أزمة غزة اجتهادات فى فهم ما حدث وسبل تجاوزه

أزمة غزة.. اجتهادات فى فهم ما حدث وسبل تجاوزه

أزمة غزة.. اجتهادات فى فهم ما حدث وسبل تجاوزه

 العرب اليوم -

أزمة غزة اجتهادات فى فهم ما حدث وسبل تجاوزه

بقلم - جميل مطر

كعادة فريقنا كلما استعصى الفهم وتعقدت السبل واختلفت الآراء اجتمعنا، وعلى غير عادتنا وقع اجتماعنا هذه المرة على الهواء. حدث خلال الشهور الستة الماضية ما استعصى علينا فهمه، وما اختلفت عليه المواقف وسبل الخروج منه ما استدعى من جانبنا اجتماعًا. أما ما اتفقت عليه الآراء فكان الأمر البديهى، وهو أن نكبة ثانية حدثت وأن دول المنطقة تصرفت بشكل مختلف عن تصرفها خلال النكبة الأولى.
ببساطة أرجع عدد من المشاركين اختلاف تصرف دول جوار فلسطين فى نكبة أولى عن تصرفها فى نكبة ثانية، وبالتحديد إقدامها فى النكبة الأولى على التدخل العسكرى الصريح، وتعمدها عدم التدخل فى الثانية، أرجعها إلى الآتى:
أولًا: خشية عامة فى عواصم الجوار من أن تأتى النكبة الثانية بمواصفات النكبة الأولى. نعرف الآن أن بعض المواصفات، وبخاصة فى الحرب كما فى النتائج المباشرة وغير المباشرة، كان كارثيًا، وإن كنا فى الوقت نفسه نعرف أن مواصفات أخرى اختلف حول حدود كارثيتها المؤرخون ومحررو الكتب المدرسية فى شتى أنحاء العالم العربى.
ثانيًا: شكوك فى القدرة الذاتية لكل دولة على حدة بالنسبة للقوة الإسرائيلية المعززة بالقدرات الأمريكية والبريطانية أو الغربية عموما، وشكوك أقوى فى القدرة العربية على التصدى لجيوش الغرب بالإضافة إلى شكوك فى مدى تناسب الإرادتين الروسية والصينية مع اللحظة الراهنة فى تطور النظام الدولى، وشكوك أكثر فى نوايا وقدرات الجانب الفلسطينى فى هذا الصراع الوجودى. كلها وغيرها عوامل ساهمت فى صنع موقف دول الجوار العربى القريب والبعيد، على حد سواء.
ثالثًا: الموقف من العامل الإيرانى. لعبت إيران دورًا مزدوجًا فى مراحل صنع وتطور النكبة الثانية. إذ بينما نجحت فى تعزيز قوة جناح أو أكثر داخل الساحة الفلسطينية للعمل ضد إسرائيل فقد فشلت فى خلق جبهة شرق أوسطية تحمى فلسطين والمقاومة وداعميها من وحشية رد فعل الصهيونية ومن جبروتها. من الصعب أيضا تناسى الترتيب أو التمهيد لوقوع مثل هذا الحدث أو غيره بحملة دبلوماسية عربية وغربية وصهيونية أثمرت تعبئة مناهضة لإيران وأنشطتها فى شتى أنحاء العالم العربى.
• • •
انتقلنا لمناقشة بدائل المستقبل، بدائل تقلل من فرص العودة الدورية إلى نكبة بعد أخرى. لاحظت من موقعى فى الاجتماع أن لا أحد من الحاضرين عرض بديلًا يكفل للفلسطينيين مستقبلًا آمنًا ومستقرًا لعقود عديدة قادمة. معذورون ولا شك، فالانطلاق من وضع دولى غير مستقر ولا ثابت المعالم ووضع إقليمى لا يبعث على التفاؤل، كفيل بأن يستبعد من النقاش الجاد أية بدائل واقعية تثير الاطمئنان أو تردع النكبات. مع ذلك ناقش المشاركون بدائل أقل طموحًا يمكن أن توفر فرصًا إيجابية وإن محدودة. ناقشوا:
أولًا: يمكن لمشروع دولى، على نهج مشروع مارشال لإعمار أوروبا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية، أن يخلق فرصا جديدة أمام مختلف دول المشرق. حاول صاحب الفكرة تبرئتها من اتهام بالتشابه مع المشروع الإبراهيمى بأن وضع لفكرته شروطًا. من هذه الشروط أن يكون البديل المقترح نابعًا من إرادة دولية متعددة الأطراف والصين فيها طرف مؤسس ورئيسى. يشترط أيضًا أن تكون إيران عضوًا مستفيدًا كبقية الأعضاء ولا تكون لإسرائيل أية ميزة خاصة. يكون لفلسطين الوضع المميز باعتبارها بؤرة المشروع والمستفيد الأكبر من برامج الإعمار وبناء الدولة.
وجهت انتقادات لهذه الفكرة باعتبار أنها رغم مختلف الاحتياطات والشروط تظل أقرب شىء ممكن من مفاهيم الشرق أوسطية كبديل للنظام العربى ومن الفكرة الإبراهيمية التى نشأت محاطة بكثير من الشكوك الدينية والقومية والفلسطينية.
ثانيًا: للترويح عن الحاضرين وإثارة خيالاتهم راح أحدهم يطرح حلم العمل على زرع خلافات أو تعميق المتوافر منها بين الولايات المتحدة ودولة إسرائيل. وفى معرض دفاعه عن موقفه قال إن هذا الفعل جارى العمل به فى العلاقات الدولية، تستهجنه الدول وتمارسه. المهم، حسب رأيه، أن تثق الجماعة العربية بإمكاناتها، وهى ليست قليلة ولا ضعيفة، وأن تتبنى خططًا طويلة الأمد. ولقد أثبتت الأيام أن العلاقات بين هاتين الدولتين يمكن أن تصاب بالضرر. لا يخفى أن «حماس» بصمودها وبتكلفة غالية كادت تفلح فى تحقيق ذلك دون أن تقصد أو تتعمد.
ثالثًا: العودة إلى أفكار التكامل الاقتصادى والأمنى العربى وبالاستفادة من التجارب السابقة مثل أهمية أن يبدأ بسيطًا وينهض متدرجًا ومنفتحًا على العالم الخارجى وبخاصة على مجموعات دول الجنوب. مفيد له أن يستعين بمبادرات صمدت فى وجه طوفان العولمة أو عنفوان المشاعر القطرية أو الخلافات الناشئة عن تناقض المصالح الضيقة للنخب السياسية وزعماء الدول.
هذه المبادرات تعرضت بدورها لانتقادات متنوعة، أهمها بطبيعة الحال فشل نسبى لمختلف تجاربها السابقة على امتداد عمر النظام الإقليمى العربى، وفى الوقت نفسه غياب أية بوادر أمل أو توافر النية فى الإصلاح أو ابتكار أنظمة تكامل جديدة. مع ذلك تخرج الآن من تحت ركام الدمار فى فلسطين وردود فعل الشعوب الأجنبية لأزمة غزة والضفة الغربية وتجربة حرب الإبادة التى مارستها مجموعة فاشية الميول الدينية اليهودية ضد الشعب الفلسطينى، تخرج اجتهادات تمحو منحى بعث نهضة عربية شاملة لردع إسرائيل ووقف تمدد الاستيطان اليهودى لتحقيق حلم إقامة دولة إسرائيل العظمى.
نسبة معتبرة من المشاركين ترى أن العرب ما زالوا بعيدين عن تحقيق مثل هذه المبادرات الحالمة فى نظرهم لأسباب أهمها: (1) نفور الطبقات الحاكمة من المؤسسات فكرًا وممارسة (2) التخلى عن التزام العقيدة القومية (3) صعود متوالٍ فى الانقسامات الطائفية (4) اتساع الفجوات الاقتصادية والاجتماعية داخل الأمة وداخل أجزائها (5) استمرار التوحش الصهيونى. (6) عجز الأمة وقياداتها عن توليد زعامات قومية أو إقليمية. (7) الميل المتزايد لتسوية أزمات الديون المستحكمة على مستويات ثنائية عوضًا عن الحلول العربية الجماعية أو متعددة الأطراف. (8) تطور ملحوظ للأزمات الداخلية فى دول عربية نحو الحرب الأهلية بعد أن جربت حروب الجماعات والمنظمات الإرهابية، وبعضها غير برىء من شبهة الإيعاز أو التمويل الخارجى.
• • •
بحكم الظروف اجتمعنا فى سرعة وانفض اجتماعنا بسرعة. خرجنا وقد ازداد أكثرنا اقتناعًا بأن الأزمة بثناياها ومرتفعاتها، أو بأخاديدها وقممها، باقية معنا لزمن قد يطول. إن شئنا تفاؤلًا فلنسع لتحقيق إنجازات محلية، هنا أو هناك تعيد إلينا ثقتنا بأنفسنا. لن يفيد الهرب أو التأجيل أو التسويف حتى إن هيىء أحدها لنا ولأولادنا من بعدنا. لن يفيد إلا النهوض والرقى وامتلاك نواصى القوة والانتباه إلى حقيقة أفرزتها أزمة غزة، وهى أن كل دول الجوار العربى بالنسبة للعقل اليهودى الفاشى ليست إلا مواقع استيطان أو قواعد نفوذ.

arabstoday

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 06:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 06:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 06:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 06:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 06:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

GMT 06:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أزمة غزة اجتهادات فى فهم ما حدث وسبل تجاوزه أزمة غزة اجتهادات فى فهم ما حدث وسبل تجاوزه



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 العرب اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر

GMT 10:21 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل اعتقلت 770 طفلاً فلسطينيًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

GMT 12:02 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

قصف إسرائيلي يقتل 8 فلسطينيين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة

GMT 08:39 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل السراويل الرائجة هذا الموسم مع الحجاب

GMT 16:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab