بقلم - مشاري الذايدي
هل تصير مأساة ركاب الطائرة الأوكرانية المدنية، التي قصفها الحرس الثوري الإيراني فوق مطار طهران، سبباً مباشراً لتأديب النظام الإيراني؟
قتل بطريقة مفجعة 176 إنساناً بريئاً على متن هذه الطائرة، بصاروخ أطلقه غبي من أغبياء الحرس الثوري «الريفي» في إيران، ظناً منه، أن طائرة الركاب هذه، هي هدف عسكري أميركي؟!
لقد اعترف الحرس الثوري وحسن روحاني وظريف وحتى المرشد خامنئي بالجريمة، بعد مماطلة وإنكار، وبعد تأجيل، كما قال مغرد إيراني على «تويتر»، سببه الانشغال بتشييع «سوبرمان» النظام الإيراني، قتيل الغارة الأميركية «الحاج» أو الجنرال قاسم سليماني.
أصدرت إيران، بياناً، تعترف فيه بإسقاط طائرة الركاب الأوكرانية بصاروخ بعد تصاعد الضغوط الخارجية على طهران، لكن تعازي القيادة لأسر الضحايا لم تكن كافية في نظر بعض الإيرانيين، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.
وكالة «أنباء العمال» الإيرانية، شبه الرسمية، نقلت عن رجل الدين الذي وصفته بالمعتدل، علي أنصاري قوله: «إنها مأساة وطنية. والطريقة التي عولجت بها، والتي أُعلنت بها، من جانب السلطات أكثر مأساوية».
وجه النظام الإيراني «اللزج» محمد جواد ظريف، وزير الخارجية، علّق على جريمة الحرس الثوري تجاه الركاب المدنيين لهذه الطائرة، وهم من جنسيات متنوعة، كندية وغيرها، ملقياً ببعض اللوم في تحطم الطائرة على ما وصفه بـ«نزعة المغامرة الأميركية»، وردت عليه بيتا رزاقي في «تويتر» قائلة: «هذا هو خط النهاية أيها السيد الوزير! لقد هدمتم كل شيء».
لقدم هدمتم كل شيء... هذه عبارة وجيزة كالطلقة في كثافتها التعبيرية والشعورية، فوق أن القتلى الكثير منهم من أصول إيرانية يحملون جنسيات الدول الغربية التي أتوا منها، وهم أناس ناجحون و«هاربون» من النظام الإيراني كما قال جاستن ترودو رئيس الحكومة الكندية... فوق ذلك ومشاعر أهاليهم الإيرانيين، الجريمة مهينة لصورة الدولة الإيرانية كاملة، خادشة وجارحة لشعور الفخر القومي، يعني فوق أنها مأساة... هي غباء صاف غير ملّوث!
لقد كانت جريمة سابقة شبيهة بها، سبباً من أسباب «تطويع» وتأديب نظام العقيد الأخضر معمر القذافي، إنها مأساة طائرة لوكربي.
ففي 21 ديسمبر (كانون الأول) 1988 انفجرت طائرة البوينغ، التابعة لشركة بان أميركان أثناء تحليقها فوق بلدة لوكربي الاسكوتلندية، ونتج عن الجريمة مصرع 259 بريئاً من الركاب والطاقم و11 شخصاً من سكان لوكربي.
بعد سنوات عدة تحمّل القذافي المسؤولية، ودفع التعويضات، رغم أن معلومات لاحقة قالت إن المسؤول الفعلي عن الجريمة كان عملاء الحرس الثوري الإيراني، نفسه! لكن تلك قصة أخرى... جريمة الطائرة الأوكرانية، هل تجمع المتفرق من أهواء الدول الغربية تجاه النظام الإيراني الخميني؟
هل تكون هذه الدماء سبباً في رؤية النظام الإيراني كما هو... لا كما يقدمه الإعلام اليساري الغربي ونشطاء اليسار المهووس أمثال المخرج الأميركي مايكل مور؟
هذه الجريمة تكشف رثاثة وتخلف وإجرام هذا النظام... لكن هذه المرة تجاه جنسيات غربية وليس تجاه العرب... كالعادة.