مهن للطيبين فقط

مهن للطيبين فقط

مهن للطيبين فقط

 العرب اليوم -

مهن للطيبين فقط

بقلم:د. آمال موسى

عندما نتحدث عن عالم المهن واستحقاقات العمل الجيد فإننا نركز، ولنا الحق في ذلك، على الكفاءة والصنعة والجدية. وكما نرى فهي خصال أساسية تمكن صاحبها من النجاح في مهنته، والمجتمع يستفيد من عمله وكفاياته.

ولكن هل هذا كل ما يستلزمه العمل بالنسبة إلى كل المهن؟ هل هذه الشروط هي نفسها المطلوبة ولا شيء غيرها؟

نظرياً وعملياً وموضوعياً فإن شروط الكفاءة والجدية والمهارة كافية جداً. بل إن توفر هذه الشروط الثلاثة مجتمعة يعد حظاً كبيراً وإنجازاً في عالم أصبح فيه التقاعس والرغبة في الربح السريع والوصول إلى الثروة، الغاية والوسيلة معاً.

في الحقيقة كل هذه الديباجة في وضع شروط العمل والنجاح في ممارسة أي مهنة لا غبار عليها وتظل منتهى ما يمكن تحقيقه.

غير أن التجربة في المجتمع وأخذ خبرة عامة حول مفاتيح النجاح في المهن وتوزيع المهن حسب القطاعات والمجالات وطبيعة الفئات التي تُسدَى لها الخدمات قد تحتاج إلى وضع بعض الإضافات، أو لنقل إضافة شرط إلى خانة معينة من المهن.

طبعاً هذا الشرط لا صلة له بامتلاك اللغة الإنجليزية ولا بضرورة التمكن من استعمال تكنولوجيا الاتصال والإبحار في العالم السيبراني. هو شرط لا يخطر على البال ولا يمكن للنظريات أن تتفطن له. شرط هو ثمرة الخبرة في الحياة والاطلاع على عوالم المهن ذات الصلة بالعمل الاجتماعي مع الفئات الاجتماعية المهمشة والفاقدة للسند أو هي في حالات تهديد. إنه شرط الطيبة. العمل مع الفئات الاجتماعية الضعيفة والموجوعة اجتماعياً لا يمكن أن يقوم به وينجح فيه إلا الطيبون فقط.

في عالم الأطفال وكبار السن الفاقدين للسند تحتاج إلى أشخاص لهم من النبل ما يجعلهم يفكرون خارج التوقيت الإداري للعمل وخارج الواجب المهني المحدد. تحتاج إلى أشخاص يتورطون بسرعة عاطفياً ويصبح الطفل اليتيم وغيره الفاقد للسند والمتخلى عنه وكبير السن الوحيد المحتاج... كلهم معنيون بهم ويهمهم متابعتهم والسهر على راحتهم وتفهم حتى توترهم ومزاجهم المتقلب باعتبار أن أسرهم لفظتهم وانكسروا اجتماعياً وأصابهم الوجع الذي لازمهم.

إن التعاطي مع هذه الحالات يتطلب نفساً واسعة وصدراً رحباً وقلباً طيباً يشعر بهم ويفهمهم ويتفهم حتى تجاوزاتهم. لذلك فهي ليست مهناً للجميع ولا يمكن لأي مؤسسة ترغب في انتداب إطارات للعمل في مراكز إيواء أو رعاية أن تدرج مثل هذا الشرط صراحة، بل إن الذي يترشح لمثل هذه الخطط هو المطلوب منه أن يتحاور مع نفسه مطولاً وأن يعدد مشاق العمل في المجال الاجتماعي الهش وأن يكون مستعداً لفناء حياته المهنية في خدمة فئة هشة من دون أن يتذمر أو تكون تلك المهنة سبباً في جني أفعال يحاسب عليها في الدنيا والآخرة.

من هذا المنطلق، فإن الذاهب إلى عوالم الفئات الهشة للعمل ورعايتها ليعلم أنه في عالم مفاتيحه الطيبة، والنبل، وحبّ الإحسان والخير.

من جهة ثانية، من المهم بالنسبة إلى الدول أن تضع أطراً مهنية خاصة للعاملين في خدمة الفئات الهشة وأن تتعاطى مع هذه المهن بوصفها شاقة وتستنزف العاملين فيها بدنياً ونفسياً. ففي عوالم كبار السن المتخلى عنهم والأطفال ضحايا التقصير والإنجاب خارج إطار الزواج توجد خلاصة الخيبات والفشل الاجتماعي، أي أن العاملين في هذه العوالم يتعاملون مع نفسيات هشة مدمرة تجر آلاماً وخيبات ومشاعر مختلطة من الغضب والحرمان والاحتقان. هم باختصار في أوساط غير طبيعية لأن مسار حياتهم وظروفهم غير طبيعية، الشيء الذي يتطلب قدرة على التحمل وكفاءة نفسية معرفية في التعهد بهم ومرافقتهم.

وعملياً المطلوب من المشرعين في مجال العمل، التعاطي بخصوصية مع العاملين في القطاعات الاجتماعية الهشة، بخاصة أن عدد المهمشين في العالم في تزايد، حيث ارتفاع نسب الطلاق وظاهرة التخلي عن الأبناء والعنف وتراجع تأثير ودور مؤسسات الأسرة لصالح تنامي الفردانية، إضافة إلى ما خلفته التوترات والحروب والصعوبات الاقتصادية من أيتام وأرامل وكبار سن ومرضى وأصحاب إعاقات... ونعتقد أننا فعلاً أمام نوع من المهن يستحق أن نطلق عليه توصيف المهن الشاقة، وبناء عليه تخضع هذه المهن إلى عدد معين من ساعات العمل ومن مكافآت مالية جاذبة للعمل في بيئة ترى فيها قبح المجتمع والإنسان وماذا يمكن أن يفعل في الأطفال والمسنين والمهمشين.

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مهن للطيبين فقط مهن للطيبين فقط



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 العرب اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 03:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تطالب بتبني قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة

GMT 06:00 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 18:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 18:00 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يكشف سر تكريم أحمد عز في مهرجان القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab