النظام العربى كالدولى نحو أفول أم نحو شىء آخر

النظام العربى كالدولى نحو أفول أم نحو شىء آخر

النظام العربى كالدولى نحو أفول أم نحو شىء آخر

 العرب اليوم -

النظام العربى كالدولى نحو أفول أم نحو شىء آخر

بقلم - جميل مطر

أتصور أن الرأى بدأ يستقر عند نظرية عنوانها يشى بأن النظام الدولى الذى كان جيلى شاهدا على ولادته خلال نهايات الحرب العالمية الثانية يدخل بالفعل هذه الأيام مرحلة أفوله. السؤال الذى تتقاذفه الآن طاولات البحث العلمى فى بعض عواصمنا العربية يلف ويدور فى صياغات مختلفة حول التوصيف الأنسب للحال الراهنة فى النظام الإقليمى العربى. هذا النظام الذى وضعت لبناته الأولى فى الوقت نفسه الذى شهد صياغة قواعد وسمات عمل النظام الدولى الجديد.

يسألون ومعهم نسأل، هل دخل النظام العربى بالفعل مرحلة أفول كالتى سبق ودخلها فى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضى النظام الدولى وانتهت بالتحول إلى نظام آخر عنوانه الهيمنة؟ أم لعله، وأقصد النظام العربى، مستمر صامدا فى حال الكمون التى دخلها قبل سنوات، مع علمنا الأكيد بأن الفرق شاسع بين الكمون والأفول عند دراسة أحوال الدول والعلاقات بينها.   

للتذكير، لا أكثر، أعدد فيما يلى أهم التحولات التى شابت النظام الدولى أو دخلت عليه حتى انتهى أمره إلى حال الأفول فى انتظار بديل مناسب يحل محله. وهو الأمر الذى نعلم كم هو صعب ومراوغ وإن بدا للبعض منا عند الأفق ممكنا أو قادما. نرى وتأكدنا مما نرى:

أولا: إن القطب المهيمن دخل منذ عقود حال انحدار لم تفلح فى وقف استمرار تدحرجها بافتعال أو تشجيع نشوب حروب صغيرة هنا وهناك أو إقامة تحالفات صغيرة فى شتى الأنحاء.

ثانيا: أن الصين قطب بالتأكيد صاعد ولكنه الصعود الحذر. تؤكد لنا المراقبة الجيدة أن الصين على امتداد مرحلة صعودها الاشتراكى ثم الرأسمالى الموجه لم ترتكب قفزة واحدة فى غير زمانها أو مكانها. نعرف الآن أن دولا فى الغرب كما فى الجنوب خطت بالفعل أو تخطو خطوات واسعة نحو الصين ولم تنتظر أن تبدأ بها الصين.

ثالثا: صار مطروحا وفاعلا الاقتراح بأن كتلة دولية هائلة اتخذت لنفسها اسم «عالم الجنوب»، أو هكذا سميت فى الغرب، رغم أنها ما تزال فى طور التكوين. كتلة تتحرك فى عديد الاتجاهات ومنها الاتجاه نحو الشرق الأوسط.

رابعا: سباق محتدم وبشدة، من نوع غير مألوف فى أبعاده ومكوناته ومواقعه منذ سباق الثورة الصناعية فى القرن التاسع عشر، إنه سباق التكنولوجيا نحو عصرها الذهبى. تكمن جاذبية السباق للدول الصغيرة والمتوسطة فى كونه مؤهلا لها ومناسبا وممكنا.

خامسا: اهترأت أو كادت تهترئ سمعة منظومة قيم النظام الدولى الراهن بسبب السلوك المتردى للسياسة الخارجية الأمريكية وسياسات دول فى الاتحاد الأوروبى. فى رأينا أن الفوضى الناتجة عن هذا الاهتراء أصابت دولا عربية بالضرر وأخرى بخيبة الأمل وصعوبات فى التأقلم مع فوضى، قيمية، ضاربة.

سادسا: السقوط المدوى المتكرر لمكانة وفاعلية مجلس الأمن وبخاصة خلال أزمة الحرب الإسرائيلية الأمريكية على الفلسطينيين، والمواقف المخزية لدول الغرب ضد الأونروا والتقاعس عن حماية بعثات المعونة الإنسانية والصحفيين.

•  •  •

سوف يمضى وقت غير قصير قبل أن يتمكن المنظرون والباحثون من تحليل ثمار التحولات فى التفاعلات والعلاقات الدولية وآثارها على مجمل أنشطة هياكل وقواعد عمل النظام الإقليمى العربى. نلاحظ مثلا أنه فى الدولى الراهن كما فى الإقليمى الراهن قطب مهيمن مهدد بالانحدار وقطب ناهض يصعد، وفى النظامين كتلة على طريق التشكل وثورة تكنولوجية فى قوة الثورة الصناعية الأولى ناشبة فى بؤر ما تزال محدودة.

يمكننى على كل حال أن أقترح فيما يلى بعضا من ثمار وآثار تفاعلات جارية حاليا بين نظامين أحدهما فى وضع أفول والثانى صار مصيره محل تساؤل. لاحظنا أن أكثر الثمار معطوب وأكثر الآثار عميق:

أولا: اتسعت الفجوة مجددا بين النخب الحاكمة من جهة وغالبية الشعوب العربية من جهة أخرى حول أساليب التعامل مع القضية الفلسطينية. مرة أخرى يتأكد فشل السياسات الرسمية العربية منذ أيام النكبة الأولى. مرة أخرى نفشل فى تغيير موقف الغرب وبخاصة الولايات المتحدة من الصراع. مرة أخرى تتأثر شعبية النخب السياسية العربية ويتعرض للتهديد استقرار أحوال بلادها.

ثانيا: ابتعاد الدول العربية بتدرج محسوس عن فرص وضرورات العمل العربى المشترك. لم تعد لمشاريع العمل المشترك أولوية كانت لها وتراجع التفكير والتخطيط فى مجال سد ثغرات الأمن القومى العربى والنهوض بالتنمية المتكاملة.              

ثالثا: تدهور مكانة السلطة الحاكمة فى فلسطين المحتلة لدى مختلف التيارات العربية غير الحكومية. لم تتدخل السلطة مرة واحدة دفاعا عن مواطنيها ضد غزوات المستوطنين الجدد وتجاوزات قوى الاحتلال فى الضفة الغربية قبل أحداث السابع من أكتوبر. هذا التدهور يعنى مكسبا صافيا لدولة الاحتلال وعبئا إضافيا على أكتاف المقاومة المسلحة ممثلة فى حركة حماس وغيرها. يعنى أيضا أنه صار يمثل عقبة كئود فى وجه أصحاب النوايا الطيبة نحو السعى لتشكيل نظام حكم وطنى فى مرحلة تبدأ باليوم التالى لانسحاب الاحتلال.

رابعا: شهور عديدة من العنف المتبادل بين المقاومة المسلحة وقوات الاحتلال والمشاركة الملموسة من جانب العناصر السائرة فى الفلك الإيرانى كالحوثيين وحزب الله اللبنانى. تأكد خلال هذه الشهور الغموض المثير المحيط بالدور الإيرانى وبخاصة الجزء من هذا الدور المتعلق بالعلاقة مع الولايات المتحدة. لا أحد، فى ظنى، استطاع فك طلاسم مصير هذه الحلقة الجوهرية فى الدور الإيرانى وطموحاته غير المقبولة عربيا.

خامسا: على الرغم من بشاعة سلوك إسرائيل والتعقيدات التى فرضتها على محاولات التوصل لتهدئة القتل أو وقف دائم لإطلاق النار، أثبت الاتفاق الإبراهيمى صلابته ومناعته فى ظروف شديدة التعقيد والقسوة، أسوة باتفاقات الصلح والسلام الموقعة قبل عقود عديدة مع مصر والأردن. وفى الوقت نفسه استمر السعى بإصرار لضم المملكة السعودية للاتفاق، بالنظر إلى أن قوى مالية واقتصادية هائلة داخل أمريكا وخارجها وبخاصة فى إسرائيل تأمل فى الاعتماد على المملكة فى تمويل واحتضان جانب رئيسى من الثورة الناشبة فى قطاع الذكاء الاصطناعى.

سادسا: لم تعد أغلب الدول العربية تستفيد من عضويتها فى الجامعة العربية سواء فى مجال الأمن أو فى مجالات التنمية الاقتصادية. استفادت عندما كانت تسعى للحصول على الاستقلال ثم راحت تتضاءل الاستفادة حتى كادت تقتصر على عائد التشاور والأغراض الإعلامية والعلاقات الثنائية.

•  •  •

لا عقيدة قوية جامعة. لا نخبة أو جماعة أكاديمية عربية تقود بالفكر والبحث العلمى التوجه نحو التكامل والأمن القومى. لا منظومة قيم وسلوكيات قومية متعارفا أو متفقا عليها. لا محظور قوميا فى السياسات القطرية العربية الراهنة. لا حصانة أو مناعة كافية لحدود النظام العربى الخارجية ضد الاختراق من دول وجماعات من خارج النظام. أخشى أن تكون هذه المجموعة من اللاءات كافية، إن رسخت، للدفع نحو الأفول المبكر للنظام الإقليمى العربى.

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النظام العربى كالدولى نحو أفول أم نحو شىء آخر النظام العربى كالدولى نحو أفول أم نحو شىء آخر



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 16:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية
 العرب اليوم - نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 03:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تطالب بتبني قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة

GMT 06:00 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 18:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 18:00 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يكشف سر تكريم أحمد عز في مهرجان القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab