عجائب الدنيا السبع الجديدة

عجائب الدنيا السبع الجديدة

عجائب الدنيا السبع الجديدة

 العرب اليوم -

عجائب الدنيا السبع الجديدة

بقلم - زاهي حواس

قصة عجائب الدنيا السبع من القصص الغريبة التى تعكس لنا عقدة الخواجة؛ بمعنى أن أى شخص أجنبى يأتى إلى مصر ويقول سوف نقوم باختيار عجائب الدنيا السبع الجديدة من خلال التصويت نقلب الدنيا، ونبدأ فى التهليل أو التهويل، وذلك حتى دون أن نحاول معرفة من هو ذلك الأجنبى وما هى مؤهلاته كى يختار هو أو غيره من الناس عجائب الدنيا الجديدة؟!، بل هل يجوز لنا أو لأى إنسان عاقل وضع هرم الملك خوفو- العجيبة القديمة الوحيدة التى مازالت قائمة- ضمن قائمة يصوت العالم عليها؟!، هل لو حصل عالم على جائزة نوبل فى العمارة هل يطمع فى نيل جائزة أخرى؟.

بدأت القصة عندما جاء لمقابلتى bernard weber وهو سويسرى الجنسية وقال إنه قرر أن يتم اختيار عجائب الدنيا السبع الجديدة من خلال التصويت، وطلب منى أن يتم وضع هرم الملك خوفو ضمن هذه المسابقة. وسألته إذا ما كان يتبع أى مؤسسة علمية أو ثقافية فى أوروبا، ولم أجد إجابة واضحة!، وسألته عما إذا كان قد حصل على موافقة اليونسكو، فأجاب بـ لا!، وسألته كيف سيقوم بوضع هرم خوفو ضمن قائمة حديثة فى حين أنه الأعجوبة الوحيدة الباقية من عجائب العالم القديم؟!، ولذلك رفضت طلبه بالطبع، فلا هو شخص مؤهل، ولا هو يملك حق إضافة أو إلغاء أثر بقيمة الهرم من قوائم عجائب الدنيا.

وكان قد أعلن أن عملية الاختيار سوف تتم فى يوم ٧ يوليو ٢٠٠٧. وعرفت أن السيد برنارد هذا صاحب شركة سياحة وأقام مؤسسة خاصة لاختيار عجائب الدنيا الجديدة، وأنشأ لذلك موقعًا على الإنترنت، وقام بعمل دعاية فى كل مكان. وطلب من أى شخص يريد التصويت أن يدفع دولارين. كما استطاع أن يقنع بعض الخبراء المعروفين للاشتراك معه فى هذا الموضوع، ومنهم فريدريكو مايور مدير اليونسكو السابق، الذى كان بلا شك بعيدا عن الأضواء ووافق أن يكون ضمن الفريق المنظم لاختيار العجائب الجديدة.

ومن الغريب أننى عندما توليت مسؤولية الآثار فى عام ٢٠٠٢ وجدت عشرات البعثات الأجنبية تعمل فى آثارنا وليست تابعة لأى مؤسسة علمية أو متحف!، ولذلك قمت بإيقاف عمل كل هذه البعثات وأعلنت أن المجلس الأعلى للآثار مؤسسة علمية ولا تتعامل مع أشخاص بل تتعامل مع العلماء التابعين للجامعات والمتاحف... فكيف نسمح لشخص من حوارى سويسرا أن يختار عجائب الدنيا الجديدة؟، وإذا وضعنا الهرم الأكبر، هل يمكن أن نثق فى التصويت خاصة أننا لا نعرف من هم القائمون عليه، أو ما هى ميولهم وأهدافهم؟، ولذلك قلت أمام العالم كله إننا كمصريين نرفض التعاون مع هذا الشخص تماما، فى حين كان قد استطاع إقناع بعض الدول لكى تنضم بآثارها لحملته أو فالنقل لـ لعبته. ولا تملك تلك الدول أثرا مثل الهرم الأكبر.

وهرم الملك خوفو ليس فقط أهم الأهرامات بل هو أهم أثر فى العالم، وهو رمز العبقرية المصرية التى بنت أعظم حضارة إنسانية. لقد أبهر الهرم الأكبر العالم القديم لذلك اختاروه ضمن سبع عجائب لم يبق منها إلا الهرم. وقد أعلنت جمعية المهندسين المعماريين فى الولايات المتحدة الأمريكية أن هرم الملك خوفو هو العجيبة المعمارية الوحيدة التى حدثت ومازالت عصية عليهم، لم يستطيعوا حل ألغازها، أو معرفة أسرار بنائه! ونظرًا لأنه هرم الملك خوفو قلت للعالم كله إنه حتى لو طلبت منظمة اليونسكو دخول الهرم المنافسة فسوف أرفض لأن الهرم بكل الحسابات خارج المنافسة تمامًا. وأعلنت أن مصر بها مواقع كثيرة هامة مثل الدير البحرى ومعبد الكرنك وأبوسمبل ومعابد فيلة ومعبد الأقصر التى يمكن أن تدخل المسابقات، ولكن ليس مسابقة السويسرى الذى جاء لكى يكسب الأموال ويقوم بعمل دعاية لشركته السياحية. وقد قام بعد ذلك بإرسال خطاب إلى فاروق حسنى وزير الثقافة فى ذلك الوقت، يؤكد فيه على أنه سوف يضع اسم الهرم شرفيا ضمن قائمة العجائب الحديثة، وبالطبع لم يرد عليه الوزير لأنه عرف القصة بعد أن تناقشنا فى هذا الموضوع.

وقد لا يعرف الكثيرون أن هناك البعض الذى حاول من قبل اختيار عجائب الدنيا الجديدة وفعلا تم اختيار ستون هيدج بإنجلترا والكولوسيوم بروما ومقابر كوم الشقافة بمصر وسور الصين العظيم وبرج بيزا المائل، وغيرها، وقد أعلن السويسرى عن اختيار ٢١ عجيبة جديدة؛ منها الأكربول بأثينا وقصر غرناطة بإسبانيا، ومعبد قديم بكمبوديا وأهرامات مايا وتمثال المسيح بريو دى جانيرو والكولوسيوم بروما والتماثيل ذات الرؤوس الضخمة فى جنوب الباسفيك وبرج إيفيل وسور الصين العظيم ومسجد جيوثيا ومعبد كيوشو باليابان ومبنى الكرملين بموسكو، ومدينة ماتشو بيتشو الأثرية فوق الجبال ببيرو، وقلعة نيو سسوانيت بألمانيا وبترا بالأردن وتمثال الحرية والـ ستون هيدج بانجلترا وتاج محل وتمبكتو بمالى.

وقد استغل أحد الأثريين لا داعى لذكر اسمه، وكان يعمل بالتدريس بإحدى الجامعات فى ذلك الوقت، ذلك الأمر وحاول أن يجعل جميع الصحف بل والمحطات التليفزيونية المصرية أن تهاجمنى بشدة وتعلن أن هرم الملك خوفو خرج من قائمة عجائب الدنيا السبع بسببى.

وكنت أرد وأقول بأن مصر لا تسمح بوضع آثارها وخاصة الهرم الأكبر فى منافسة يقيمها فرد لا يملك أى مقومات تجعله يضم هذا الأثر أو يخرج هذا الأثر من قائمة عجائب الدنيا التى تم وضعها من آلاف السنين ولم يبق منها سوى الهرم والذى هو ملك للإنسانية كلها. ماذا كان سيحدث لو قام هذا الشخص وأعلن عن قائمة العجائب والهرم ليس من ضمنها؟ ماذا كنا سنفعل؟ هل يعقل أن يدخل الهرم- العجيبة الوحيدة الباقية- فى منافسة مع برج إيفل؟.

بالطبع كنت أحتد فى بعض الأحيان لأن الإعلام فى ذلك الوقت للأسف كان يريد فضائح ولا يريد أن يسمع حقائق!، وأهم ما قلته أن هذا الشخص سوف يعلن العجائب الجديدة وأتحدى بعد خمس سنوات لو تذكر أحد اختياراته. وسيظل الهرم الأكبر هو المعروف لدى العامة فى كل مكان. ولذلك أكتب هذا المقال الآن لكى أسأل كل من هاجمنى: هل يتذكر أحد منكم اسم عجيبة واحدة اختارها هذا السويسرى؟.

هناك العديد من الاختيارات الخاصة بعجائب الدنيا والتى لا نسمع عنها إطلاقا فقد تم اختيار عجائب الطبيعة. وقامت الجمعية الأمريكية للمهندسين المعماريين باختيار عجائب الدنيا السبع عام ١٩٩٤ ولكنهم لم يطالبوا بدخول هرم خوفو لأنهم يعرفون قيمته وعظمته، وضمن القائمة السكة الحديد التى تربط انجلترا وفرنسا وبرج cn بكندا ومبنى إمباير ستيت بنيويورك، وجولدن جات فى سان فرانسسكو وسباتابو بأمريكا الجنوبية ومنشآت دلتا فى هولندا.

