الأسرة في قلب العاصفة

الأسرة في قلب العاصفة

الأسرة في قلب العاصفة

 العرب اليوم -

الأسرة في قلب العاصفة

بقلم:د. آمال موسى

يحتفل العالمُ الأربعاءَ المقبل باليوم الدولي للأسرة، وهو يوم يتميز بخصوصية لما للأسرة من مكانةٍ خاصة عبر التاريخ الإنساني والاجتماعي للحياة في كوكب الأرض.

نعم نحن نتحدَّث عن أقدم مؤسسة اجتماعية على وجه الأرض، وهي فعلاً الخلية الأولى لهذا التجمع الهائل من الأفراد الذي يقدر بسبعة مليارات نسمة اليوم في كامل أنحاء العالم.

تتنوع توصيفات الأسرة ولكنّها واحدة في المعنى: فهي الخلية الأولى للمجتمع وهي نواته، ورغم كل التهديدات التي باتت تعرفها مؤسسة الأسرة اليوم فإنَّ البشرية لا يمكنها الاستغناء عنها، باعتبارها المؤسسة الضامنة للتكاثر والحياة وتعاقب الأجيال وتشبيب المجتمعات، والمحافظة على وجود الشعب في حد ذاته، حيث إنَّ التنازل عن الأسرة يعني التهرم السكاني ويعني تراجع الحجم السكاني، ويعني أنَّ استمرارية وجود كيان الدولة نفسه مهددة لأنَّ الشعب بحجمه الديموغرافي وبثروته الشبابية هو مقوم أساسي من مقومات الدول، ودون الشعب لا وجود لدولة أصلاً. فالأسرة هي خلية المجتمع والشعب والحياة.

اليوم تعرف مؤسسة الأسرة تحديات عدة. والملاحظ أننا نقارب هذه التحديات من منطلق كونها تخص الأسرة وتقف عند حدودها والحال أن ما يمس الأسرة يمس المجتمع والدولة والعالم ومن المهم التركيز على هذا المنظور لأنه وحده يعطي للأسرة قوتها ومن ثمة يحدد حالة الاستنفار التي تحتاجها معالجة مشكلاتها.

طبعاً من سنوات هناك أصوات تنعى مؤسسة الأسرة وتقول إنَّ الحداثة قضت عليها ولا مستقبل كبير لمؤسسة الأسرة في التنمية الفردانية وقيمها نظراً لتراجع خصلتي التضحية والعطاء اللتين تقوم عليهما هذه المؤسسة الاجتماعية. بل إن أصحاب هذه الأصوات يقدمون مبررات ارتفاع حالات الطلاق والعنف الزوجي...

لا شك في أن مؤسسة الأسرة تعيش في قلب عاصفة من التغييرات والتهديدات ذات الخطورة العالية اليوم، ولكن هناك فرق بين أن نعالج التهديدات وأن نعتبر أن تلك التهديدات الخارجة عن الأسرة وكأنها أعراض هزال وسقم.

ولعله من المهم توضيح أن مؤسسة الأسرة استطاعت أن تضمن استمراريتها كمؤسسة رغم كل الهزات التاريخية الاجتماعية واستمدت قوة ذلك من طبيعتها كمؤسسة لا يستغنى عنها لضمان البقاء وفق شروط الثقافة، التي حولت الإنسان من كائن حي إلى إنسان يتميز بالثقافة والقيم وعقد اجتماعي.

الفكرة الأساسية هي أن مؤسسة الأسرة ضرورة للمجتمع وللحياة على وجه الأرض ولاستمرارية الأجيال. لذلك فإن الجهد الفكري البناء من المهم أن يوجه ضمن كيفية تعزيز صمود الأسرة في عواصف العصر الحديث والمعاصر، بدل الدخول في خطاب بيزنطي حول نعيها وانتهائها.

وهنا نضرب المجهودات التي تقوم بها اليوم بلدان أوروبا الشرقية من أجل تشجيع مواطنيها على بناء أسر، باعتبار الانخفاض الكبير لمعدلات الخصوبة وعدد المواليد، سواء كان ذلك من خلال نظام عطل الأمومة والأبوة والوالدية المتقدم جدا، أو التشجيعات المادية المتمثلة في تأمين الدولة بيتا للأسرة التي تنجب ثلاثة أطفال. وهي إجراءات من أجل حماية الدول لنفسها، لأنه لا مستقبل لأي بلد مجتمعه في حالة تراجع ديموغرافي وعدد الأسر فيه في تراجع خطير والزواج بات فيه حدثاً.

ومن المشكلات الجديرة بالتفكير وإيجاد الحلول، التّداعيات الاقتصادية على الأسر، وكيف أن البعد الاقتصادي يهدد استقرارها ويجعلها عرضة لعدة مظاهر مثل التأزم والتوتر والعنف، وهو ما يؤكد أن الأسرة هذه المؤسسة الاجتماعية هي أيضاً مؤسسة اقتصادية وهناك شيء يمكن أن نسميه اقتصاد الأسرة وإدارة الشؤون الاقتصادية للأسرة. لذلك فإنَّ السياسات الاقتصادية والرّهان من أجل نسب النمو والناتج القومي وتحسين الميزان التجاري والسيادة الغذائية وفتح آفاق التشغيل، وإصدار التشريعات المنتجة لمناخات جيدة للأعمال، وخلق الثروة، كل هذا في ظاهره اقتصاد وتنمية وفي باطنه ظروف عيش الأسر والمقدرة الشرائية للمواطن.

أيضاً ما يستحق الحديث عنه بمناسبة اليوم العالمي للأسرة هو تأثير شبكات التواصل الاجتماعي، خاصة على مجتمعاتنا العربية التي ملايين فيها يعانون من إدمان العوالم الافتراضية وهي مظاهر لا فقط تهدد التواصل الاجتماعي وتنمية العلاقات الاجتماعية بل وأيضا لها تأثير سلبي على الأطفال وعلى مردودية العمل حيث يتم إهدار الزمن الأسري في الإدمان على الإبحار في شبكات التواصل الاجتماعي والبحث عن تعويض في العالم الافتراضي على حساب العلاقات داخل الأسرة النواة والممتدة.

الأسرة كتركيبة مضمونة البقاء والاستمرارية إلى أن يرث الله الأرض وما عليها، ولكن معنى الأسرة هو المهدد.

 

arabstoday

GMT 09:25 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

دولار ترمب

GMT 09:23 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

لغز اليمن... في ظلّ فشل الحروب الإيرانيّة

GMT 09:21 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

هزيمة "حماس" لا تعني تجاوز الشعب الفلسطيني

GMT 09:18 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

صدمة ترامب

GMT 09:17 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

مهنة البحث عن «الاحتراق»

GMT 09:15 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

صراع التيك توك

GMT 09:02 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

وعد ترمب ووعيده من المناخ للصحة

GMT 08:58 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

... أن يقتل السوريّون واللبنانيّون عجولَهم الذهبيّة الثلاثة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأسرة في قلب العاصفة الأسرة في قلب العاصفة



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب
 العرب اليوم - أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب

GMT 11:30 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 05:22 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

تحالفاتُ متحركة

GMT 05:57 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

هل سيكفّ الحوثي عن تهديد الملاحة؟

GMT 04:01 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 6 درجات يضرب تايوان ويخلف 15 مصابا

GMT 13:20 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

كريم عبد العزيز يتّخذ قراره الأول في العام الجديد

GMT 13:09 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

بعد 22 عاما محمد سعد يكشف سرّاً عن فيلم "اللي بالي بالك"

GMT 13:16 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

محمد منير يواصل التحضير لأعماله الفنية في أحدث ظهور له

GMT 08:47 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

جائزة هنا.. وخسارة هناك

GMT 09:11 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

الشرق الأوسط بين إرث بايدن وتأثير الترمبية

GMT 09:12 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

عاد ترمب... الرجاء ربط الأحزمة

GMT 09:16 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

لفائف لا مجلّد

GMT 09:15 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

حماس تخطف اللحظة والصورة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab