الدول القويّة وبرنامج تعزيز صمود
أخر الأخبار

الدول القويّة وبرنامج تعزيز صمود

الدول القويّة وبرنامج تعزيز صمود

 العرب اليوم -

الدول القويّة وبرنامج تعزيز صمود

بقلم: د. آمال موسى

الحقيقة التي باتت ثابتة للبلدان القوية في العالم اليوم هي أنه لا يمكن للبلدان المتقدمة أن تنعم بإنجازاتها والحال أن بقية العالم تعاني الفقر والأمية وسوء التغذية وعدم تكافؤ الفرص.
طبعاً لم تكن هذه الحقيقة واضحة ولا مدركة وإنما تم الوقوف على مظاهرها ومؤشراتها في السنوات الأخيرة وتحديداً مع ظاهرتين مهمتين هما: ظاهرة الإرهاب وظاهرة الهجرة غير النظامية، وهما ظاهرتان أربكتا العالم وأدخلتاه في معارك وتوترات وتناقضات وخسائر متعددة الأبعاد. فالإرهاب بحكم طابعه الأخطبوطي وغير المهيكل قادر على نسف الأرواح ومس الأمن الشخصي والقومي، ومن ثم فإنه يصبح لا معنى لأي إنجاز في ظل واقع غير آمن. كما أثبتت التجربة الدولية في مجال الإرهاب كيف أن الإرهاب صعب التصدي له ووجدت قوى دولية عظمى صعوبة في مقاومته، ولعل أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001 والاعتداء على الولايات المتحدة مع ما يعنيه ذلك الاعتداء من رمزية، دليل دامغ على أن مصلحة العالم والقوى القوية تقتضي ألا تظل حتى دولة خلف الركب، وهي الفلسفة الذكية العميقة التي قامت عليها الخطة الأممية للتنمية المستدامة.
أيضاً أثبتت هذه التجارب القاسية التي ذهب ضحيتها ملايين من الأرواح سواء بالنسبة إلى ظاهرة الإرهاب أو الهجرة غير النظامية، أن المنجز القيمي في مجال حقوق الإنسان والتحديث يصطدم باختبارات تحد من وجاهته وتجعل الخطاب أقل مصداقية من منطلق أن حماية الأمن القومي وحماية البحار استوجبت اعتداءات وإجراءات صارمة جداً تتناقض من قيمة الإنسان في القرن الحادي والعشرين وتحبط الدول التي تعتقد أنها بلغت حد تقديس حقوق الإنسان.
وفي هذا السياق يمكن التلويح بأنه من تداعيات ظاهرة الإرهاب والهجرة غير النظامية وموجة فرار الكثير من الشباب العربي من بلدانه إلى أوروبا وغيرها، أنه حتى النخب اليوم في بلدان شمال أفريقيا تجد صعوبة في الحصول على التأشيرة مما خلق شعوراً بالرفض لدى نخب تضم في صفوفها جامعيين ومبدعين وأصحاب وضعيات مهنية مستقرة ولا يشوبها الشك في الاستقرار غير النظامي في أوروبا.
إذن بيت القصيد أن التجارب كثيرة ومريرة وتم استخلاص النتائج والعبر.
ففي هذا الإطار يتنزل اليوم ما يسمى التضامن الدولي والدعم وتعزيز صمود البلدان التي تعاني من الهشاشة.
وفي الحقيقة فإن الوصول إلى تحديد الخلاصات التي تضمنتها الخطة الأممية التي رفعت المبدأ الذي أصبح شبه قارٍّ في الخطاب الإعلامي والسياسي الدوليين: «لا أحد خلف الركب» يمثل خطوة مهمة جداً لأن الانتباه إلى الدواء الصحيح هو في حد ذاته أولى خطوات الشفاء.
ولعله من المنهجية بمكان ومن المجدي جداً لعالمنا العربي أن يتعاطى مع فكرة ألا يكون خلف الركب بكل ما أوتي من إمكانيات وذكاء وقدرات واعتمادات، باعتبار أن نهج هذا الطريق تحديداً هو مفتاح التجذر في الخريطة الدولية المعترف بها من ناحية المعاصرة والاندماج الدولي. من جهة أخرى فإن رسم هدف اللحاق بالركب وفق سياسات واضحة وشجاعة وبراغماتية ومعمقة سيجعل المؤسسات المانحة داعمة تلقائية لنا بشكل نستفيد منه من الأموال الطائلة الموضوعة على ذمة الدول المجتهدة في مسيرة اللحاق بالركب.
ولكن المشكلة حسب اعتقادنا تكمن في البداية في وضع منهجية وطرح الأسئلة البسيطة الدقيقة: ماذا يعني أن تكون دولة في الركب؟ وما القطاعات التي نحن فيها خلف الركب؟ وكيف نلتحق بالركب في أقل وقت ممكن؟
طبعاً ليس صعباً تحديد النقائص والقطاعات الجديرة باللحاق بالركب في المجتمعات العربية والإنسانية ولكن من المهم التوقف عند نقطتين اثنتين؛ الأولى أن بلداننا تمتلك من المواقع الاستراتيجية ومن الثراء التاريخي ومن العمق الحضاري ومن الثروات الطبيعية ما يمكّنها من تحقيق نقلة نوعية في مجالات التنمية. ولعله لا يخفى علينا جميعاً كم تسهّل التكتلات الإقليمية الاقتصادية العربية والإسلامية عمليات سير قطار التنمية وبخاصة الإسراع فيه لأن التكتل يعني تجميع الموارد وتشكيل قوة متكاملة.
الموضوع الثاني الجدير بالتركيز في عملية اللحاق بالركب هو الاستثمار في رأس المال البشري، أي الإنسان بأبعاده المختلفة، وعملية الاستثمار هذه تقتضي إيلاء عناية خاصة جداً وفق جهود مضاعفة بالتعليم والصحة والثقافة.
وفي سياق الاستثمار في الإنسان في الفضاء العربي والإسلامي فإن توجيه اهتمام خاص وكبير وجريء ومحسوم إلى قضية المرأة، وكل ما يتعلق بهذه القضية من مسائل ومشكلات المساواة وعدم التمايز بين الجنسين وتكافؤ الفرص، وغير ذلك من القيم الأممية التحديثية، من شأنه أن يلقي بظلاله على تربية الطفل والتحسين من العلاقات داخل الأسرة.
ومن منطلق ما تم ذكره وملاحظته فإن العالم اليوم مجبول على الأخذ بعضه بيد بعض، والجميع عليه الاشتغال وفق هدف تقليص المسافات بالمعنى القيمي والثرواتي والنفسي والثقافي.
الجميع يعمل من أجل تعزيز صمود كل الفئات الهشة... وهذا أمر ليس بالهين.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدول القويّة وبرنامج تعزيز صمود الدول القويّة وبرنامج تعزيز صمود



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 09:17 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية لتحسين وظائف الكلى ودعم تطهيرها بطرق آمنة
 العرب اليوم - فواكه طبيعية لتحسين وظائف الكلى ودعم تطهيرها بطرق آمنة

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح
 العرب اليوم - دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح

GMT 08:52 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

كيا EV3 تحصد لقب أفضل سيارة كروس أوفر في جوائز Top Gear لعام 2024
 العرب اليوم - كيا EV3 تحصد لقب أفضل سيارة كروس أوفر في جوائز Top Gear لعام 2024

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 13:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

قطر ترحب بوقف النار في لبنان وتأمل باتفاق "مماثل" بشأن غزة

GMT 01:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يستهدف مناطق إسرائيلية قبل بدء سريان وقف إطلاق النار

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab