دومة الجندل مثال للعمل الأثري النموذجي

دومة الجندل... مثال للعمل الأثري النموذجي

دومة الجندل... مثال للعمل الأثري النموذجي

 العرب اليوم -

دومة الجندل مثال للعمل الأثري النموذجي

بقلم:زاهي حواس

أتابع بكل اهتمام أعمال البعثة الأثرية المشتركة السعودية الإيطالية الفرنسية التي تعمل منذ سنوات في موقع دومة الجندل الأثري، التابع لمنطقة الجوف بالمملكة العربية السعودية. هذا الاهتمام يعود إلى عدة أسباب أولها أهمية موقع دومة الجندل من الناحية الأثرية والتاريخية، حيث يزخر الموقع الممتد لعدة كيلومترات بآثار مختلفة تؤكد مدى أهمية المكان في التاريخ القديم ومدى تنوع واستمرار النشاط العمراني به على مدى عصور مختلفة. ومن تلك النقطة الأخيرة يأتي السبب الثاني لاهتمامي بمعرفة أخبار الأبحاث الأثرية والاكتشافات التي تجري بالموقع، حيث إنه من المعروف للباحثين وعلماء الآثار أن من أسهل أعمال الكشف الأثري هي التي تجرى في مكان شهد فترة ازدهار ونشاط أثري في وقت معين من التاريخ القديم ثم اندثر ولم يقم به نشاط عمراني آخر. وفي تلك الحالة تكون أعمال الكشف والتوثيق سهلة إلى حد بعيد للقائمين على العمل بالموقع، ومثال ذلك موقع تل العمارنة في مصر الذي نعرف أنه ازدهر في وقت محدد بعدما انتقل إليه الملك أخناتون أول ملوك الفراعنة الذي نادى بعبادة إله واحد خلال عصر الأسرة الثامنة عشرة الفرعونية. وبعد وفاة أخناتون تم هجر العاصمة تل العمارنة وظلت مكاناً منبوذاً لا يسكنه أحد. ولذلك فإن كل ما يتم العثور عليه بالمنطقة هو من المؤكد من عصر أخناتون. أما في دومة الجندل فالوضع مختلف تماماً حيث تواصل النشاط السكاني والعمراني بالمنطقة عبر عصور مختلفة، وبالتالي فالعمل الأثري هناك يعتبر من أصعب الأعمال التي يمكن أن تجرى في موقع أثري من حيث الرغبة في توثيق وحفظ كل التراث الأثري بالمكانن من دون الإضرار بعنصر من العناصر على حساب الآخر. بمعنى أن وجود مبنى أثري بالموقع لا يعني بالضرورة أنه الأول بالمكان، فاحتمال وجود بقايا لمبانٍ أقدم أسفله تظل قائمة وعلى الأثريين واجب الحفاظ على كامل التراث الأثري بالموقع وتسجيله وتوثيقه بصورة علمية، من أجل الوصول إلى نتائج أهمها رسم صورة واضحة لتاريخ المكان وتتابع النشاط السكاني به.

لقد استطاعت البعثة السعودية الإيطالية الفرنسية المشتركة التي تعمل تحت إشراف هيئة التراث السعودية، تقديم نتائج مهمة عن تاريخ موقع دومة الجندل، وستظل الأبحاث قائمة بالموقع من أجل مزيد من المعرفة بتاريخه وآثاره التي لا يزال بعضها قائماً، وبحالة حفظ ممتازة مثل قلعة مارد التي كتبنا عنها من قبل في هذا المكان. وهناك آثار لمبانٍ أخرى قديمة تحتاج إلى كثير من الجهد والدراسة من أجل صبر أسرارها. ولذلك ستظل دومة الجندل مثالاً حياً للعمل الأثري المتكامل، حيث يقوم فريق العمل ليس فقط بأعمال الحفائر الأثرية بالموقع، ولكن بأعمال التسجيل والتوثيق والترميم وباستخدام أحدث التقنيات العلمية في كل مجال، فيتم على سبيل المثال تسجيل كل أثر باستخدام تقنية نظام تحديد الموقع الجغرافي. ويضم فريق العمل خبراء في مجالات العمل الأثري كافة، يمكنهم كفريق واحد دراسة الآثار ودراسة الطبيعة الجغرافية والحياة النباتية القديمة والحديثة بالموقع، وكذلك الحيوانات التي كانت تعيش قديماً بالمكان، إضافة إلى وجود علماء في اللغات القديمة والنقوش والمخربشات وهؤلاء مهمتهم جمع وتوثيق كل النقوش والرسومات الموجودة في محيط الموقع الأثري.
بمعنى آخر نستطيع القول إن العمل الأثري الذي تم بالفعل بموقع دومة الجندل استطاع أن يقدم لنا تغطية شاملة، وصورة تكاد تكون مكتملة عن تاريخ وأهمية دومة الجندل في إطار التراث الأثري السعودي.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دومة الجندل مثال للعمل الأثري النموذجي دومة الجندل مثال للعمل الأثري النموذجي



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:38 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
 العرب اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 07:36 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحمد سعد يعلّق على لقائه بويل سميث وابنه
 العرب اليوم - أحمد سعد يعلّق على لقائه بويل سميث وابنه

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 15:07 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

كاف يعلن موعد قرعة بطولة أمم أفريقيا للمحليين

GMT 19:03 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

فيروس جديد ينتشر في الصين وتحذيرات من حدوث جائحة أخرى

GMT 13:20 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

برشلونة يستهدف ضم سون نجم توتنهام بالمجان

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 07:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 08:18 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مي عمر تكشف عن مصير فيلمها مع عمرو سعد

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 09:44 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

الصحة العالمية تؤكد أن 7 ٪ من سكان غزة شهداء ومصابين

GMT 08:54 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

محمد هنيدي يكشف مصير مشاركته في رمضان

GMT 23:13 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 5.5 درجة على مقياس ريختر يضرب مدينة "ريز" في إيران

GMT 08:44 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

بشرى تكشف أولى مفاجآتها في العام الجديد

GMT 09:35 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

شهداء وجرحى في قصف متواصل على قطاع غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab