في مواجهة التضخم لكي لا نُكرر أخطاء الماضي

في مواجهة التضخم... لكي لا نُكرر أخطاء الماضي!

في مواجهة التضخم... لكي لا نُكرر أخطاء الماضي!

 العرب اليوم -

في مواجهة التضخم لكي لا نُكرر أخطاء الماضي

بقلم: سلمان الدوسري

هناك أشياء في الحياة قدرها أنها لا تروى إلا كحقائق؛ العاطفة ليست جزءاً منها على الإطلاق. قد يكون بعضها موجعاً، لكن تجميلها يعتبر تزييفاً مضراً بأصحابه قبل غيرهم. الاقتصاد أحد أهم الأشياء التي حقائقها الأرقام، لا الرغبات والأماني.

أبرز قضية اقتصادية الآن، من وجهة نظري، هي التضخم. يعصف التضخم بكل العالم، بأرقامه الكبيرة، ويؤثر على أمزجة الناس قبل جيوبهم. الناس محقة في شكواها، فلا أحد منا يقبل بسعادة أن يدفع أكثر، مهما كانت المسببات. ارتفاع الأسعار لم يولد من الصدفة، فلقد جاء نتيجة عدة أحداث متنوعة ومتراكمة؛ منها: الإغلاقات الاقتصادية التي حدثت وقت جائحة «كورونا» ما تسبب في مشاكل ومعوقات في عمل سلاسل الإمداد العالمية، كما أسهمت حادثة انسداد قناة السويس في تفاقم المشكلة ذلك الوقت، إذ أدت إلى ازدحام الموانئ ونقص الحاويات وزيادة أسعار الشحن. بالإضافة إلى ما سبق، كان لدخول بعض الدول مراحل جديدة من حظر التجول، كما حدث في الصين مثلاً، دور رئيس ضاغط على الاقتصاد العالمي، ناهيك عن الأزمة الروسية - الأوكرانية، وأسباب أخريات لها نسبها المحددة في الصورة الأشمل للتضخم العالمي المزعج.
في الجانب المشرق من الفكرة، يمكن وصف التضخم في السعودية من الأقل عالمياً إن لم يكن الأقل تماماً، إذ لم يتجاوز 2.3 في المائة فقط، مع العلم أنه وصل في المملكة المتحدة إلى 9 في المائة و6.8 في المائة في كندا، و5.4 في المائة في سنغافورة... أما في نيوزيلندا فقد وصل إلى 5.9 في المائة. وهذه الأرقام تمثل الحقيقة، لا العاطفة التي تشبه ما يرغب الآخرون سماعه.
بحثاً عن الحلول؛ صندوق النقد الدولي دعا لحل مشكلات سوق العمل، من خلال رفع قيود الجائحة وتحفيز المنشآت على زيادة الأجور، والعمل في الوقت نفسه على معالجة نقاط الضعف في سلاسل الإمداد، وضرورة استجابة البنوك المركزية من خلال اتخاذ بعض الإجراءات لمكافحة التضخم. كل هذا لإيمانه الكبير بأنها مشكلة كبيرة، لا يمكن تجاوزها بشكل منفرد، وإنما بحلول تشاركية وجمعية.
المنتدى الاقتصادي العالمي، هو الآخر، طالب بالعديد من الإجراءات الإصلاحية التي تسهم وتساعد في خفض التضخم؛ كالضغط على الشركات لعدم المضاربة وتكديس السلع، وتسهيل الأعمال للمنتجين، وإبقاء الممرات التجارية مفتوحة وغيرها.
هذا العرض أعلاه، يثبت بالضرورة أن المشكلة عالمية، ورغم هذا الانتشار، فإن الإجراءات الرسمية السعودية كانت سريعة وسباقة، ما أدى لنتائج دقيقة، تتمثل في محدودية التضخم، مقارنة بالدول الأخرى، ويكفي هنا التنويه إلى أن السعودية استبقت مشكلة التضخم وتوقعات ارتفاع أسعار النفط بوضع سقف أعلى لسعر البنزين، وإلا لكانت الأسعار اليوم تزداد نظير ربط أسعار الطاقة بالأسعار العالمية.
كمراقب، ومهتم في الإعلام، تزعجني الآراء المبنية على تجييش العواطف الشعبية، عبر دعم الشائعات، وكذلك الترويج للأسعار المغلوطة. من خلال رصد صحافي شخصي، توصلت لنقطتين مهمتين؛ أولاً، معظم الأسعار المرصودة أقل بكثير مما يتداوله الناس لارتفاع نسب السلع... يتم صنع الأرقام المزيفة بعناية للعبث بقناعات الناس، ويروّجها غالباً ضحايا معتقدون بصحتها من دون أي تحقق. ثانياً، لا بد أن نعي بأن المرحلة - وإن صعبت - فتظل مؤقتة وليست دائمة، بحسب ما تعلمناه من الأزمات السابقة... وفي الوقت نفسه، لا يمكن للدولة السيطرة على ارتفاع أسعار عالمي له تعقيداته الاقتصادية، مع الانتباه لحرية السوق، ومعادلة العرض والطلب.
بالعودة لذاكرتنا القريبة، نجد أن الدولة واجهت تحديات غير مسبوقة عند انخفاض أسعار النفط قبل الرؤية، وهو الدرس الذي استفدنا منه لتجاوز الانخفاض وقت «كورونا» بسبب الإصلاحات الاقتصادية المنبثقة من «رؤية السعودية 2030»... ما يقضي بالضرورة للتعامل مع الأوضاع الحالية بحصافة كبيرة، وعدم الابتهاج اللحظي بأسعار النفط الحالية والإيرادات غير النفطية، من أجل العمل على مستقبل أكثر وضوحاً واستدامة، ويكون مضموناً للأجيال المقبلة.

arabstoday

GMT 05:42 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الصفحات الصفراء

GMT 08:57 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

حرية الصحافة!

GMT 08:54 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

أشغال شقة (الكوميديا) الطازجة!

GMT 08:51 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

أظرف ما فى الموضوع

GMT 08:47 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

سجال فتح وحماس

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في مواجهة التضخم لكي لا نُكرر أخطاء الماضي في مواجهة التضخم لكي لا نُكرر أخطاء الماضي



الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

القاهرة - العرب اليوم

GMT 11:37 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 21

GMT 12:44 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 11:37 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 22

GMT 03:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 05:37 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 18:19 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

بيروت - جاكلين عقيقي

GMT 05:57 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 03:27 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 05:32 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الثور السبت 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 03:22 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 05:44 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج السرطان 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 03:17 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 05:51 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 06:01 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الميزان 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 22:39 2023 الثلاثاء ,02 أيار / مايو

مبابي يُفاجئ باريس سان جيرمان بخطوة جريئة

GMT 04:33 2023 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 18 أبريل / نيسان 2023
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab