بقلم:مشاري الذايدي
ينقل المؤرخ والأستاذ الجامعي الأميركي ستيفن روس في كتابه الذي يحمل عنوان «هوليوود اليمين واليسار» عن السيناتور الأميركي آرلن سبيكتر قوله: «عندما تتكلّم هوليوود يصغي إليها العالم كلّه».
لكن هذا الكتاب الأميركي، حسب قراءة قسم الكتب في «البيان» الإماراتية، يضيف أن اليسار الأميركي هو الأكثر عدداً وزخماً في قلاع هوليوود، منذ ثلاثينات القرن الماضي.
ربما تصلح هذه الخلاصة التاريخية لقراءة «خطبة» الممثل الأميركي الشهير روبرت دي نيرو من أمام المحكمة المعقودة ضد المرشح الجمهوري العتيد دونالد ترمب مطلقاً فيها سهامه اللفظية ضد ترمب وكل أنصاره.
وصف الممثل المخضرم «عدوه» الرئيس السابق ترمب بأنه «مهرج» سيدمر الديمقراطية الأميركية، وإذا وصل – لا سمح الله حسب دي نيرو! - فإن الثقافة الأميركية السياسية ستختفي وسيصير ترمب ديكتاتوراً يحكم للأبد.
المعلوم أن دي نيرو ينتمي للحزب الديمقراطي منذ فترة طويلة، وسجّل بصوته في الآونة الأخيرة رسالة دعائية للرئيس الديمقراطي جو بايدن، حسب تقرير جريدة «الشرق الأوسط».
من دقّ الباب سمع الجواب، وهو قد سمعه واضحاً جلياً، إذ وصفه أنصار ترمب بالكاذب والفاشل، وقال مسؤولو حملة ترمب إن مشاركة دي نيرو تُظهر اليأس في معسكر بايدن.
هذه ليست المرّة الأولى التي يهاجم فيها نجم هوليوود الرئيس ترمب، بل سبق له توجيه سيل من الشتائم لا يمكن عرضها للعائلة، في مهرجان فني بكندا قبل سنوات قليلة، وحينها اتهمه ترمب بأنه «سكّير عجوز».
الحال أن «جُلّ» هوليوود يسارية الهوى، نصيرة للحزب الديمقراطي خصوصاً بنسخته الأوبامية وتوابعها البايدنية، هذا واضح جليّ، وهو امتداد لتاريخ قديم من التحيّزات اليسارية في هوليوود.
بالعودة إلى الكتاب الأميركي «هوليوود بين اليمين واليسار» فإن لدينا نجوماً من هوليوود كانوا من اليمين الجمهوري والسياسي وبعضهم وصل لمناصب عليا، مثل الرئيس الأميركي دونالد ريغان وحاكم كاليفورنيا أرنولد شوارزنيغر وغيرهما.
لكن الكثرة والزخم والصوت العالي والتنظيم هي لجماعة اليسار، فهوليوود كانت عبر التاريخ «عرين الليبراليين» كما قال المؤلف ستيفن روس في كتابه، من هنا فإنك بالخيار، أن تتعامل مع موهوب كبير ونجم لامع مثل دي نيرو، بوصفه فناناً فقط، أو أن تتعامل معه بوصفه ناشطاً سياسياً، هذا إذا كنت لا تميل لليسار وهواه، والعكس صحيح مع الفنانين المبدعين من أصحاب اليمين، إذا كنت لا تحب اليمين.
غير أن الأهمّ في ذلك كله، عدم تسويق المواقف السياسية، على العربات الشعبية الفنية، هذا ما يحاول فعله زعماء السياسة الديمقراطية اليسارية في أميركا، بكثرة، ويحاول فعله الجمهوريون، ولم ينافسوا خصومهم بعد في هذا الميدان.