لغز أعمدة الرجاجيل

لغز أعمدة الرجاجيل!

لغز أعمدة الرجاجيل!

 العرب اليوم -

لغز أعمدة الرجاجيل

زاهي حواس
بقلم - زاهي حواس

إن الاكتشافات الأثرية العظيمة غالباً ما تأتي عن طريق الصدفة وبلا أي تخطيط مسبق، وقليل من تلك الاكتشافات هو ما يتم بعد بحث شاق مضنٍ قد يستمر لسنوات عديدة حتى يخرج إلى النور، ولا عجب في ذلك، فعلم الآثار هو من أحدث العلوم على الأرض، إلا أنه يتطور وينمو بسرعة مذهلة، بل ويتفرع منه الآن علوم فرعية أخرى. وعلم الآثار كما هو واضح من التسمية يبحث عن وفي آثار الماضي بكل أشكاله وأنواعه، ومن المفترض أنه بمجرد العثور على الأثر تتم دراسته وتفسيره وبالتالي نشره، فيكون شهادة ميلاد جديدة لجزء من التاريخ. ولكن هناك حالات نادرة يوجد فيها الأثر ظاهراً أمامنا بل شامخاً ومستقراً، ومع ذلك لا نعرف عنه شيئاً! لا تاريخ وجوده، ولا حتى وظيفته. ويظل أمر تلك الآثار مرهوناً بظهور أدلة أثرية أخرى تميط اللثام عنها، وبالتالي يستطيع الأثري نشر معلومات مؤكدة أو على الأقل منطقية ومقنعة عن الآثار التي ظلت لسنوات، أو لقرون طويلة، مجهولة لا يعرف عنها شيء.
ومن أروع أمثلة الآثار المحيرة ما يعرف بأعمدة الرجاجيل، وهو موقع أثري معروف بمنطقة الجوف التي تصنف باعتبارها من أقدم المواقع الاستيطانية في المملكة العربية السعودية. ويرجع تاريخها إلى آلاف السنين في عصور ما قبل التاريخ. وأعمدة الرجاجيل هي عبارة عن خمسين مجموعة من الأعمدة الأسطوانية؛ سواء التي لا تزال قائمة في مواضعها الأصلية وبارتفاعات تصل إلى ثلاثة أمتار، أو تلك الملقاة على الرمال في صورة سليمة أو محطمة إلى أجزاء.
تم نحت الأعمدة من الحجر الرملي الأحمر، ويتراوح عدد كل مجموعة من الأعمدة من ثلاثة إلى سبعة أعمدة. وتغطي هذه المجموعات مساحة دائرية كبيرة تشرف على سهل رملي كبير. وعلى الرغم من وجود الأعمدة بهذا العدد والشكل بل والحالة الأثرية الجيدة، فإن المعلومات عنها لا تزال غير معروفة، ولا يزال الأمل معقوداً على دراسات أثرية جديدة مقبلة من خلالها نستطيع كشف سر أعمدة الرجاجيل. ولا بد هنا من لفت الأنظار إلى أن العمل الأثري بالمنطقة يعد من أصعب الأعمال نظراً للكميات الضخمة من الرمال التي تغطي الموقع، وتعد تحدياً لأي مشروع حفائر في المستقبل.
وكما ذكرت، فإن أعمدة الرجاجيل وعلى قدر ضخامتها فإن المعلومات التاريخية حولها شحيحة وتكاد تكون منعدمة. ولذلك فإن باب النظريات والآراء ما زال مفتوحاً على مصراعيه لتفسير وظيفة أعمدة الرجاجيل وكنهها. وإلى حين أن يكشف لنا المستقبل عن حقيقة هذا الموقع الأثري الضخم والثري، فإن الآراء تذهب إلى كون أعمدة الرجاجيل جزءاً من مجمع ديني ضخم، أو بمعنى آخر مجمع لمعابد دينية مختلفة تعود إلى قبائل مختلفة. وربما يكون قد تم تشييدها خلال عصر ما قبل التاريخ؛ خلال الألف الرابع قبل الميلاد. وقد حاول البعض ربط هذه الأعمدة الحجرية بموقع الأحجار الضخمة الموجودة في إنجلترا التي تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد، أو بمعبد حتحور في وادي مغارة بسيناء.
مثل تلك المواقع هي التي تثير خيال الأثري وتحفزه على التفكير في كل تفصيلة خاصة بالموقع، فيبدأ مثلاً بالتفكير في تحديد مكان المحجر الذي اقتطعت منه الأعمدة، وهو في الغالب يكون قريباً من موقع الإنشاء، ثم يأتي البحث عن طرق قطع الأعمدة وطرق نقلها ونصبها في مواضعها. وبعدها يأتي سؤال آخر: هل تم البناء في وقت واحد؟ أم أنه تطور ونما بمرور الزمن؟ أسئلة كثيرة دائماً ما تكون هي في النهاية مفتاح اللغز.

arabstoday

GMT 18:04 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل والمسرحية.. والمتفرجون

GMT 05:17 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (٦)

GMT 05:14 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

أمٌّ صنعت معجزة

GMT 05:10 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

بورصة أسماء الوزراء

GMT 05:07 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

الرد على الرد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لغز أعمدة الرجاجيل لغز أعمدة الرجاجيل



GMT 23:31 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
 العرب اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 22:06 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

3 عمليات حوثية ضد سفن ومدمرات أميركية وإسرائيلية

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره

GMT 22:17 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

تونس تنتشل 14 جثة لمهاجرين غير شرعيين قبالة جربة

GMT 15:32 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

ملك الأردن يأمر بإجراء انتخابات مجلس النواب

GMT 18:03 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"

GMT 10:46 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 5.3 ريختر يضرب شرق إندونيسيا

GMT 01:08 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نانسي عجرم بإطلالات عصرية جذّابة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab