هل تميز إسرائيل بين القوة ونقيضها

هل تميز إسرائيل بين القوة ونقيضها؟

هل تميز إسرائيل بين القوة ونقيضها؟

 العرب اليوم -

هل تميز إسرائيل بين القوة ونقيضها

بقلم : د. آمال موسى

تبدو تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي في الأيام الأخيرة زائدة الجرعة من ناحية الثقة بالنفس والزهو بالجيش، متناولاً رسالة يصر على التركيز عليها بجمل عدة، تؤدي إلى المعنى ذاته وفكرة الرسالة ذاتها. منها أنه تحدث عن أن حلم إلحاق الهزيمة بإسرائيل لم يعد ممكناً. وهنا من المهم الانتباه إلى أنه يقصد الحلم والزوال ومجرد إمكانيته، مما يعني أن مجال تحقيق ذلك على أرض الواقع بات مرحلة تم تجاوزها. ويضيف في المنحى عينه أن إيران ستكون الدليل القاطع الذي سيتم من خلاله «إدراك قوة إسرائيل».

نلاحظ أننا أمام خطاب جديد واضح الرسالة والنبرة. هناك تجاوز لخطاب إسرائيل الضحية إلى خطاب إسرائيل القوية. وحتى خطاب الولايات المتحدة انتقل من الدعوة إلى ضبط النفس إلى خطاب الدعوة إلى الاعتدال في استخدام القوة. ولعل مثل هذه التفاصيل تنبئ بتحول نوعي لم تتفطن له المقاومتان الفلسطينية واللبنانية في الوقت المناسب. جرى الإعداد والاستعداد لهذا التحول سراً، ويمكن القول إنه مع اغتيال حسن نصر الله ويحيى السنوار رفعت إسرائيل النبرة عالياً، وكأنها تقول إن خطتها نجحت وخطاب القوة أصبح واقعاً. كما أن الجهر بالقوة والتحدث عن إدراك العالم قوة إسرائيل يعكسان المرور إلى مرحلة أصبحت فيها إسرائيل لا تخشى الكشف عن بقية الخطة، رغم أنها تمثل الهدف الأكبر بالنسبة إليها، أي الهدف المتصل بإيران.

طبعاً مع الأسف لا نستطيع إنكار أن العدوان الإسرائيلي تمكن من تسجيل أهداف نوعية من خلال اغتيال رموز كبيرة في المقاومة. وصحيح أيضاً أن طبيعة الأهداف وتواترها تعد نقاطاً تمكن العدوان الإسرائيلي من تسجيلها، حيث إن اغتيال إسماعيل هنية في طهران، والتمكن من اغتيال حسن نصر الله، واغتيال يحيى السنوار، وأيضاً خليفة حسن نصر الله حتى قبل تسلمه المهمة هاشم صفي الدين... كل هذه الاغتيالات في فترة زمنية متقاربة جداً هي كلها تسجيل لأهداف. ولا شك في أننا أمام أهداف هي نتاج نجاح استخباراتي واختراق وثغرات وأشياء أخرى. أي أن القوة التي يتحدث عنها وزير الدفاع الإسرائيلي ليست قوة جنود بواسل أصحاب قضية، ولا قوة استراتيجية حربية لم تخطر إلا على بال عساكر عباقرة، بل هي قوة نابعة من القدرة على الاختراق والشراء وكأن البيع تم بالجملة.

وفي هذا السياق، لا بد من توضيح أن الاغتيالات ليست عنوان قوة. وأقصى ما يحققه الاغتيال هو تصفية شخص مهم ومؤثر وأساسي، وتعجز الاغتيالات عن تصفية الفكرة والقضية؛ لأنهما وإن ارتبطا بشخص أو بأشخاص، فإن القوة في الشعوب المؤمنة بتلك القضية وهي -أي الشعوب- موردها الأساسي للبقاء والاستمرار، باعتبار أن الأشخاص حتى وإن لم يتم اغتيالهم فإن حدث الوفاة وارد في أي لحظة كونه سنّة من سنن الحياة، ولم يحدث في تاريخ الإنسانية أن سقطت قضية عادلة بسبب موت رمز من رموزها أو اغتياله، لأن القضايا أكبر من الأشخاص مهما كانت رمزيتهم.

من هذا المنطلق، فإن خطاب القوة الإسرائيلي والزهو الذاتي بالاغتيالات المتتالية والتعاطي معها بوصفها فتوحات كبرى أمر مُبالغ فيه، وهذا دليل على ضعف في تصور معنى القوة، وأيضاً دليل على سوء تقدير إسرائيل لذاتها باعتبار الاغتيالات تؤكد قوتها.

من ناحية أخرى، لا يمكن لمن يستقوي بالولايات المتحدة الأميركية، وغيرها، أن يتحدث عن قرب إدراك العالم وخصوم إسرائيل لقوة إسرائيل بنبرة واثقة؛ ذلك أن الاستقواء في حد ذاته برهان قاطع على أن هناك نقصاً في القوة بالمعنى المادي ونقصاً في قوة الحق، الشيء الذي يفرض على الطرف الذي تعوزه القوة اللازمة إلى طلبها من قوة تكبره وفق علاقة تعاقدية مع القوة المستدان منها.

لذلك فإننا أمام قوة لا أركان قوية لها. والقوة التي تستمد قوتها من غيرها، ومن ضعف أعدائها، ومن صفقات سيكشف عنها التاريخ في قادم الأيام أو السنوات ليست بالقوة، على الأقل حسب المعنى المتعارف عليه لهذه الكلمة.

من جهة ثانية، حتى لو كانت إسرائيل قوية كما تتوهم وتدعي، فإن مَن يحول أكثر من ثلث أطفال فلسطين إلى أيتام، ويقتل آلاف الأطفال والأمهات، ويقصف مستشفيات، ويشرد آلاف العائلات الفلسطينية واللبنانية في الشوارع بالقرن الحادي والعشرين، لا يمكن أن يقتلع اعترافاً حقيقياً بأنه قوي، بقدر ما هو يثبت بالخطاب والفعل حجم الوهم والتخبط والانحراف عن التأسيس لمستقبل لا أمن فيه خارج شروط التعايش الحقيقية.

arabstoday

GMT 01:10 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

ختام المهرجان

GMT 01:08 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

المواجهة المباشرة المؤجلة بين إسرائيل وإيران

GMT 01:06 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

كأنّك تعيش أبداً... كأنّك تموت غداً

GMT 01:03 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

صراع الحضارات... اليونان والفرس والعرب

GMT 01:00 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

واجب اللبنانيين... رغم اختلاف أولويات واشنطن

GMT 00:58 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

شفاه الليبيين لا تنبس بلفظ السيادة

GMT 00:56 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الشرق الأوسط... الطريق إلى التهدئة والتنمية

GMT 00:51 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

100 عام بيرزيت

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تميز إسرائيل بين القوة ونقيضها هل تميز إسرائيل بين القوة ونقيضها



ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:17 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية في غرب إفريقيا تجمع بين جمال الطبيعة والثقافة
 العرب اليوم - وجهات سياحية في غرب إفريقيا تجمع بين جمال الطبيعة  والثقافة

GMT 06:05 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إطلاق النسخة الأولى من "بينالي أبوظبي للفن" 15 نوفمبر المقبل
 العرب اليوم - إطلاق النسخة الأولى من "بينالي أبوظبي للفن" 15 نوفمبر المقبل

GMT 06:22 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح لاستغلال المساحات الفارغة في المنزل
 العرب اليوم - نصائح لاستغلال المساحات الفارغة في المنزل

GMT 15:14 2024 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

جهاز مبتكر ورخيص يكشف السرطان خلال ساعة

GMT 12:48 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

حسين فهمي يعلن للمرة الأولى سراً عن أحد أعماله

GMT 01:06 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

كأنّك تعيش أبداً... كأنّك تموت غداً

GMT 22:47 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله يصدر تحذيرا لإخلاء مستوطنات إسرائيلية "فورا"

GMT 14:24 2024 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة العمل المالي 'فاتف' تدرج لبنان في قائمتها الرمادية

GMT 09:26 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

رونالدو يبحث عن مشجع ذرف الدموع وهتف باسمه في دبي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab