الذكاء الاصطناعي وحقوق التأليف

الذكاء الاصطناعي وحقوق التأليف

الذكاء الاصطناعي وحقوق التأليف

 العرب اليوم -

الذكاء الاصطناعي وحقوق التأليف

بقلم: عادل درويش

نقابة ممثلي السينما في هوليوود، وتضم كبار النجوم العالميين، بدأت إضراباً عامّاً، صباح أول من أمس (الجمعة)، بالاشتراك مع الاتحاد الأميركي للعاملين في الراديو والتلفزيون في كل نشاطات السينما والفنون المرتبطة مثل التلفزيون والإذاعة. المضربون انضموا إلى أكثر من أحد عشر ألفاً من أعضاء نقابة كتّاب أميركا (كتّاب السيناريو للفيلم والتلفزيون) المضربين عن العمل منذ قرابة اثني عشر أسبوعاً.

الإضراب، وهو الأكثر شمولاً منذ أن كان رونالد ريغان (1911-2004) رئيساً، ليس للولايات المتحدة، بل لنقابة ممثلي السينما (1947-1952)، يتعلق بقضايا ومطالب مهنية أساسية، أهمها الأجور، ومستحقات الإعادة (مبالغ يتقاضاها الطاقم الفني والممثلون عند إعادة بث الفيلم أو عرضه)، التي تتجاهلها منصات التواصل الاجتماعي، وقنوات النقل على الأجهزة المحمولة التي تبث الصور والأعمال عبر أثير الإنترنت. وبجانب أن النزاع يتجاوز شركات هوليوود والإنتاج السينمائي العملاقة الضخمة، إلى الوسائل الجديدة مثل «نتفليكس» ووسائل التواصل الاجتماعي، فهو يفجر القلق من تعاظم دور برامج الذكاء الاصطناعي.

نزاع النقابات الثلاث يدور حول نقاط أساسية مثل خلق برامج الذكاء الاصطناعي شخصيات إضافية أو ثانوية بدلاً من توظيف ممثلين، ونسخاً من الممثلين أنفسهم للعب أدوارهم في أعمال فنية ومسلسلات عند الإعادة، والاستغناء عن الممثلين في الإنتاج المعاد أو الحلقات المكملة.

وهناك النزاع حول استبدال بالمؤلفين وكتّاب السيناريو برامج الذكاء الاصطناعي، فنصل إلى نقطة اللاعودة في التحول التاريخي في مسار الإبداع الإنساني في كل مجالات الأدب والفنون المستمر لآلاف السنين، لكنه في الواقع سرقة أدبية وليس إبداعاً بالمعنى المعروف. فالبرنامج لا يخترع فكرة أو يبتكر شخصية أو يرسم صورة بلاغية جديدة بترتيب حروف اللغة، بل يسرق أفكار المؤلفين السابقين وأعمالهم ويعيد صياغتها.

الثلاثاء الماضي تسلمت المحكمة الفيدرالية في سان فرنسيسكو إخطاراً برفع قضية أطرافها المنولوغيست الأميركية سارة سيلفرمان، والكاتبان ريتشارد كادري، وكريستوفر غولدن، يطالبون فيها شركة «ميتا» (صاحبة «فيسبوك») و«تشات جي بي تي»، بتعويضات تقارب ثلاثة بلايين دولار؛ لأن برامج الذكاء الاصطناعي المستخدمة في منصات الشركة، سرقت أعمالهم الأدبية، وأعادت صياغتها، بجانب تقديم أمثلة على نقلٍ بالنص من أعمالهم بلا إذن مسبق.

عريضة الدعوى تضمنت أمثلة لنسخٍ بالنص من أعمال منشورة لهم، سرقتها برامج الذكاء الاصطناعي، وبالتالي تُنظر القضية حسب القوانين الحالية السائدة للنشر وحقوق المؤلف الأدبية والفنية.

القوانين الحالية تسمح بالنقل أو الاقتباس في حدود مائة كلمة، بلا إذن مسبق من المؤلف أو الناشر، لكن يصبح الأمر أكثر تعقيداً قانونياً عندما لا يستطيع المؤلف، أو الناشر، تقديم نموذج لاقتباس مباشر يزيد على مائة كلمة، مثلاً تمكن المؤلفون الثلاثة.

برامج الكتابة الآلية التقليدية مثل «ميكروسوفت- وورد»، و«بايدجز»، و«وورد- بيرفكت»، تضمنت لأكثر من ربع قرن «Thesaurus» (المكنز)، خيارات الكلمات البديلة (كنافذة أو شباك/ ركاب أو مسافرين)، وهي اليوم في متناول الذكاء الاصطناعي، فيمكنها في ثوانٍ إعادة صياغة فصل كامل من كتاب بالأفكار والمعاني نفسها باستخدام مفردات وجمل جديدة، بشكل يصعب معه على محامي المؤلف أو الناشر الأصلي إثبات سرقة النص الأدبي بتعريف القوانين الحالية.

مثلاً يمكن لبرنامج ذكاء اصطناعي صياغة قصيدة شعر أو رواية أدبية، في دقيقة؛ لأن لوغاريتمات البرنامج، خاصة آلية التعليم الذاتي، لها قدرتها على الاطلاع على ملايين الصفحات في آلاف مكتبات العالم من الأعمال الأدبية ونصوص لشعراء وفلاسفة وكتّاب من الحضارات القديمة كمصر وبابل واليونان، إلى الأدباء والروائيين المعاصرين، مروراً بعصر النهضة... في ثوانٍ يتصفح البرنامج كلاسيكيات من «إلياذة» هومير إلى «وداعاً للسلاح» لهيمنغواي، مروراً بأعمال شكسبير وهوغو وفولتير، وهذا ليس إبداعاً، وإنما تقليد أسلوب ونقل عبارات وأفكار ومعانٍ واستنساخ شخصيات وجدها البرنامج بين صفحات أعمال زولا، وديكنز، وسوفكليس. وقد يصل الأمر بدور النشر وهوليوود إلى الاستغناء عن المؤلفين فيتوقف الخيال الإنساني عن الإبداع، خاصة في غياب قوانين تحمي المؤلفين وتحمي الإنسان من القضاء على مواهبه الخلاقة.

النشاطات الثقافية القائمة على الإبداع الإنساني ساهمت بأكثر من 158 بليون (مليار) دولار في الاقتصاد البريطاني في العام الماضي، في حين ساهمت معامل برمجة الذكاء الاصطناعي بأكثر من خمسة بلايين وستمائة مليون دولار في الفترة نفسها، وبينما توجد قوانين ولوائح تنظم الأولى، فإنها تغيب عن الثانية.

وزارة العلوم والابتكارات والتكنولوجيا البريطانية، أعدت ورقة بيضاء لتنظيم الذكاء الاصطناعي، ومعظمها تركز على حقوق الإنسان، والسلامة والأمن، وتكافؤ الفرص، والمحاسبة أمام القانون، في حين تغيب مقترحات فاعلة لتقنين النشاطات الإبداعية، كالتأليف والرسم.

الأسبوع الماضي، سحب قضاة التحكيم جائزة التصوير الفوتوغرافي من الأسترالية سوزي دوجتري؛ لاعتقادهم (خطأً) أن الصورة خلقها الذكاء الاصطناعي. وقبل شهرين، فاز المصور الألماني بوريس الداغسن بجائزة شركة «سوني» لأفضل صورة، لكنه رفض تسلمها، معلناً أنها ليست للكاميرا، بل خلقها الذكاء الاصطناعي، متعمداً إثارة الجدل حول طبيعة الفن والتصوير، وإمكانية استبدال بالكاميرا والمصور والفنان، الذكاء الاصطناعي.

النموذجان يطرحان الأسئلة في حال صدور قانون لتنظيم الذكاء الاصطناعي: كيف سيطبق؟ من القضاة والمحلفون؟ أهُم بشر أم لوغاريتمات صممها ذكاء اصطناعي؟

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الذكاء الاصطناعي وحقوق التأليف الذكاء الاصطناعي وحقوق التأليف



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab