أهمية الدراسات الإثنوآركيولوجية

أهمية الدراسات الإثنوآركيولوجية

أهمية الدراسات الإثنوآركيولوجية

 العرب اليوم -

أهمية الدراسات الإثنوآركيولوجية

بقلم: دكتور زاهي حواس

لا يتوقف علم الآثار فقط عند دراسة اللقايا الأثرية أو آثار حياة البشر على الأرض في الماضي سواء كان الماضي القريب أو الضارب في القدم، ولكن هناك نوعاً من الدراسات يطلق عليها الإثنو أركيولوجي وتعنى بدراسة أنماط حياة المجتمعات الإنسانية من خلال الآثار والمنتجات المادية المستخدمة في النشاط البشري طبقاً للموقع الجغرافي والظروف البيئية للمكان. ولكيلا نصعب الأمور على القارئ غير المتخصص، نسلط الضوء على بحث نشر قبل أعوام مضت ضمن سلسلة دراسات أثرية بالمملكة العربية السعودية ويحمل الكتاب أو الدراسة رقم 19. الكتاب من تأليف الأستاذ الدكتور فهد بن علي الحسين بعنوان «الحرف والصناعات البحرية في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية» وهي دراسة إثنو آركيولوجية توثق نمط حياة وأدوات مجتمع صيد الأسماك واللؤلؤ بالمنطقة الشرقية على الخليج العربي.
لقد أشرت قبل أكثر من عام إلى هذه الدراسة المهمة في هذا المكان نفسه وتحديداً في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2021م. وكنت أعد النفس بنشر محطات مهمة من تلك الدراسة لكي يعلم بها كثير من المهتمين سواء المتخصصين أو غيرهم بعد الانتهاء من قراءتها. ولعل سبب ذلك الاهتمام رغم عدم معرفتي الشخصية بصاحبها ولم أتشرف يوماً بمقابلته هو احتياجنا لمثل تلك الدراسات التي ينأى للأسف كثير من الدارسين عن تناولها، نظراً للمشقة الكبيرة والوقت الطويل والجهد اللازم في تناولها والتي تستدعي السفر والمعايشة والإلمام بالمصادر بمختلف أنواعها. ورغم ذلك فإن مثل تلك الدراسات تمثل توثيقاً حياً ومثيراً لأنماط حياة وآثار مجتمعات إما اندثرت بالفعل أو على وشك الاندثار ودخولها طي النسيان بسبب العوامل التي تناولتها من قبل في مقالي المشار إليه سابقاً بعنوان «حرف وصناعات في طي النسيان».
قدم لنا الدكتور فهد بن علي الحسين دراسة متميزة وشيقة لمجتمع الصيادين بالمنطقة الشرقية وكذلك للحرفيين الذين صنعوا أدوات الصيد بمختلف أشكالها لتناسب طبيعة نوع الصيد سواء الأسماك أو اللؤلؤ، وكذلك عرفنا الدكتور فهد على الصناعات التي قامت على تلك الحرف.
لقد استطعت أخيراً بفضل الله وتوفيقه الانتهاء من قراءة هذا البحث الشيق الذي نقلني إلى مكان له طبيعته الجغرافية والبيئية شديدة الخصوصية لأعيش بين أناس لا يزالون يعيشون بيننا ويحافظون على مهن وصناعات توارثوها من أجيال سابقة، لكن بات يهددهم طابع الحياة المدنية الحديثة ومنتجاتها واقتصاديات العالم الحديث. ولم يعطلني كل هذا الوقت عن قراءة هذا البحث المثير سوى أعمال الحفائر والنشر العلمي الخاص بي وكذلك محاضراتي حول العالم والعدد الكبير من دراسات الدكتوراه التي أشرف عليها بعد فشلي الدائم والمستمر في الاعتذار عن عدم قبول الإشراف عليها رأفة بأبنائي الطلبة!
إن الدراسة الممتعة التي قدمها لنا الدكتور فهد، وهو أستاذ أكاديمي، تضعنا أمام معضلة تواجهنا وهي كيفية الحفاظ على صناعات وحرف نادرة من الاندثار، وفي الوقت ذاته تعويض أهلها بما يحفزهم على الاستمرار في نقل حرفهم وصناعاتهم من جيل إلى آخر؟ وهل يكفي تسجيل وتوثيق هذه الحرف والصناعات؟ وأي أنواع التسجيل العلمي يكفي ويرضينا عوضاً عن اندثار واختفاء مثل تلك الحرف والصناعات من حياتنا؟ أسئلة كثيرة لا تزال تبحث عن إجابات، لكن يبقى أن نعرف أننا عندما نتحدث عن حرف وصناعات نادرة فإننا نتحدث عن نمط حياة ومعيشة سكان مجتمع كامل يحيا ويعيش بثقافة تلك الحرف والصناعات القائمة عليها التي تؤثر في ثقافته وفي عاداته وتقاليده ومفردات حياته اليومية، والتي تحتاج أيضاً إلى التسجيل والتوثيق. في النهاية نحن نتحدث عن جزء من الذاكرة الإنسانية وحياة الناس على الأرض.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أهمية الدراسات الإثنوآركيولوجية أهمية الدراسات الإثنوآركيولوجية



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:39 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
 العرب اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
 العرب اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 07:49 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
 العرب اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 09:07 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور
 العرب اليوم - تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 06:40 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

2024 سنة نجاحات مغربيّة

GMT 06:32 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل قرأت افتتاحية «داعش» اليوم؟!

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 09:29 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة!

GMT 14:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

رسميا الكويت تستضيف بطولة أساطير الخليج

GMT 06:30 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

ما تم اكتشافه بعد سقوط النظام السوري!

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 14:14 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 4.7 درجة يضرب مدينة "سيبي" الباكستانية

GMT 14:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

جيش الاحتلال يرصد إطلاق صاروخين من شمال غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab