بريطانيا غروب شمس المحافظين

بريطانيا: غروب شمس المحافظين

بريطانيا: غروب شمس المحافظين

 العرب اليوم -

بريطانيا غروب شمس المحافظين

بقلم - عادل درويش

ريشي سوناك، رئيس الوزراء وزعيم الحزب الحاكم في بريطانيا يجول المقاطعات ومدن الأقاليم الإنجليزية أكثر من ظهوره في وستمنستر، أم البرلمانات. يقود بنفسه حملات مرشحي الحزب في انتخابات الحكومات المحلية والعمد، التي ستجرى في إنجلترا بعد ستة أسابيع. سيقرر على ضوء النتائج، تحديد وقت الانتخابات البرلمانية - في موعد أقصاه 17 ديسمبر (كانون الأول) هذا العام، وألا يحل البرلمان تلقائياً وتجرى الانتخابات بعد 25 يوم عمل، وفق قانون تحديد دورة الحكم البرلمانية، أي في 28 يناير (كانون الثاني) المقبل. استطلاعات الرأي تضع العمال (47 في المائة) أمام المحافظين (20 في المائة) لتشير إلى أن أقصى أماني سوناك هي اللطف في القضاء، الذي يبدو رده مستحيلاً. باختصار؛ سوناك يدرس اختيار توقيت إعلان الانتخابات العامة في موعد يقلل من حجم الكارثة الانتخابية، التي تقدر فوز العمال بأغلبية تفوق 200 مقعد برلماني؛ منذرة باضمحلال المحافظين وتلاشي تأثيرهم الفاعل برلمانياً.

محامي الحكومة العام السابق (2018-2020) السير جيفري كوكس حذر يوم أمس الأول (الجمعة) من أن فوزاً ساحقاً للعمال سيعني حرمان مجلس العموم لأول مرة من معارضة (سواء المحافظين أو غيرهم) قادرة على تأليف حكومة ظل. المتخصصون البرلمانيون يحذرون من خطر غياب حكومة ظل قوية (كخيار أمام الناخب قادر على تقديم خطط وسياسات بديلة) على الديمقراطية وعلى أداء الحكومة نفسها، مثل رؤية معهد دراسات الحكومة (خزانة تفكير مستقلة تأسس في 2008 ويمول مستقلاً بالتبرعات) بأن غياب معارضة قوية في البرلمان تضعف ولا تقوي من أداء الحكومة، وتنعكس الأضرار على المواطنين جميعاً. الخريطة البرلمانية اليوم، بدورها، لا تدعو المحافظين للتفاؤل بعد خسارة أكثر من دستة من الدوائر في الانتخابات الفرعية في أربع سنوات، وانشقاق، لي أندرسون، نائب رئيس المجلس الإداري للحزب، وانتقاله إلى بنشات المعارضة كأول نائب لحزب الإصلاح (حزب بريكست سابقاً). انشقاق أندرسون (كان عبر بصراحة جريئة بلا تمويه اللغة الملونة عن مخاوف الطبقة العاملة وقلقها من تطورات يتجاهلها الساسة التقليديون فعاقبه الحزب) كان لطمة للمحافظين، الذين وضعوه في منصبه السابق (يقابل وكيل وزارة) لأنه يمثل الطبقات العاملة في مناطق الشمال الصناعية، التي صوتت لـ«بريكست» وفي انتخابات 2019 منحت المحافظين بزعامة بوريس جونسون (2019-2022) خمسين دائرة كانت تقليدياً للعمال. المحافظون ارتكبوا خطأً فادحاً أثار نقمة الناخبين في دوائر الشمال؛ فبدلاً من احتواء غضب أندرسون حاولوا تشويه صورة «الإصلاح» بوصفه بـ«اليمين المتطرف» في صحافة المؤسسة. الـ«بي بي سي» قدمت اعتذاراً رسمياً لزعيم الحزب، ريتشارد تايس، وأزالت صفة «المتطرف» من الأخبار والتعليقات على مواقعها، فور إنذار محامي حزب الإصلاح لهيئة الإذاعة باتخاذ إجراء قانوني ضدها الأسبوع الماضي.

ما زاد خريطة المقاعد البرلمانية تعقيداً أن انشقاق أندرسون جاء أسبوعين بعد فوز جورج غالوواي نائباً عن دائرة روتشيدال عن «حزب العاملين البريطاني» (وأحياناً يسمى «حزب العاملين في بريطانيا العظمى») - وتأسس في 2019 عقب هزيمة العمال، بمبادرة من غلوواي واليسار المتشدد. وكان قبلها أسس حزب «الاحترام» (2013-2016) من اليسارين الراديكاليين من الأقليات، كمنصة أو لافتة يخوض تحتها انتخابات فرعية، ليعود للبرلمان كشوكة في خاصرة الأحزاب الكبيرة التقليدية (كان نائباً في مجلس العموم عن العمال، ثم مستقلاً، وعن الأحزاب التي ترفع اللافتة في دوائر مختلفة ما بين 1987 و2010).

غالوواي يجيد الخطابة ويتميز ببلاغته التي توظف الأقوال والنكات الشعبية في السخرية السياسية (عند انتخابه قبل ثلاثة أسابيع قال للصحافة ساعة إعلان النتائج: «ما قيادتا حزبي العمال والمحافظين إلا كجانبي المؤخرة نفسها التي تلقت الليلة ركلة موجعة من الناخب»).

الخريطة البرلمانية اليوم تتكون من المحافظين (حكومة بـ348 مقعداً) تواجههم معارضة من 17 نائباً كأفراد مستقلين بجانب 284 مقعداً لـ13 حزباً: «العمال» (200)، و«القومي الأسكوتلندي» (43)، و«الديمقراطيين الأحرار» (15) وثمانية «للديمقراطيين الوحدويين» من آيرلندا الشمالية، وسبعة للجمهوري الآيرلندي «شين فين» (يقاطعون جلسات البرلمان)، ومقعدان لكل من «حزب ويلز»، وحزب «ألبا» الأسكوتلندي، و«العمال الديمقراطي الاشتراكي»، ومقعد واحد لكل من «الخضر»، و«تحالف آيرلندا الشمالية» (الوسط والليبراليين تأسس في التسعينات)، و«الإصلاح»، و«حزب العاملين».

من المستبعد أن تغير الانتخابات البرلمانية العامة، بعد ستة أو تسعة أو عشرة أشهر من الخريطة، لكنها بجانب خسارة المحافظين الكبيرة غالباً ما ستزيد من نصيب الأحزاب الصغيرة على حساب الحزبين الكبيرين.

وكما يشكل أندرسون وزملاؤه الذين سيخوضون الانتخابات العامة تحت راية «الإصلاح» خطراً انتخابياً على المحافظين (انقسام الأصوات وضياعها لحساب العمال)، يشكل غالوواي خطراً على العمال، لأنه لا يجذب ناخبي المحافظين، ومعظمهم رفض برنامج العمال في تصويتي «بريكست» (2016) والبرلماني (2019)، وقد يحصل على حفنة مقاعد لكنه سيظل معارضة.

المتوقع تشكيل «العمال» الحكومة القادمة، بلا برامج اقتصادية واجتماعية واضحة؛ وتقابلها معارضة ضعيفة تنذر بعصر ما بعد غروب الشمس عن أم البرلمانات.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بريطانيا غروب شمس المحافظين بريطانيا غروب شمس المحافظين



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
 العرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما
 العرب اليوم - رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
 العرب اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 07:10 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

تحذير أممي من تفشي العنف الجنسي الممنهج ضد النساء في السودان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab