عن لبنان المختنق بالعزّة والسيادة

عن لبنان المختنق بالعزّة والسيادة!

عن لبنان المختنق بالعزّة والسيادة!

 العرب اليوم -

عن لبنان المختنق بالعزّة والسيادة

راجح الخوري
بقلم :راجح الخوري

عندما جال سفير لبنان لدى السعودية فوزي كبارة وزميله السفير لدى البحرين ميلاد نمور والقائم بالأعمال في الكويت هادي هاشم، على الرؤساء اللبنانيين بداية هذا الأسبوع، لعرض تطورات الأزمة الخانقة بين لبنان ودول الخليج العربي الشقيقة، لم يكن في أذهانهم أنهم سيحصدون مزيداً من الصدمة والخيبة، وأن دولتهم اللبنانية تقف عاجزة تماماً أمام هذه الأزمة الخطيرة، ولا تملك قراراً أو تصوراً للحل أو لمعالجة هذا المأزق الخانق، الذي نتج من هيمنة «حزب الله» على قرارات الدولة وسياستها، وحوّل لبنان قاعدة للتدخلات الإيرانية في المنطقة، وإلى درجة أن يكرر النظام الإيراني مراراً، أنه بات يسيطر على بيروت من ضمن أربع عواصم عربية بينها صنعاء، حيث يقوم «حزب الله» بدعم وتدريب الانقلابيين الحوثيين الذين تديرهم إيران، فلا يقوم أحد من المسؤولين في الدولة اللبنانية، التي تقرع الآن طبول «العزة والكرامة والسيادة الوطنية»، بالرد أو الاستنكار!
ما معنى أن يقول الرئيس ميشال عون المتحالف مع «حزب الله» للدبلوماسيين الثلاثة «إن العمل جارٍ لمعالجة الوضع انطلاقاً من حرص لبنان على إقامة أفضل العلاقات مع السعودية الشقيقة»، فأي عمل يقصد ويجري، بينما كل شيء في لبنان متوقف تقريباً، عندما تكون سلطات الدولة معطّلة تماماً، أمام شروط «حزب الله» ومطالبه؛ ذلك أن الحكومة مشلولة وغير قادرة على أن تجتمع، مع أن الحزب هو الذي شكّلها بعد فراغ حكومي استمر13 شهراً، ما لم تتم إزاحة المحقق العدلي طارق البيطار في جريمة انفجار المرفأ؛ وهو ما يعني تعطيل السلطة القضائية!
الخلاصة المأسوية التي خرج بها الدبلوماسيون من اللقاء في بعبدا، أكدت أن الأمور لا تزال مقفلة، رغم أن عون حاول ولا يزال يحاول لكن «ما باليد حيلة»؛ لأن حزب المردة يرفض استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي بعد تصريحاته الهمايونية والعائمة والهامشية عن حرب اليمن، والتي شكلت مجرد قشة فاض بها تاريخ طويل من تدخلات «حزب الله» عبر دعم الحوثيين وتدريبهم، وتوجيه الاتهامات والافتراءات وحتى التهديدات إلى المملكة العربية السعودية ودول الخليج، وسط صمت الدولة اللبنانية وتعاميها المتمادي، والعجز المعيب والفاضح للمسؤولين في بيروت، عن وقف هذا التخريب المنهجي لعلاقات لبنان مع أشقائه العرب في الخليج، ومنع التمادي في عمليات تهريب المخدرات إلى المملكة، وانحدار كي لا أقول غباوة الدبلوماسية اللبنانية، إلى درجة أن يقول وزير الخارجية عبد الله بوحبيب «إن تهريب المخدرات من لبنان إلى السعودية هو بسبب وجود سوق فيها»، وفي هذا ما يتجاوز سطحية قوله بعد انفجار الأزمة مع دول الخليج، بعد تاريخ من التهجم وسوق الاتهامات إلى الرياض، وهامشية تصريح قرداحي عن حرب اليمن، ثم قرار سحب السفراء إنه «لا يريد هكذا أخوّة»!
عمر الأزمة الخانقة بين لبنان ودول الخليج العربي أكثر من شهر، ومن الواضح أنها إلى تفاقم عندما ينسب إلى رئيس الجمهورية المسؤول عن حماية الدستور قوله «ما باليد حيلة» رغم الانهيار الاقتصادي المريع الذي يقع فيه لبنان، ورغم وجود أكثر من 400 ألف لبناني يعملون في دول الخليج، ويحوّلون المساعدة لعائلاتهم، ورغم أن قيمة صادرات لبنان إلى السعودية وحدها تصل إلى 600 مليون دولار في العام.
بعد زيارة الدبلوماسيين اللبنانيين إلى عون، قالت مصادر بعبدا إنه أكد لهم أنه يدرك تماماً مدى خطورة تداعيات الأزمة على مصالح اللبنانيين في الداخل والخارج، لكنه في الوقت عينه يعتبر أنه قام بواجباته حين تعلّق الأمر بأخطاء ارتكبها محسوبون عليه سواء على المستوى الوزاري، كما حصل حين طلب من وزير الخارجية الأسبق شربل وهبة الاستقالة، أما اليوم بعد تصريح قرداحي فإن حسم مسألة استقالته ليس في متناول يده!
وعلى هذا إذا كانت الاستقالة في يد «حزب المردة»، فما هو دور رئيس الجمهورية الذي يفترض أنه حامي الدستور والساهر على مصلحة لبنان واللبنانيين، وإذا كانت الإقالة منوطة بالحكومة والحكومة ممنوعة من الاجتماع بسبب موقف «حزب الله»، الذي يربط الإقالة بقبع المحقق العدلي في جريمة المرفأ، ولا يتوانى عند الحديث عن الاستقالة أو الإقالة عن استحضار نظريات «العزة والكرامة الوطنية والسيادة»، ولكأنه ترك هامشاً ولو بسيطاً من هذه الأمور ولم يتجاوزها، في دأبه على توسيع نطاق هيمنته على الدولة ومحاولة ربطها بإيران وتيار الممانعة، فما هو دور رئيس البلاد أيضاً؟
أمام العجز اللبناني الكارثي والتقصير الفضائحي للدولة عن حماية علاقاتها مع اشقائها العرب، وعن صون مصالحها الحيوية ومصالح أبنائها في الداخل والخارج، والوصول إلى حد التسليم المريع لهيمنة إيران و«حزب الله» على سلطات الدولة وسياساتها، هل كثير عندما يكرر وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان قوله «إن الأزمة ليست بين لبنان والمملكة العربية السعودية، بل الأزمة في لبنان»، أو بالأحرى بين المسؤولين اللبنانيين العاجزين عن إقالة وزير أو عقد اجتماع لحكومة يعطلها «حزب الله»، أو وقف محاولات تعطيل السلطة القضائية، في وقت يراهنون على مساعدة صندوق النقد الدولي ودعم الدول الخليجية، لإنقاذهم من أسوأ أزمة انهيار شهدها العالم منذ 200 عام؟
نعم، الأزمة في لبنان، وهذا توصيف دقيق للوضع المؤسف أو المأسوي الذي يواجه اللبنانيين اليوم وسط أزمة اقتصادية معيشية وسيادية وأزمة كرامة وطنية حقيقية، وقطعاً أن من مصلحة اللبنانيين أن يكون في يدهم سبيل الخروج من هذه الأزمة، التي تتراكم وتتضاعف منذ أعوام؛ ولهذا يصبح واضحاً جداً لماذا يدعو الأمير فيصل بن فرحان الطبقة السياسية في لبنان إلى إنهاء هيمنة «حزب الله» المتحالفة مع إيران، مؤكداً أن الرياض لا تنوي التعامل مع الحكومة اللبنانية في الوقت الحاضر.
لكن يبدو أن الدولة فقدت الإرادة والمسؤولية القشع والسمع، إلى درجة أنها لم تتوقف لحظة عند عمق معنى قول البطريرك بشارة الراعي يوم الأحد الماضي «ان إنقاذ الشراكة الوطنية بات متعذراً بدون الحياد، وكلما تأخرنا في اعتماد هذا النظام تضررت الشراكة الوطنية»، ولم يتردد في اتهام المتعاطين في العمل السياسي بإفقار المواطنين والتلكؤ في معالجة الأزمة الحادة مع دول الخليج، معتبراً أن «تعريض اللبنانيين للطرد والبطالة والفقر والعوز والعزلة العربية هو ما يمسّ الكرامة والسيادة والعنفوان».
وفي انتقاد واضح للمسؤولين، كل المسؤولين، وفيما يعبّر عن رأي معظم اللبنانيين رأى أنه لا يحق لهؤلاء المسؤولين، أن يتفرجوا على طرف يفرض إرادته على سائر اللبنانيين ويضرب علاقات لبنان مع العالم، ويعطل عمل الحكومة ويشلّ دور القضاء، ويخلق أجواء تهديد ووعيد للمجتمع اللبناني، في إشارة واضحة إلى «حزب الله»، وكل هذا عندما يقول عون فيما يشبه الاستسلام للأزمة المأساة «ما باليد حيلة»!

arabstoday

GMT 03:41 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

ثلثا ميركل... ثلث ثاتشر

GMT 03:35 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

مجلس التعاون ودوره الاصلي

GMT 03:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

عندما لمسنا الشمس

GMT 03:18 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

رسالة إلى دولة الرئيس بري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن لبنان المختنق بالعزّة والسيادة عن لبنان المختنق بالعزّة والسيادة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 14:49 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أكرم حسني يكشف حقيقة تقديمه "الناظر 2"
 العرب اليوم - أكرم حسني يكشف حقيقة تقديمه "الناظر 2"

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 03:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تطالب بتبني قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة

GMT 06:00 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 18:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 18:00 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يكشف سر تكريم أحمد عز في مهرجان القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab