بقلم -مشاري الذايدي
كتب خالد المالك، وهو رئيس تحرير صحيفة «الجزيرة» السعودية كما هو رئيس هيئة الصحافيين السعوديين، مقالة بعنوان «الاختناق المروري: هل من حلّ؟».
وهو يقصد الازدحام المروي بالعاصمة السعودية الرياض، الذي وصفه بأنه لا يطاق، مطالباً المرور السعودي بالكشف عن خططه لعلاج هذا الحال المزعج للجميع.
بالتزامن نشرت الكاتبة الكويتية إقبال الأحمد، وهي كانت رئيسة تحرير «وكالة الأنباء الكويتية» سابقاً، مقالة بجريدة «القبس» علّقت فيها على قرار جديد نشر في الصحف الكويتية، وطرح علاجاً لمشكلة الاختناقات المرورية، حيث ستُسحَب الرخصة من كل وافد لا يحمل شهادة جامعية أو إن كان راتبه أقل من 600 دينار.
الأحمد استدركت على هذا القرار باعتباره قراراً تعسفّياً: «يحمّل الوافد مسؤولية عجز وعدم قدرة الجهة المعنية عن دراسة موضوع الاختناقات المرورية بشكل فاعل وعلمي وجذري وموضوعي».
حسناً، في تقديري المتواضع، فإن الزيادة السكانية مع عدم لحاق شبكات الطرق - القديمة بتطويرها والحديثة بخلقها - مع عدم إطلاق شبكات النقل الحديثة (مترو باصات الخ) مع عدم الصرامة بتطبيق المخالفات المرورية مع عيوب سلوكية عامة، هي السبب «الرئيس» وليس الوحيد، في هذا «الاختناق» المروري حسب وصف عميد الصحافيين السعوديين خالد المالك.
لست خبيراً في هندسة النقل وتدفق الحركة المرورية، فهذا أمر له أهله، لكني أشاطر الناس الذين هم أرباب الطريق هذه الشكوى، إنما أريد التوقف عند مسألة رأيتها تتكرر بين الكويت والرياض، وهي تحميل غير المواطنين، مسؤولية الأزمة المرورية... فمن داعٍ إلى سحب رخص فئات منهم (كما في النموذج الكويتي) إلى داعٍ لتقليل وتحجيم عدد غير المواطنين، وتقنين حركة العمالة اليدوية بالسيارات المستهلكة (أو «القرنبع» كما يقال باللهجة المحليّة السعودية)، ومع أني أتفق مع وجوب تطوير حركة نقل العمّال بشكل حضاري وحديث... لكن هذا لا يعني تعزيز النزعة الشوفينية في التعامل مع البشر المقيمين بشكل قانوني على الأرض.
لدينا زيادة سكانية، وستستمر، سواء بين المواطنين أو غير المواطنين، فبحسب جريدة «الأنباء» الكويتية، فقد ذكرت هيئة المعلومات المدنية أن عدد سكان الكويت زاد بنهاية يونيو (حزيران) 2022 نحو 4.464 مليون نسمة، شكّل المواطنون 34 في المائة منهم بواقع 1.5 مليون مواطن ومواطنة، فيما يستحوذ الوافدون على 66 في المائة من جملة سكان الكويت بواقع 2.96 مليون مقيم ومقيمة. وفي تقرير نشر منتصف عام 2021 بـ«العربية نت» كشف تقرير صادر عن الهيئة العامة للإحصاء في السعودية، عن تخّطي سكان السعودية الـ35 مليون نسمة بنهاية النصف الأول من عام 2020، وتم تقدير نسبة السكان بتقرير منشور على منصة الهيئة العامة للإحصاء للسعوديين بـ63.8 في المائة، بينما شكّل غير السعوديين نسبة 36.4 في المائة.
من أهداف «الرؤية السعودية الكبرى 20 - 30» تنمية عدد السكان وجذب ملايين من غير السعوديين، لأهداف تنموية وعلمية وحضارية متنوعة.
صفوة القول، إن «إدمان» رمي المشكلات على غير المواطنين، هو سلوك يهرب من جوهر المشكلة، وهو سلوك، موجود بالمناسبة، في كثير من دول العالم أثناء فترات التحولات الكبرى أو الأزمات المعيشية... وأنا على يقين لا يشوبه شك أن الرؤية السعودية الجديدة ليست غافلة عن هذه المشكلة، وستعالجها من جذورها... المسألة مسألة وقت فقط.
هذه إشارة تنبيه لمحاسبة الذات قبل محاسبة الآخرين... والاعتصام بالمقولة الشهيرة «الحق على الطليان»... حين نريد الفرار من تحمّل المسؤولية.