وفى عام ٢٠٠٥ قام شخص آخر بنفس مستوى السويسرى برناردو وهو William wonders ويبدو أنه اختار العجائب التى صنعت بيد الإنسان نظرا لأن اسمه wonders واختار الهرم الأكبر وسور الصين العظيم ومعبد الكرنك وفى عام ١٩٧٧ اختارت الـ CNN عجائب الطبيعة واختاروا الوادى السحيق بجراند كينيان بأمريكا وجبل إيفرست وشلالات فيكتوريا وبركان باركين، وغيرها وبعد ذلك تم اختيار عجائب تحت الماء واختاروا جزر بالاو بالغرب من الفلبين وأخاديد أعماق البحار وغيرها.

وفى عام ٢٠٠٦ قامت صحيفة us today بالاشتراك مع برنامج صباح الخير يا أمريكا باختيار عجائب الدنيا السبع الجديدة عن طريق ستة محكمين عالميين وتم الإعلان عن أثر كل يوم على مدار أسبوع بهذا البرنامج الشهير.

وإذا عدنا إلى السويسرى الذى قرر عمل قائمة عجائب جديدة، فسنجده قام بذلك عندما وجد أن السياحة لا تدر عليه أى أرباح، لذلك قام بهذه الحملة واختار ٢١ أثرا. وفى نفس الوقت أعلن مدير منظمة اليونسكو وكذلك مدير إدارة التراث باليونسكو أن اليونسكو ليس له أى صلة بهذا الاختيار ولن يحصل من قام بهذا الاختيار على أى تأييد من المنظمة المنوط بها الحفاظ على التراث العالمى.

وهنا أود أن أوضح أن السبب فى أن عجائب الدنيا السبع القديمة هى الوحيدة المعروفة لكل إنسان فى الدنيا ويتم تدريس معلومات عنها للطلاب، هو أن اختيارها لم يتم فجأة بل تم من خلال اختيارات الرحالة الأثريين والمؤرخين القدماء والتى سجلت بناء على مشاهداتهم. ولعل من أهم المصادر التى حددت عجائب الدنيا السبع القديمة هو كتاب هيرودوت أبو التاريخ الذى زار مصر فى منتصف القرن الخامس قبل الميلاد، وكذلك العالم كاليما خوس ٣٠٥ - ٢٤٠ ق.م. وأقدم نسخة باقية من عام ١٤٠ ق.م هى قصيدة antipator of silon.

لقد وصف الرحالة العرب فى القرن التاسع الميلادى الأهرامات بقولهم إن الإنسان يخاف من الزمن وأن الزمن يخاف من الأهرامات!، والعجيبة الثانية هى حدائق بابل المعلقة ٦٠٠ ق.م من العصر البابلى وانهارت بعد الزلزال الذى حدث فى القرن الأول ق.م. والعجيبة الثالثة هى معبد أرثميس باخوس ويعود تاريخه إلى ٥٥٠ ق.م وهو أثر فارسى إغريقى استغرق بناؤه ١٢٠ عاما، وقد أحرقه شاب يدعى هيروسترانوس. أما العجيبة الرابعة فهى تمثال زيوس بجبل أوليمبيا ويرجع تاريخه إلى ٤٣٥ ق.م، وهو من الفن الإغريقى وتعرض إلى حريق قضى عليه تمامًا. أما العجيبة الخامسة فهى ضريح هاوسو ويوجد فى ليكازاسوس يرجع تاريخه إلى ٣١٥ ق.م وهو أثر فارسى إغريقى عبارة عن ضريح يصل إلى نحو ٤٥ مترا طولا ومحاط من كل جوانبه بالتماثيل وانهار عام ١٤٩٤م بسبب زلزال، وأخيرا تأتى العجيبة الأخيرة وهى منارة الإسكندرية والتى يعود تاريخها إلى القرن ٣ ق.م ويصل الارتفاع إلى ١١٥-١٣٥ مترا. وكانت تعد أطول مبنى عرفه البشر طوال قرون عديدة وقد انهارت المنارة نتيجة لعدة زلازل حدثت ما بين ١٣٣- ١٤٨م.

أتمنى أن يقرأ هذا المقال كل من قال وأعلن بصوت عال أن هرم خوفو خرج من المنافسة على عجائب الدنيا السبع. ولا بد لنا أن نعلم جيدًا أن الهرم الأكبر هو أعجوبة العجائب وسيظل كذلك للأبد، ولذلك لا بد أن ندفع عنه عبث هواة الشهرة والباحثين عن الثروات ولو على حساب التراث

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عجائب الدنيا السبع الجديدة عجائب الدنيا السبع الجديدة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab