بقلم - زاهي حواس
يعد موقع حمى الأثري في المملكة العربية السعودية الموقع السادس الذي نجحت المملكة في تسجيله في قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة – اليونيسكو. وتقع المنطقة الأثرية التي تضم أهم مواقع الفنون الصخرية في العالم بموقع حمى بمنطقة نجران على مساحة 557 كيلومتراً وتضم ما يقرب من 550 لوحة من الفن الصخري الذي يحتوي عشرات الآلاف من النقوش والرسومات الصخرية، التي جعلتها واحدة من أكبر تجمعات الفن الصخري في العالم. ويؤكد هذا العدد الكبير من النقوش الصخرية مدى أهمية الموقع الذي كان من أهم المحطات التي تقع على طريق القوافل التجارية التي كانت تعبر الجزيرة العربية. كذلك فإن حجم وأعداد النقوش والرسومات على واجهات الصخر يؤكدان كثافة النشاط التجاري بل استمراريته لأزمنة كثيرة.
يُعتقد أن منطقة حمى كانت بالفعل إحدى الأسواق التجارية الرئيسية في شبه الجزيرة العربية. وتمثل الآبار الموجودة في الموقع آخر نقطة إمدادات بالمياه على طريق الشمال. والأولى بعد عبور الصحراء على طريق الجنوب. يضم الموقع عشرات الآلاف من النقوش الصخرية المكتوبة بالقلم الثمودي والقبطي والمسند الجنوبي، بالإضافة إلى النقوش العربية المبكرة في فترة ما قبل الإسلام. وتعد بدايات الخط العربي الحديث. وتمثل فنون ونقوش حمى الصخرية كنزاً ثميناً لا يقدَّر بثمن لتوثيق الكتابة والتطور الفني والتاريخي. كذلك فإن الموقع يعد مصدراً مهماً للدراسات الإثنوغرافية، وبخاصة لتأثيرات التغير المناخي على أنماط حياة البشر.
وقد أخرج موقع حمى الأثري بعضاً من أسراره التي لا تزال تحتاج للكثير من الدراسات وأعمال المسح الأثري والحفائر. وإلى جانب الفنون الصخرية على واجهات الجبال بالموقع، عُثر على الكثير من القطع والبقايا الأثرية مثل الفؤوس والمدقات ورؤوس السهام من الظران. كما توجد بالموقع آبار المياه القديمة التي لا تزال مستعملة حتى اليوم. وقد تم تسجيل الموقع على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو في عام 2021 بوصفه موقعاً ثقاقياً ذا قيمة عالمية استثنائية للتراث الإنساني.
وهناك توجه مدروس ضمن خطة المملكة للنهوض بالقطاع الثقافي والكشف والحفاظ على التراث الأثري للمملكة العربية السعودية، وذلك بالتوسع في تسجيل المواقع الأثرية الفريدة بالمملكة ضمن قائمة التراث العالمي.