لكي ننقذ أهرامات الجيزة والمتحف المصري الكبير

لكي ننقذ أهرامات الجيزة والمتحف المصري الكبير

لكي ننقذ أهرامات الجيزة والمتحف المصري الكبير

 العرب اليوم -

لكي ننقذ أهرامات الجيزة والمتحف المصري الكبير

بقلم: دكتور زاهي حواس

إلى كل مَن يهمه الأمر؛ مطلوب وبشكل عاجل جدًّا تشكيل لجنة عليا من كبار علماء الآثار المصرية تكون مسؤولة مسؤولية تامة وغير منقوصة عن التخطيط لأهرامات الجيزة والمتحف المصرى الكبير.

هذا المطلب المُلِحّ ينبع من خوفى على أهم منطقة أثرية على كوكب الأرض، وهى هضبة أهرامات الجيزة، وعلى أهم مشروع ثقافى فى مصر والعالم، وهو المتحف المصرى الكبير. لا بد من وجود لجنة عليا مسؤولة عن كل كبيرة وصغيرة تمس أهرامات الجيزة والمتحف المصرى الكبير؛ هدفها الأساسى هو الحفاظ على الآثار ومنع إقامة الطرق والمبانى أو أى نوع من المنشآت إلا بعد دراسة الآثار المترتبة على ذلك وتأثيرها على الآثار. الموضوع جد خطير.

إننى أعلم يقينًا مدى الاهتمام بمشروع تطوير أهرامات الجيزة والانتهاء من مشروع بناء وافتتاح أعظم متحف فى العالم، والذى لا يفصله عن الأهرامات سوى أقل من اثنين كيلومتر. عندما بدأنا، منذ سنوات مضت، فى تنفيذ مشروعات إدارة مواقع سقارة وأهرامات الجيزة، قمنا بإزالة كل المبانى التى بُنيت فى سقارة وأهرامات الجيزة من مكاتب واستراحات ومخازن، كذلك تمت إزالة كل المبانى الخشبية الواقعة أسفل هضبة سقارة. لقد فوجئت، للأسف الشديد، بأنه تم بناء دورات مياه ضخمة أمام الهرم المدرج؛ أهم أثر فى العالم، أول بناء حجرى معمارى يشيده الإنسان على كوكب الأرض!. أذكر أننى، قبل أن أقوم بتنفيذ مشروع إدارة الموقع الأثرى فى الجيزة، قمت بالاتصال باليونسكو، وذلك لإرسال خبراء نلتقى بهم، وندرس معهم كيفية الحفاظ على منطقة الأهرامات لكونها تراثًا إنسانيًّا عالميًّا، والعجيبة الوحيدة القديمة من عجائب الدنيا السبع، التى لا تزال حية قائمة أمام أعيننا. كذلك لأن منطقة الأهرامات مفتوحة من جميع الجهات، لذلك بدأنا فى عمل سور أمنى محيط على مسافة ألف وخمسمائة متر من الأهرامات حول المنطقة، وبالتالى يتم التحكم فى المداخل والمخارج للسائح وكذلك فى الخيالة والباعة الجائلين. لقد أنقذ هذا السور المنطقة الأثرية خلال الأحداث المؤسفة التى مرت بها مصر عام ٢٠١١، وكنت أقول إنه لولا وجود السور الأمنى لوجدنا البيوت تُشيد أمام «أبوالهول».

أما المشروع الذى تم مع اليونسكو فهو يتلخص فى دخول جميع السائحين من بوابة، تم بناؤها عند طريق الفيوم، وبعد ذلك تدخل القوافل السياحية إلى المنطقة الصحراوية، وهناك تقف العربات فى أماكن الانتظار، ويدخل السائح مركز الزوار. وداخل المركز يوجد العديد من النشرات والأفلام، التى تعطى السائح معلومات عن الموقع والآثار الموجودة به وليس الأهرامات الثلاثة فقط، حيث إن هناك الكثير من المقابر الفريدة الرائعة التى تعود إلى الدولة القديمة ولا يعرف السائح عنها شيئًا. كان الغرض الأساسى من مشروع إدارة هضبة الجيزة هو أن يعرف السائح أن منطقة الهرم توجد فيها مقابر وأهرامات يمكن زيارتها وليس هرم الملك خوفو و«أبوالهول» فقط، وهذا سوف يجعل السائح يمكث داخل المنطقة الأثرية لمدة يوم كامل وليس ساعة واحدة كما يحدث الآن. لقد تم عمل فيلم وثائقى جميل للعرض بمركز الزوار، أنتجته بالمجان قناة ديسكفرى، وأشرف على تصويره المخرج الأمريكى الشهير، ليسلى جريف، الذى استطاع أن يقنع الممثل الأمريكى الشهير، كيفن كوستنر، بأن يكون المعلق الأساسى للفيلم بصوته. بعد ذلك يقوم السائح بركوب عربات كهربائية تحافظ على البيئة تنقله لزيارة الموقع، من خلال محطات وقوف محددة أمام المواقع التى سوف تُزار. ويمكن أن تقف العربة أمام الهرم الثانى، وتكون هناك فرصة للسائح أن يمشى إلى الناحية الجنوبية، وهناك يزور الهرم الثالث للملك منكاورع، وبعد ذلك يمكن أن يمشى حتى هرم الملك خوفو، يدخل الهرم، ويزور مقابر الجبانة الغربية التى تم إعدادها وكذلك مقابر الجبانة الشرقية. ويمكن له بعد ذلك أن يمشى إلى «أبوالهول» أو يركب العربة الكهربائية التى سوف تكون موجودة فى المنطقة، حيث يتم منع دخول أى نوع آخر من وسائل الانتقال إلى هضبة الأهرامات. وللأسف الشديد، لم يسعفنى الوقت خلال مدة خدمتى للآثار للانتهاء من ذلك المشروع المهم، الذى يحول منطقة آثار الأهرامات إلى مزار سياحى نموذجى على المستوى العالمى، بعد أن يتم إخلاؤه من أى إشغالات. وكان هذا هو هدفنا أن نُخلى مناطق الآثار من أى إشغالات حديثة. أما ما يحدث الآن فى أهرامات الجيزة فهو أمر مؤسف للغاية!. لم تعد هناك أى ضوابط للحفاظ على منطقة الهرم!. أصبح لأى شخص يريد أن يبنى أى شىء أن يقوم بعمله دون النظر لأى ضوابط أو قوانين وُضعت من قبل!.. فهناك محطات وقوف للسائح الذى سوف يزور المنطقة، وقد تم عمل مبانٍ خرسانية قبيحة أمام هرم خوفو و«أبوالهول» وأماكن أخرى، وهناك اعتقاد بأن يتم البيع داخل هذه المبانى، وأؤكد أن السائح لن يشترى شيئًا وهو داخل المنطقة الأثرية، بل إنه يشترى بعد انتهاء زيارته وهو خارج من المنطقة الأثرية. هذا أمر معروف عالميًّا، فالعالم كله يقوم بعمل محال البيع خارج المواقع الأثرية وليس فى قلبها!. مَن يريد أن يدخل مبانى عشوائية بُنيت دون ضوابط تشوه المنطقة الأثرية وهو يزور الأهرامات؟!.

المعروف أن العلماء والدارسين يعترضون دائمًا على وجود أى مبانٍ حديثة داخل مناطق الآثار.

أقدم لكم مثالًا آخر يُظهر كيف يصون العالم مواقعه السياحية والأثرية، فقد زرت مؤخرًا إحدى المحميات الطبيعية فى جنوب إفريقيا، والتى تُعرف باسم «سجنيتا». هناك فندقان داخل المحمية، بُنيا من الخشب، داخل منطقة أشجار ضخمة تحجب رؤية الفندقين تمامًا، وهناك حوالى ٢٠ محطة وقوف لعربات محبى السفارى لمشاهدة الحيوانات، موجودة عليها علامات فقط، ولا يوجد أى نوع من المبانى داخل هذه المحطات.

أقول ذلك حتى لا تتدهور منطقة أهرامات الجيزة، ولا أعرف مَن الذى قام بتغطية المبانى الموجودة أسفل الهضبة بأسوار عالية تأخذ الشكل المعمارى من المجموعة الهرمية للملك زوسر بسقارة!، وكان يجب على المسؤول أن يقوم بعمل أسوار بسيطة حديثة لأن تصميمه لا يمكن له أن ينافس ما يراه السائح من آثار بالمنطقة، فكان عليه أن يلتزم الصمت وعدم الاختراع، وهو فى حضرة الفراعنة العظام. ليس تقليلًا من علمه، ولكن احترامًا وتقديرًا لآثارنا وتراثنا.

إن ما تم سرده فى هذا المقال هو مجرد جزء من المشكلة، التى يبدو أنها تتفاقم يومًا بعد آخر، ولكيلا يبدو الأمر وكأن كل شخص فى موقعه يتصرف كما يحلو له، لذلك لابد أن تكون هناك ضوابط للعمل فى أهم المشروعات الثقافية والأثرية فى مصر. والحل، كما نوهت فى بداية هذا المقال، يأتى من خلال تشكيل لجنة علمية عليا تكون مسؤولة تمامًا عن التخطيط والإشراف على التنفيذ والمتابعة. لقد لمسنا جميعًا مدى الاهتمام بإنشاء المتاحف وتطوير المزارات الأثرية السياحية للحفاظ على آثار مصر والنهوض بقطاع حيوى مهم فى مصر، وهو القطاع السياحى. والحقيقة أننا يمكننا تحقيق تلك الأهداف من خلال العلم والتخطيط المحكم والالتزام.

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لكي ننقذ أهرامات الجيزة والمتحف المصري الكبير لكي ننقذ أهرامات الجيزة والمتحف المصري الكبير



الملكة رانيا تجسد الأناقة الملكية المعاصرة في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
 العرب اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 20:22 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد الأوروبي يعلن صرف 10 ملايين يورو لوكالة "الأونروا"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab