاء جميع تصاريح تصدير السلاح إلى إسرائيل». والمعتاد أن العرائض الشعبية التي تحمل أكثر من مائة ألف توقيع تنظرها اللجنة البرلمانية للعرائض، وفي معظم الحالات تطرحها للمناقشة في قاعة وستمنستر، وغالباً للتصويت.

اللجنة مؤلفة من 11 نائباً، وتعكس تكوينها نسبة الأحزاب في مجلس العموم، بسبعةٍ من «العمال»، واثنين من كل من «المحافظين» و«الديمقراطيين الأحرار»، ومنهم الدكتورة روز سافيج التي تولت في جلسة يوم الاثنين تقديم العريضتين (بتكليف من اللجنة) للنواب، وإقناعهم بالتصويت لهما. ممثل الحكومة البريطانية في الجلسة كان النائب هيميش فولكنار، الوزير البرلماني المساعد لوزارة الخارجية، لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان.

ورغم أن القرارات النابعة من العرائض التي يصوِّت النواب بتبنيها في قاعة وستمنستر ليست ملزمة، كالقرارات المدرجة على جدول أعمال مجلس العموم في القاعة الرئيسية، فإن الأهمية في بعض الأحوال (كما حدث في جلسة الاثنين) تكون في نجاح العريضة أو بعض محتوياتها، في تأكيد مواقف رسمية كانت غير واضحة، ودخولها السجلات والوثائق البرلمانية، مما قد يؤدي يوماً إلى مساهمتها في صياغة مشاريع قوانين وقرارات رسمية.

فمثلاً، أكد الوزير المسؤول عن المنطقة (فولكنار) التزام المملكة المتحدة حلَّ الدولتين، ومبدأ الاعتراف بالدولة الفلسطينية في إطار مفاوضات التسوية.

المشاركة كانت كبيرة، بنواب من جميع الأحزاب ومن المستقلين، والغالبية مع محتوى العريضتين؛ خصوصاً الملمين بتفاصيل النزاع، ومن قاموا بزيارات ميدانية. ما أثاره الجدل من معلومات دفع أيضاً للأضواء السياسية تفاصيل عديدة (مثل تكرار المطالبة بحل الدولتين على حدود 1967، والقرار 242) غالباً تجهلها الأجيال الجديدة من الساسة والرأي العام؛ خصوصاً أثناء مناقشة العريضة الثانية بشأن تراخيص تصدير السلاح.

حجم تجارة السلاح مع إسرائيل 18 مليون جنيه فقط؛ لكن هناك بعض التراخيص أوقفت بالفعل. أما مطالبة نواب بمنع بيع قطع غيار المقاتلة النفاثة «إف 35»، فتبين مدى صعوبة تنفيذها؛ لأنها ضمن اتفاق عالمي للبلدان المشاركة في تصنيع واستخدام الطائرة. أيضاً أكد الوزير فولكنار أن هناك صادرات دفاعية ومدنية تشترط بريطانيا عدم استخدامها في الضفة الغربية، فبريطانيا من البلدان التي تؤكد عدم شرعية هذه المستوطنات، كما أنها خارج المعاملة المفضلة في الرسوم التي تحظى بها الصادرات الإسرائيلية والمنتجات الفلسطينية حسب اتفاقيات التجارة بين البلدين؛ فالموقف الرسمي هو رفض احتلال إسرائيل للضفة الغربية، بوصفه انتهاكاً للقانون الدولي.

الملاحظة المهمة من مناقشة العريضتين أن الساعين لتسويات عادلة للنزاعات الدولية، عليهم التأكيد على كسب تأييد الأغلبية في برلمانات البلدان العظمى، كوسائل أفضل عملياً من المظاهرات وعمليات العنف التي تأتي بنتائج سلبية. وربما لا يذكر الجيل الأصغر أحداث سبعينات وثمانينات القرن الماضي، عندما بلغت أزمة الفلسطينيين ذروتها في 1982، بخروج المنظمات الفلسطينية من لبنان إلى تونس، ونصائح «الأقلية» من حكماء السياسة بضرورة التركيز على الخلاف قانونياً والمفاوضات السياسية، كالراحل الملك الحسن الثاني (1929- 1999) الذي استضاف قمتين للجامعة العربية (1982 و1985) مكرراً أهمية «الصراع القانوني»، بدلاً من إهدار الأرواح والجهد. ونصح بتفاوض الفلسطينيين والإسرائيليين مباشرة وجهًا لوجه، لسنواتٍ قبل اتفاقيات أوسلو التي رفضتها فصائل فلسطينية كثيرة.

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:36 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر فلسطين وإسرائيل في وستمنستر



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab