رجال السكينة

رجال السكينة

رجال السكينة

 العرب اليوم -

رجال السكينة

بقلم:سمير عطا الله

كان سليم الحص واحداً من ثلاثة رؤساء حكومة متشابهين في العالم العربي: عبد العزيز حجازي في مصر، وعبد الرحمن اليوسفي في المغرب، وهو في لبنان. ثلاثتهم من جذور متواضعة، الثلاثة رجال علم واختصاص في الاقتصاد، وثلاثتهم نزاهة وترفُّع بلا حدود. إذا كان لا بد من أول بين هؤلاء السادة المتساوين، فإن لبنان لم يعرف في كل تاريخه سياسياً في نقاء سليم الحص. بمن فيهم فؤاد شهاب وريمون إده، لأنهما تعاطيا السياسة أحياناً بأغراض شخصية. لم يقع سليم الحص مرة في هذا الخلل.

كان سليم الحص فقير العائلات البيروتية. يتيماً. تعطيه أمه نصف قرش «مصروف الأسبوع». وفي ذلك البيت المتواضع انكبَّ على الدرس وأصبح طالباً في الجامعة الأميركية، ثم أستاذاً، ثم وزيراً، ثم رئيس وزراء، ثم مواطناً عزيز النفس، عالي الكرامة، قلعته أخلاقه.

القاعدة العامة في لبنان أن السياسي الذي يُعطى الجاه يطلب المال، والذي يُعطى المال يطلب الاثنين، والذي يُعطى الاثنين يطلب المزيد. هو، سليم الحص، لم يطلب ولم يزد، لا أفسدَ ولا أُفسد. خصومه وأصدقاؤه كانوا يتبرمون منه لأنه «حرف لا يقرأ»؛ لا وساطة، ولا صداقة، ولا قربى ولا نفوذ.

داخل الحكم وخارجه، كان الحص واحداً، رجلاً رضياً هادئاً، صلباً ومليئاً سكينة وطمأنينة. لم ينتسب إلى حزب أو جماعة أو تكتل في بلد محشو بالرايات المتضاربة والمتحاربة. وكان يحفظ مال الدولة كأنه مال الأيتام. وبين الذين نعوه بالبكاء «دار الأيتام الإسلامية»، أنه من أجل أيتامها فقط كان يمكن أن يخالف عادةً من عاداته أو طقساً من طقوسه. وهذا الرجل الصلب كان إنساناً طيباً وفي غاية الظرف، محباً للنكتة، مفتوناً بالدعاية، ولا يمانع إطلاقاً في أن تذبح أمامه خصماً من خصومه شرط أن يكون الشوك من النوع الذي لا يدمي. وكان قارئاً ومثقفاً وأصيلاً عميقاً في عروبته.

كان نموذجاً صعباً في لبنان. ليس من قلة الأوادم والشرفاء، وإنما لأن العمل السياسي محنة يومية تهد الحصون. ومن يتغلب عليها فكأنه أحدث معجزة.

 

arabstoday

GMT 07:58 2024 الخميس ,29 آب / أغسطس

سعودي يتعلم الصينية... على سنّة أجداده

GMT 07:54 2024 الخميس ,29 آب / أغسطس

الفراعنة في كورتونا بإيطاليا

GMT 07:53 2024 الخميس ,29 آب / أغسطس

الجمل بما حَمَل في ليبيا

GMT 07:51 2024 الخميس ,29 آب / أغسطس

حول الحروب... ومحاولات التثوير

GMT 07:49 2024 الخميس ,29 آب / أغسطس

محنة «تلغرام»

GMT 07:47 2024 الخميس ,29 آب / أغسطس

«لو كنت أعلم»!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رجال السكينة رجال السكينة



جمانا الراشد تتألق بإطلالة تجسّد الرقي والتميّز في مهرجان البندقية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 16:10 2024 الأربعاء ,28 آب / أغسطس

إلهام شاهين تتعرض لانتقادات حادّة وتردّ

GMT 12:12 2024 الأربعاء ,28 آب / أغسطس

نصائح لاختيار طاولة الطعام المناسبة لمنزلك

GMT 07:36 2024 الأربعاء ,28 آب / أغسطس

هل يمكن لمصر التصالح مع «الإخوان»؟

GMT 12:00 2024 الأربعاء ,28 آب / أغسطس

موضة ديكورات المنزل في موسم خريف 2024

GMT 07:37 2024 الأربعاء ,28 آب / أغسطس

القفز من العمارة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab