بقلم: دكتور زاهي حواس
هناك نهضة أثرية تشهدها المملكة العربية السعودية من خلال رؤية مستنيرة وضعتها هيئة التراث، تهتم بعملية تسجيل وتوثيق المواقع الأثرية باعتبار أن أعمال التسجيل الأثري هي البداية التي يعقبها وضع خطط الكشف والترميم والتطوير لمواقع الآثار الكائنة، وفي نفس الوقت يتم تشجيع البعثات الأثرية، سواء من هيئة التراث أو من الجامعات السعودية والمعاهد والجامعات الأجنبية، بالبدء في أعمال الحفائر والترميم بالمواقع الأثرية المهمة والتي لا تزال مناطق بكر من المنتظر أن تضيف الكثير من المعلومات عن تاريخ الجزيرة العربية.
لقد أعلنت هيئة التراث بالمملكة العربية السعودية عن تسجيل وتوثيق 195 موقعاً أثرياً جديداً وإضافتها إلى السجل الوطني للآثار، وبذلك يصبح عدد المواقع التي تم تسجيلها إلى الآن 8788 موقعاً أثرياً في مختلف المواقع بالمملكة العربية السعودية، وذلك للحفاظ على هذه المواقع التي تعتبر إرثاً ثقافياً ووطنياً يعكس الثراء التاريخي للمملكة العربية السعودية التي يمتد تاريخها إلى آلاف السنين. وقد بينا في مقالات سابقة أن مساحة بعض المواقع الأثرية بالمملكة تقاس بالكيلومترات.
وقد قام الأثريون السعوديون بعمل مسح أثري في منطقة عسير التي نالت النصيب الأكبر من هذه المواقع؛ إذ وصل عدد المواقع المسجلة بها إلى 35 موقعاً، وبعد ذلك تأتي منطقة الجو بـ32 موقعاً، ثم منطقة تبوك بواقع 31 موقعاً، وتبعتها منطقة حائل بـ23 موقعاً، ومنطقة القصيم بـ22 موقعاً، والمنطقة الشرقية بـ20 موقعاً، ومنطقة جازان بـ11 موقعاً، بالإضافة إلى منطقة مكة المكرمة بـ10 مواقع، و5 مواقع في منطقة الباحة، وأخيراً موقع آخر في منطقة المدينة المنورة.
ويأتي تسجيل هذه المواقع استناداً إلى نظام الآثار والتراث العمراني الصادر بالمرسوم الملكي بتاريخ 911436 هجرية، وكذلك بموجب قرار مجلس الإدارة بتفويض الرئيس التنفيذي للهيئة بتسجيل المواقع الأثرية والتراثية في سجل الآثار الوطني، وبعد ذلك يتم إسقاط هذه المواقع على خرائط رقمية محمية، وذلك من أجل حمايتها والمحافظة عليها وبناء قاعدة بيانات مكانية للمواقع الأثرية المسجلة، وحفظ وتوثيق الأعمال التي تجري عليها، وأرشفة وثائق وصور مواقع التراث بالمملكة.
ولذلك تكثف هيئة التراث نشاطها حالياً في عمل المسوحات الأثرية والتسجيل لكل المواقع الأثرية بالمملكة حتى يمكن أن يكون لدينا خريطة كاملة للحفاظ على تراث المملكة، ولذلك نرى أيضاً تشجيعاً من هيئة التراث للمواطن السعودي للمشاركة والإبلاغ عن المواقع الأثرية ليمكّن الهيئة من الوصول إليها، ومن ثم تسجيلها.