الطبقية الخطيرة المسكوت عنها

الطبقية الخطيرة المسكوت عنها

الطبقية الخطيرة المسكوت عنها

 العرب اليوم -

الطبقية الخطيرة المسكوت عنها

بقلم:د. آمال موسى

في أذهاننا أن الطبقية مادية فقط. بمعنى أن الطبقية هي التي تميز بين الأغنياء والفقراء. ولكن هل فعلاً الطبقية هي مفهوم مادي محض؟

إن التمعن في طبقات معنى الطبقية يقودنا إلى أبعاد أخرى يتوفر فيها معنى التمييز، وقد يكون يستجيب لمقومات فكرة الطبقية أكثر حتى من الطبقية بمعناها المادي. أليس تقسيم الناس اليوم إلى متعلمين وأميين نوعاً آخر من الطبقية المعرفية المقيتة، وأليس الأشد قسوة هو تداعيات الطبقية المادية ونفيها؟

ما شعور شاب فقير متحصل على شهادة جامعية وقارئ للمتنبي والمعري وابن رشد ومسكويه ونيتشه وسارتر وغيرهم من علماء العلوم الطبيعية والتجريبية والإنسانية والاجتماعية؟ وأفترض أنه قابض على أهم مورد من موارد الثراء. بل إنه مؤهل للخروج من طبقة إلى أخرى واكتساب أسباب الكرامة والفرص الاقتصادية الجيدة. إذن الثراء شعور وواقع معاً.

لذلك؛ فإن الطبقية الأكثر ايلاماً هي الطبقية المعرفية وهي ذات دلالة مضاعفة أولاً؛ لأن اكتساب العلم والمعرفة والتمكن من القراءة والكتابة هي مفاتيح تحقيق الذات والانخراط في البيئة الاجتماعية والعالم، إضافة إلى أن التعلم هو أهم ما يميز الإنسان، الأمر الذي يجعل من الأشخاص الذين يحرمون من الحق في التعلم ويقضون حياتهم في حالة أميّة في زمن الجامعات الضخمة، ويوصفون بالتلاميذ والطلاب ما يجعلهم أقل تحققاً إنسانياً وأقل استثماراً لملكة العقل التي تميز الإنسان عن سائر الكائنات.

في الحقيقة إن الحديث عن الطبقية المعرفية التعليمية ليس في مستوى الحديث عن الطبقية المادية من حيث الكم أو حتى النوع. وهو ما يعني أن مثل هذه الطبقية الخطيرة شبه مهملة.

سنبسط الفكرة أكثر: إننا نتحدث عن الأمية وهي مشكلة كبرى لم تستطع الإنسانية التي غزت عالم الفضاء وقطعت أشواطاً مذهلة في العلم والاكتشافات أن تقضي عليها تمام القضاء.

لا شك في أن العالم متفطن إلى هذا الكابوس ومن سنة 1967 والعالم يُحيي بشكل منتظم اليوم الدولي لمحو الأميّة، ولكن مع ذلك فإنها لم تمحَ. طبعاً نحن هنا لا نتحدث عن الأميّة الجديدة المتعلقة بالرقمنة بل لا نزال في المستوى الدلالي الأول والمباشر لمعنى الأمية والمقصود بها التمكن من القراءة والكتابة. وباعتبار أن العالم سيحيي هذا اليوم الدولي بعد غد الأحد فإنه من المهم التذكير بأن 771 مليون شخص من الشباب والكبار غير ملمين بالمهارات الأساسية للقراءة والكتابة حتى يومنا هذا.

وكما ترون، فالمشكلة كبيرة جداً، وهي سبب مانع حقيقي لتحقق الكرامة الإنسانية وأهم عقبة أمام التنمية. ففي لحظة تاريخية تتقلص فيها حظوظ شاب صاحب شهادة جامعية لكنه لا يتقن الإعلامية واللغة الإنجليزية، فكيف سيكون حال شباب لا يمتلكون أبجديات القراءة والكتابة؟

ولا نجادل التحليل القائل إن الطبقية المادية هي منتجة لأشكال شتى من الطبقية، ومنها التعليمية والمعرفية، باعتبار أن حظ الفقراء من المعرفة أقل من الأغنياء، بخاصة أن مرحلة مجانية التعليم بالشكل الذي كانت عليه في الستينات والسبعينات والثمانينات تقريباً هي في خطواتها الأخيرة من الانقراض. فالفقر عقبة أمام كل شيء بما في ذلك التعليم الجيد واكتساب اللغات.

غير أن إعطاء الطبقية التعليمية حيزاً واضحاً في نقاشاتنا ومداولاتنا من شأنه أن يأخذنا إلى الشكل الأكثر خطورة من أشكال الطبقية ذات التداعيات السيئة على المستقبل، وقبل ذلك الحاضر.

ومن المؤسف أن الأمية لا تمس كبار السن أو الكهول فقط، بل إن خطورتها تكمن بالأساس في كونها تشمل فئات عمرية اجتماعية تمثل القلب النابض للمجتمع ولمستقبله، حيث إن نسبة الأطفال في عمر العشر سنوات الذين لا يمكنهم قراءة نص بسيط وفهمه قد ازدادت وانتقلت من 57 في المائة سنة 2019 إلى 70 في المائة سنة 2022، وهو ما يعمق من حدة هذه المشكلة من منطلق أن الأجيال القادمة مصابة في جزء منها بداء الأمية.

طبعاً من المفارقات أن يجمع الزمن الحضاري ذاته بين أمية ملايين من البشر وقنبلة الذكاء الاصطناعي.

السؤال: إلى أي حد فعلاً في سنة 2030 لن يظل أحد خلف الركب في ظل الأرقام المشار إليها والجهود المنخفضة الوتيرة المبذولة بحكم ما يعصف بالعالم اليوم من أزمات ومشكلات من كل لون ورائحة؟

 

arabstoday

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 06:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 06:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 06:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 06:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 06:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

GMT 06:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الطبقية الخطيرة المسكوت عنها الطبقية الخطيرة المسكوت عنها



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر

GMT 10:21 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل اعتقلت 770 طفلاً فلسطينيًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

GMT 12:02 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

قصف إسرائيلي يقتل 8 فلسطينيين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة

GMT 08:39 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل السراويل الرائجة هذا الموسم مع الحجاب

GMT 16:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab