الاستثمار في الانتماءات المتعددة

الاستثمار في الانتماءات المتعددة

الاستثمار في الانتماءات المتعددة

 العرب اليوم -

الاستثمار في الانتماءات المتعددة

بقلم - آمال موسى

تتداخل اليوم جميع المجالات بعضها مع بعض، بشكل يجعل من النجاعة مشروطة بالتفاعل والتبادلية الإيجابية بين الأبعاد المتعددة في الوقت نفسه. فالاقتصاد بوصفه يمثل اليوم موضوع تنافس دولي ومصدر استقرار لجميع البلدان، وأيضاً هو المجال الذي يكشف عن مؤشرات النجاح من عدمها.
وفي هذا السياق تحديداً نطرح فكرة ارتباط البحث عن الثروة بمراجعة نظرتنا إلى مفهوم السوق. ذلك أن السوق تتصل بدورها بمعطى آخر هو الانتماء. ومن هذا المنطلق فإنَّ الشعوب التي طورت نظرتها للسوق وتوسعت في تحديد رؤيتها وفق حاجياتها الاقتصادية نسجت لنفسها هويَّات متعددة وانتماءات مختلفة.
طبعاً السوق الأولى هي السوق الوطنية وهي السوق الأصل. ولكن هذه السوق ليست معزولة بقدر ما هي في تفاعل اليوم مع غيرها من الأسواق. والدخول إلى الأسواق غير الوطنية يشترط الإرادة والطموح وأيضاً ذريعة الانتماء، حتى لو كانت هذه الذريعة غير منصوص عليها في تعريف السوق في الزمن الراهن الذي لا يعترف بالحدود وبطاقات الهوية بالمعنى الكلاسيكي.
ولا شك في أنَّ الجغرافيا هي العامل الرئيسي في تشكيل باقة الهويات المقصودة. فتونس مثلاً بلد متعدد الانتماءات: فهي مغاربية وأفريقية وعربية وإسلامية وعالمية. وغيرها من البلدان أيضاً ينطبق عليها هذا التعدد في الانتماء المبني على تعاليم الجغرافيا من جهة، وأيضاً الخصوصيات الثقافية من جهة ثانية، وأحياناً تتدخل محددات أخرى مثل التوجهات السياسية لتخلق انتماء يتميز بالظرفية السياسوية، كما حصل ذلك في الحرب العالمية حين انقسمت الدول إلى دول المحور مثلاً.
طبعاً هذه الانتماءات المتعددة هي قائمة الذات لأنَّها متصلة بحقائق ثابتة مثل الانتماء الجغرافي والثقافي لغة أو ديناً أو عرقاً. غير أنَّ ثبوتها كمعطيات ثابتة وواقعة لا يعني آلياً الاستثمار الاقتصادي الناجح في هذه الانتماءات. لذلك فهي رأسمال هناك من يستثمره في الانخراط بأسواق أخرى، وهناك من يهمله تقاعساً أو لتواضع ملكة الاستثمار الجيد للفرص المطروحة أمام كل بلد يفهم أن الانتماءات هي أسواق للاستثمار والتوريد والتصدير، وغير ذلك من مجالات خلق الثروة وتنميتها.
فالمنطقة المغاربية هي سوق والبلد المجاور هو سوق، والمحيط الإقليمي سوق والقارة سوق، والقارة الأقرب سوق ودول البحر الأبيض المتوسط سوق... والعالم بأسره سوق.
وكذلك الأمر بالنسبة إلى الكيانات القائمة على الهوية الثّقافية مثل الدول العربية والدول الإسلامية والمسيحيين العرب وصولاً إلى الإنسانية جمعاء. وهنا نشير إلى أنَّ العولمة الثقافية وانخراط العالم ضمن أفق مشترك من المبادئ وتوحيد مؤشرات قياس التنمية؛ كل ذلك خلق أيضاً انتماءات من نوع آخر، وهي بدورها تمثل أسواقاً لإنتاج الثروة وزيادتها، خصوصاً أنَّ بعض المؤشرات أصبحت اليوم من محددات التصنيف المالي، ومن معايير تحديد نسب الفائدة وحتى تقديم الهبات وإقامة الشراكات.
ماذا نقصد من التركيز على هذه الفكرة بالذات؟
المقصود بكل بساطة أن نربط اقتصادياً بين مختلف الانتماءات الممكنة وفتح أسواق لبلداننا بما تعنيه من خلق فرص عمل ومن أرباح ومن استثمار. ولا تفوتنا الإشارة إلى أنَّ هذا الربط ليس آلياً ومكسباً طبيعياً تمنحه الجغرافيا والثّقافة وأحياناً التّحالفات السياسية، بل إنَّه ربط مُفكرٌ فيه ويتميَّز بطابع استراتيجي حيوي تستنفر من أجله كل القوى الحيّة في البلد الواحد، من أجل الاستثمار في كل شكل من أشكال الانتماء وتحويل الانتماء إلى سوق وإلى فرصة استثمار وإلى أرباح تضخ في الاقتصاد الوطني.
ويبدو لنا أنَّه في هذه النقطة تحديداً يكمن الذكاء الوطني وتظهر القدرة على خلق الثروة من خلال رسم خريطة مسح كاملة لكل الانتماءات الظاهرة واقعياً والممكنة افتراضياً والمخفية أيضاً، وتحتاج إلى عقل يتدبر أمر حياكتها على نحو خاص. وهكذا نظفر بمجموعة من رؤوس الأموال المقابلة لمجموعة من الانتماءات ونعتقد أنَّ التفكير في خريطة الانتماءات هو بمثابة التنقيب عن الثروة التي هي في جزء كبير منها اجتهاد وذكاء واستنباط ومهارة وقدرة على الاتصال الاقتصادي والاستثمار في خريطة الانتماءات المتعددة والمعلومة وغير المنتبه إليها.
ونعتقد أنَّ وزارات الاقتصاد في بلداننا من المهم أن تحدث مجالس خاصة تفكر في مسألة الاستثمار في الانتماءات الجغرافية والجغرا - ثقافية والجغرا - سياسية وغيرها، وهو ما يكشف لنا بوضوح أنَّ الجغرافيا بما تُحدده من خريطة قرب هي نفسها متعددة الأشكال، وهو بدوره ما يحتم مزيد الاجتهاد منا كشعوب عربية حتى نتمكن من اقتلاع أرض لنا في كل الجغرافيات، مع العلم أنَّ الجغرافيات الاقتصادية لا تعترف بالحدود.
إنَّ فلسفة خلق الثروة في القرن الحادي والعشرين تتميز بالديناميكية والابتكار وبالأبواب المفتوحة أمام الأكثر قدرة على افتكاك الأسواق التي الهدف منها تحقيق الرفاه لشعوبنا.
نُدافع عن استراتيجية الربط الذكي بين معادلة خلق أسواق لكل الانتماءات التي تمثلنا كشعوب عربية على خلفية أنَّ هذا الربط هو دفاع عن وجودنا في مختلف الخرائط التي ابتكرها العالم

arabstoday

GMT 03:41 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

ثلثا ميركل... ثلث ثاتشر

GMT 03:35 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

مجلس التعاون ودوره الاصلي

GMT 03:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

عندما لمسنا الشمس

GMT 03:18 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

رسالة إلى دولة الرئيس بري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاستثمار في الانتماءات المتعددة الاستثمار في الانتماءات المتعددة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تعليق التدريس الحضوري في بيروت ومحيطها حتى نهاية العام
 العرب اليوم - تعليق التدريس الحضوري في بيروت ومحيطها حتى نهاية العام

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab