بعد فرانس تيمرمنز من يجترح التسويات المناخية

بعد فرانس تيمرمنز من يجترح التسويات المناخية؟

بعد فرانس تيمرمنز من يجترح التسويات المناخية؟

 العرب اليوم -

بعد فرانس تيمرمنز من يجترح التسويات المناخية

نجيب صعب
بقلم- نجيب صعب

النقاش الساخن الذي رافق اختيار بديل عن فرانس تيمرمنز، نائب الرئيس التنفيذي لمفوضية الاتحاد الأوروبي المسؤول عن السياسات المناخية و«الصفقة الخضراء»، يؤكّد الموقع المحوري الذي يحتلّه المناخ في السياسات الدولية اليوم. فالمرشحون لخلافته خضعوا لسلسلة من الاستقصاءات والأسئلة المحرجة، للتأكد من مواقفهم والتزاماتهم.

لكن في حين تعد الدول الأوروبية المناخ والبيئة في طليعة الأولويات السياسية، تستمر البيئة في معظم الدول العربية موضوعاً من الدرجة الثانية. وفي حين يدور الصراع في أوروبا على قيادة سياسات البيئة والمناخ بين سياسيين من أرفع المستويات، يستمر توزيع حقائب البيئة والمناخ في كثير من حكوماتنا كجوائز ترضية للأقليات الحزبية والاجتماعية والعرقية. وأذكر أنه حين تم تعيين وزير سابق للخارجية وزيراً للبيئة في لبنان قبل عقدين من الزمن، اعتُبر هذا بمثابة عقاب من العهد الجديد، وليس لدعم البيئة بشخص يحمل خبرات في العلاقات الدولية. أما الذي تقدم التنافس على احتلال مركز فرانس تيمرمنز في الاتحاد الأوروبي اليوم فهو وزير الخارجية الحالي ووزير المال السابق في هولندا، ووبكي هوكسترا، باعتبار المنصب الجديد ترقية لا عقاباً، كما حصل مع وزير الخارجية اللبناني الأسبق. وقد واجه هوكسترا، منذ رشّحته حكومته للمنصب، اعتراضات من مجموعات بيئية بسبب عمله السابق في قطاع النفط، كما اتهمته الأحزاب اليسارية في البرلمان الأوروبي بعدم وضوح مواقفه من قضايا العدالة الاجتماعية وتوزيع الأعباء. لكنه في النهاية قدَّم التزامات للنجاح في امتحان التسويات.

استقال تيمرمنز من منصبه في المفوضية الأوروبية ليقود حزبه في الانتخابات البرلمانية المقبلة في هولندا، سعياً للوصول إلى رئاسة الحكومة. وإذا كان هذا سيؤدي إلى دعم العمل البيئي والمناخي في هولندا، فهو سيُحدث فراغاً على المستوى الأوروبي لن يكون من السهل ملؤه. فقد حفلت ولايته بإنجازات كبرى، نقلت العمل البيئي والمناخي إلى مراحل متقدّمة. ومنذ تسلُّمه ملفّي المناخ و«الصفقة الخضراء» قبل أربع سنوات، حقق تيمرمنز ما عجزت المفوضية الأوروبية عن تحقيقه خلال أكثر من 15 عاماً، داخل أوروبا كما في المفاوضات الدولية، بعد نجاحه في تمرير 12 قانوناً أوروبياً لخفض الانبعاثات الكربونية إلى الصفر بحلول سنة 2050. ولتجنُّب احتماء بعض الدول بالأهداف طويلة الأجل للتقاعس والتأجيل، التزم الاتحاد الأوروبي بخفض مرحلي للانبعاثات إلى النصف بحلول سنة 2030، بعدما استطاع تيمرمنز تجاوز اعتراضات دول كثيرة طالبت بتمديد المهلة، بينها فرنسا. وبدلاً من التمديد، وافق الاتحاد الأوروبي لاحقاً على تعزيز خفض الانبعاثات إلى 55 في المائة بدلاً من 50 بحلول 2030.

قد تكون «الصفقة الأوروبية الخضراء»، التي أُقرَّت عام 2020، أبرز البرامج التي يقودها تيمرمنز. وتتميّز هذه المبادرة بأنها تربط العمل المناخي برعاية البيئة وحماية الموارد الطبيعية، عن طريق مراجعة جميع القوانين للتأكد من مطابقتها للشروط المناخية والبيئية، بما يضمن تحوُّل أوروبا إلى مجتمعات عادلة ومزدهرة، تعتمد اقتصاداً دائرياً تنافسياً.

ومن أهم مكوّنات «الصفقة الخضراء» التحوُّل إلى الطاقة النظيفة، مع التركيز على تعزيز الكفاءة وترشيد أنماط الاستهلاك، إلى جانب تعميم مصادر الطاقة المتجددة وتطوير تقنيات الهيدروجين الأخضر. ويكتسب التحوُّل إلى الصناعة الأنظف واعتماد الاقتصاد الدائري في الإنتاج والاستهلاك أهمية كبرى في الخطة، برفع نسبة إعادة الاستعمال، وتدوير المواد في عمليات صناعية جديدة بدلاً من اعتبارها نفايات. ومن الأمثلة البسيطة على نجاح هذه التدابير أنّ فرْض رهن مالي على جميع أنواع العبوات الفارغة رفعَ نسبة إعادتها إلى المراكز المخصصة لاسترجاع ثمنها إلى أكثر من 90 في المائة، بدلاً من رميها مع النفايات. وكثيراً ما ترى صغاراً وكباراً في مدن أوروبية يجمعون العبوات والقناني القليلة المرمية في مستوعبات النفايات أو على جوانب الطرقات، لتحصيل قيمة الرهن.

ومن مكوّنات «الصفقة الخضراء» أيضاً استخدام مواد قابلة لإعادة الاستعمال في صناعة البناء، وتجديد الأبنية القديمة لتعزيز قدرتها على العزل الحراري وتوفير الطاقة والمياه. ومن ضمن المبادرات «خطة العمل نحو صفر تلوُّث»، التي تهدف إلى وقف التلوُّث في الماء والهواء والتراب بحلول 2050. كما تشمل الصفقة التحوُّل إلى وسائل النقل المستدامة، ليس فقط باستخدام الكهرباء والهيدروجين، بل بتعزيز النقل العام وتنظيم المدن وتخطيط مراكز السكن والعمل والترفيه لضبط حركة المواصلات.

وتتميّز الخطة باعتبار الحفاظ على التنوُّع البيولوجي وحماية الطبيعة أساساً في العمل المناخي، بحيث وضعت أهدافاً محددة في هذا المجال لسنة 2030، منها حماية 30 في المائة من الموائل البرية والبحرية والغابات، وزراعة 3 مليارات شجرة، وإحياء 25 ألف كيلومتر من مجاري الأنهار. وقد تعزَّز هذا التوجُّه بالاتفاق على «قانون استعادة الطبيعة»، الذي يحدّد خطوات عملية لإحياء الأنظمة الطبيعية المدمّرة والمهدّدة عبر أوروبا.

وقد تكون أكثر مكوّنات «الصفقة الخضراء» طموحاً تلك المتعلقة بالزراعة، إذ تتضمّن أهدافاً كبرى لسنة 2030، منها رفع نسبة الزراعة العضوية إلى 25 في المائة، وخفض استخدام الأسمدة بنسبة 20 في المائة، والمبيدات بنسبة 50 في المائة.

وإلى دوره القيادي في السياسات والقوانين البيئية والمناخية في أوروبا، لعب فرانس تيمرمنز دوراً محورياً في مفاوضات المناخ الدولية، وكان وراء التسوية التي أدّت إلى إقرار صندوق الخسائر والأضرار، أبرز إنجازات قمة المناخ السابعة والعشرين في شرم الشيخ.

لن تكون سهلة مهمة من وقع عليه الخيار ليحلّ مكان فرانس تيمرمنز في قيادة «الصفقة الأوروبية الخضراء». والأكيد أن قمة المناخ المقبلة في دبي ستفتقد قدرته الفائقة على اجتراح التسويات.

* الأمين العام للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) ورئيس تحرير مجلة «البيئة والتنمية»

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بعد فرانس تيمرمنز من يجترح التسويات المناخية بعد فرانس تيمرمنز من يجترح التسويات المناخية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab