بقلم: دكتور زاهي حواس
تعمل هيئة التراث بالمملكة العربية السعودية من خلال نخبة من علماء الآثار السعوديين، وخبراء الترميم والتسجيل الأثري، وغيرهم من المتخصصين في كل الشأن الأثري، على تنفيذ كثير من مشروعات إدارة المواقع الأثرية، التي تُعنى بتجهيز وتأهيل وترميم المواقع الأثرية والتاريخية والتراثية؛ وذلك بهدف الحفاظ عليها، وحفظها للأجيال القادمة، وكذلك إعدادها لوضعها على خريطة السياحة الثقافية، الأمر الذي يستلزم مد هذه المواقع بكل مقومات البنية الأساسية والخدمات السياحية؛ وذلك لتحقيق الاستدامة في مجال الآثار والتراث الثقافي. ومن أهم ما نجحت في تحقيقه هيئة التراث، وضع معايير ومواصفات دقيقة لترميم الآثار والأبنية التراثية. ومن خلال وجود هذه المعايير يكون من السهل تقييم أي عمل من أعمال الترميم، وكذلك أعمال تطوير المواقع الأثرية.
وتقوم هيئة التراث بالمملكة بتوظيف التقنية الرقمية في تطوير وحماية سجلها الوطني لتسجيل الآثار والتراث السعودي، ويتم التحول إلى البنية الرقمية في تسجيل وتوثيق وإدارة المواقع الأثرية والتاريخية من خلال الاعتماد على استمارة متخصصة لجمع البيانات والمعلومات المتاحة عن الآثار، سواء الثابتة أو المنقولة، وربطها بخريطة أثرية رقمية للتراث الوطني السعودي.
كانت بداية إنشاء السجل الوطني للآثار تنفيذاً لمواد نظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني، الذي ورد في فصله الأول ومادته الثانية قيام هيئة التراث بوضع سجل وطني للآثار، ويجري من خلاله تسجيل كل آثار المملكة، وبه قاعدة بيانات رقمية تحفظ بها المعلومات عن المواقع الأثرية والتاريخية، وكل ذلك مربوط بخريطة رقمية وأرشيف رقمي للرسومات والصور والتقارير. هذا الكمّ الهائل من المعلومات والوسائط الملحقة يوفر المعرفة الضرورية لمتخذ القرار، بخصوص ترميم أو تطوير المواقع الأثرية والمتاحف وما بها من قطع أثرية.
ومن المعروف أن هناك معايير عالمية تحكم تصنيف قواعد البيانات والسجلات الخاصة بتسجيل الآثار والمواقع والمتاحف الأثرية، ومنها ما إذا كانت قواعد البيانات مترجمة على خرائط رقمية، وهل تشمل البيانات جميع التقارير والرسومات والصور، وكذلك المعلومات الجغرافية المتاحة ومعلومات عن حالة الأثر العامة، وما يتهدده من عوامل سواء بيئية أو مناخية أو بشرية كالتعديات على الأثر أو محيطه، والمقصود بها حرم الأثر أو المنطقة الأمنة المحيطة بالأثر. وباختصار، عندما تمتلك الدولة سجلاً وطنياً شاملاً وبأحدث التقنيات العلمية عن تراثها الأثري، فإن ذلك يعد الخطوة الأهم على طريق الحفاظ على التراث الأثري. كذلك يجب التنويه إلى أن من أكبر المشكلات التي تواجه فرق المطورين المتخصصين للآثار ندرة المعلومات التي تساعدهم على تفعيل مشروعات الترميم وإدارة المواقع الأثرية، ولذلك عندما يتاح لهؤلاء سجل مثل الذي نتحدث عنه فإن ذلك يوفر كثيراً من الوقت والمال اللذين كانا ينفقان للحصول على تلك المعلومات.